بيان حال خطيب النمسا (11) إشارة القرآن الكريم إلى الدجال كتبه طارق الحمودي

زعم عدنان أن القرآن لم يتكلم عن فتنة الدجال وتكلم عن فتنة المال والأهل والولد مع أنه أعظم فتنة منها جميعا.
وقد أخطأ الأستاذ هنا خطأين :أولها أنه لا يلزم الله شيء؛ وليس هذا القياس بلازم لله تعالى عن إلزام أحد علوا كبيرا. وعدم التنصيص عليه في القرآن له لابد أنه لحكمة إلاهية بالغة.. علمها من علمها وجهلها من جهل!!
ثانيا: أن الله تعالى قد أومأ إلى فتنته فقال تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ، يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)، وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم. فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال ودابة الأرض).

فتح القسطنطينية وخروج الدجال
استغرب الأستاذ عدنان أيضا ما صح في الأحاديث أن يكون ظهور الدجال مع فتح القسطنطينية محتجا بكون القسطنطينية فتحت زمن الأتراك.. على يد محمد الفاتح ومع ذلك لم يظهر الدجال.
وأصرح حديث في الباب ما رواه مسلم (2897) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية. فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم. فيخرجون وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج. فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته).
ومثله ما رواه مسلم (2920) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر، وجانب منها في البحر؟ فقالوا: نعم يا رسول الله. قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحق؛ حتى إذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم فيقولون: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها؛ ثم يقولون الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولون الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر، فيفرج لهم فيدخلونها فيغنمون؛ فبينما هم يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ أن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون).
فإن كان الأستاذ قد وقعت عيناه على هذا الحديث الثاني، فإما أن يكون رأى قوله عليه الصلاة والسلام (فلم يقاتلوا بسلاح) وإلا أن لا يكون فعل.. وأحلاهما مر كطعم العلقم!!
ففتح الترك كان بالمدفعية الثقيلة.. وهذا الفتح فتح ثان مختلف تماما.. فإنه لا يكون بسلاح. وما المانع من وقوع القسطنطينية مرة أخرى في يد الروم أو غيرهم..؟!
فلا قيمة لاستنكاره.. واحتجاجه بوقوع فتح القسطنطينية ساقط البتة…! فالفتح الأول مختلف عن الفتح الأخير!
ولذلك قال أنس رضي الله عنه: (فتح القسطنطينية مع قيام الساعة). رواه الترمذي عنه (2239) وصحح إسناده العلامة الألباني في صحيح الترمذي. ومثل هذا لا يكون إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يستطيع عدنان أن يجزم أنه لن يكون هناك فتح للقسطنطينية مرة أخرى، والذي يعني أنها سترجع إلى يد المشركين، فإن الأيام دول، ولا يعلم الغيب إلا الله!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *