إيجابيات شهر الصيام

د. البشير عصام: بعض أعداء الدين يحاولون أن يضخموا صورة السلبيات الاجتماعية في رمضان ليتخذوا ذلك مطية إلى إلغاء جوانبه الإيجابية

ينبغي التمييز بين الشهر بمعناه الديني كما ينبغي أن يكون، وبين الشهر بمعناه الاجتماعي كما يمارسه أغلب الناس! وانطلاقا من عدم التمييز بين هذين، يحاول بعض أعداء الدين أن يضخموا صورة السلبيات الاجتماعية التي تظهر خلال شهر رمضان، ليتخذوا ذلك مطية إلى إلغاء الجوانب الإيجابية الكثيرة، والتي يمكنني أن أستحضر منها على الخصوص:
• الإقبال الكثيف على العبادة -بواجباتها ومستحباتها- خاصة قراءة القرآن وصلاة التراويح.
• الاعتناء بالعمل الخيري، فرديا كان أو منظما.
• كثرة السؤال عن الفتوى، ومسائل العلم الشرعي، والإقبال على دروس الوعظ والعلم.
• قلة التبرج والعري، واندثار بعض المحرمات الظاهرة من الشوارع.
وفقنا الله لحسن صيام هذا الشهر وقيامه.

بخلاف الشهور الأخرى؛ يتميز رمضان بخصائص وإيجابيات لا تنعكس على الفرد فحسب بل على المجتمع برمته.. فكيف نقيم إيجابيات هذا الشهر الكريم؟
توجها بهذا السؤال إلى عدد من المختصين بعلوم الشريعة فكانت إجابتهم على هذا النحو التالي:

د. رشيد بنكيران: رمضان له إيجابيات لا ينكرها إلا جاهل أو مغرض
يعد شهر رمضان المبارك من الشهور المتميزة لدى المسلمين، وذلك لما يحدثه من تغيير إيجابي يتعلق بالفرد والمجتمع، وتتجسد مظاهر هذا التغيير الإيجابي في عدة جوانب حياتية يمكن أن نسجل منها ما يأتي:
1ـ إيجابيات على المستوى النفسي: لا يخفى ما يلقاه المسلم -وهو يكابد صعوبة الحياة اليومية- من ضغوط نفسية قوية، فيكون في أمس الحاجة إلى حدث يكسر رتابة الأيام، وإلى دورة نفسية تخفف عنه ما يشعر به من توتر نفسي.
وشهر رمضان بما يحمل معه من عناصر نافعة لموضوع حاجة هذا الإنسان، فإنه يحقق له التغيير الإيجابي المنشود، إذ تكون له الفرصة فيه أكثر في مخاطبة نفسه ومحاورتها بالمناجاة مع الله عز وجل، الذي هو وليها ومولاها وخير من زكاها.
وكذلك يسهم شهر رمضان المبارك في الخروج من الضيق النفسي الذي تحدثه رتابة الحياة اليومية بما يفرضه دخول رمضان من خلق نمط جديد متغير على باقي الشهور الأخرى.
2 ـ إيجابيات على المستوى الاجتماعي: يشكل حلول شهر رمضان الفضيل على المسلمين نقلة نوعية تصاعدية في السعي نحو التكافل الاجتماعي، فتظهر مشروعات تكافلية عظيمة تجسدها مصطلحات؛ مثل قفة رمضان، والإفطار الجماعي، وخدمة الصائم، وهذه الأعمال الخيرية التطوعية وغيرها تدفع نحو وجود مجتمع متماسك تسود فيه الرحمة والشعور بالإنسانية ومحاربة غلو الأنانية.
3 ـ إيجابيات على المستوى التربوي: ما أكثر ما ينصح العلماء المختصون في مجال التربية الأسرية من ضرورة وجود التقارب بين الآباء والأبناء أو بين الأجيال، وأن هذا الأمر يعد شرط في صناعة الإنسان السوي والجيل الرائد، وشهر مضان المعظم يحقق نوعا من التقارب المطلوب، فتجد الآباء يصطحبون أبناءهم وهم يقبلون على صلاة التراويح، كما يشكل احترام واجب الحضور إلى مائدة الإفطار من الوسائل التي تساعد على إيجاد هذا النوع من التقارب الإيجابي.
4 ـ إيجابيات على المستوى الإيماني: يعد هذا المستوى من أوضح المستويات للجميع، فترى بدخول شهر رمضان المبارك الإقبال المتزايد على مظاهر الإيمان من صلاة وذكر وقراءة القرآن ومحاسبة النفس..، ولاشك أن هذه المظاهر الإيمانية تربط المسلم المغربي بهويته وجدوره الأصلية، فيتقوى بذلك على مدافعة الدخيل الماكر الذي يتربص به فكريا فيسعى إلى مسخه، ويتربص به أمنيا فيسعى إلى اختراق أمنه، ويتربص به اجتماعيا فيسعى إلى إحداث تصدع اجتماعي في داخله.
فهذه بعضٌ من الإيجابيات التي يسهم في توقيعها شهر رمضان الكريم، وما لم يذكر من إيجابياته الكثير والكثير، لأنه نعمة ربانية، وشأن هذه النعم يصعب الإحاطة بكل جوابنها، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، ولن يكابر في وجود هذه الإيجابات إلا جاهل يجب أن يعلّم، أو مغرض منافق فعليه من الله ما يستحق.
وما يذكر أحيانا من سلبيات قليلة بحلول شهر رمضان تتعلق بجانب الاستهلاك المتزايد للمواد الغذائية، فهي فليس منه ولا يدعو إليها شهر رمضان، بل هديه فيها أن يكون شهر رمضان أقل الشهور استهلاكا، وهذا يحتاج فقط لمزيد توعية الناس بهذا الأمر ومحاربة التقاليد الفاسدة.

الشيخ الكتاني*: رمضان عند المغاربة مقدس
الحمد لله و الصلاة و السلام على الحبيب محمد وآله
يعتبر شهر رمضان بالنسبة لمجتمعاتنا الإسلامية وخاصة في المغرب موسما مقدسا، حتى إن الناس قد يتركون الكثير من الفروض ويرتكبون الذنوب الكبيرة لكنهم يستفظعون الإفطار في رمضان علانية ويرون ذلك من أفجر الفجور وأكبر الذنوب، وما هذا إلا من بقايا التدين وتعظيم حرمات الله في قلوبهم.
وأيضا من الأمور التي يحرص عليها الناس في رمضان صلاة الفرائض في المساجد والاهتمام بصلاة التراويح جماعة فإذا اتفق أن يكون الإمام حسن الصوت كان ذلك أكثر تأثيرا في الناس.
ومن الأمور الطيبة التي نراها في رمضان إقبال الناس على كتاب الله تعالى حفظا وقراءة وإقبالهم على اللباس الإسلامي المحتشم، ومنها التكافل الاجتماعي الذي نراه بين الناس وكثرة الصدقات على المحتاجين.
والحق أن هذه المحاسن لا تعني عدم وجود نقائص في الناس وأمور قد يعدها آخرون من النفاق الاجتماعي ولكني أعدها من بقاها هيبة الدين في القلب، مثل إقبال تاركي الصلاة على الصلاة وقطع شاربي الخمر لشرابهم قبل رمضان بأربعين يوما وتستر بعض المتبرجات.
ولعل الله يرحم أولئك القوم المعظمين لشهر رمضان فيوفقهم لتوبة نصوح ورجوح حقيقي للدين واستقامة عليه، ولعل مصليا يتأثر بقراءة قارئ أو درس شيخ أو محاضرة أستاذ فيكرمه الله بسعادة أبدية في الدنيا والاخرة.
قال تعالى: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* رئيس الهيئة العالمية للاحتساب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *