المركز الثقافي الإسلامي بأوترخت تجربة رائدة وعمل ميداني لترسيخ الوسطية وقيم المواطنة هوية بريس – عابد عبد المنعم المركز الثقافي الإسلامي في سطور

أسس المركز الثقافي الإسلامي بمدينة أوترخت هولندا فاتح يناير 1983، حيث تم شراء المبنى الذي كان في بداية الأمر كنيسة كاثوليكية تم بناؤها سنة 1967. ولم يكن آنذاك في مدينة أوترخت سوى مسجد واحد صغير لا يسع لأكثر من 100 شخص.

وقد تم تأهيل المبنى ليصبح مسجدا، وأعدت المرفقات الضرورية للمسجد، كما تم تحويل جزء من المبنى إلى أقسام دراسية لتأطير أبناء الجالية.

وأطلق على مبنى المركز الثقافي الإسلامي اسم مسجد عمر الفاروق، ومنذ ذلك الحين والمركز منارة تشع نورها في جميع أنحاء المدينة، يتوافد عليه عدد كبير من سكان المدن والقرى المجاورة لأداء صلواتهم وشعائرهم الدينية.

تجدر الإشارة أن مسجد عمر الفاروق يديره ذ.عبد المجيد خيرون إبن مدينة الشاون، ويخطب فيه الجمعة الدكتور رشيد نافع الصنهاجي المغربي ويقيم به أيضا دروسا منذ سنة 1985، ويعمل المركز لخدمة القضايا الإسلامية والوطنية.

 

ونظرا للتطورات المتتالية على الساحة السياسية والاجتماعية أصبح النظر إلى المراكز الثقافية والمؤسسات الدينية في أدبيات المجتمعات الغربية أنها شريك وفاعل أساسي في منظومة السياسات التي تتعلق بالجاليات الإسلامية دينيا وثقافيا وتربويا، لما تضطلع به من أدوار فاعلة ورائدة في تدبير شؤون هذه المؤسسات وجعلها فضاء جذابا لطلب الدعم والاستشارة في مجالات شتى، والتي تصب في مصلحة هذه المجتمعات والاندماج، وخصوصا من منظور إسلامي وما يترتب على ذلك في العملية التربوية، وتكريس روح المواطنة ومبادئ التضامن والتآزر والأخلاق الفاضلة…

هذا ويشارك المركز ضمن الجمعيات والهيآت الحكومية وغير حكومية من المجتمع المدني، من خلال عضويته بهذه المؤسسات، مما مكنه من المساهمة في المجهودات الرامية إلى الرفع من مستوى أداء الجالية المسلمة، ولا سيما ما يتعلق بالتعليم والعمل والاندماج، والبعد عن فكر الغلو والإرهاب والتطرف بجميع اشكاله.

حيث ينتهج المركز الثقافي الإسلامي بأوترخت الوسطية والاعتدال والحوار المستمر في برامجه وأنشطته، مما جعله قبلة لكل من يبحث عن برامج بناءة تساعد على تربية الناشئة ودعم الكبار والاهتمام المستمر بالمرأة المسلمة وتكوينها تكوينا جيدا يساعدها على تحمل المسؤولية المسندة اليها.

إضافة إلى ما ذكر فالمركز يمد جسور التواصل مع المدارس والإعداديات والثانويات وكل من يتفاعل فيها من أطر إدارية وتربوية، ويشارك في ترقية المؤسسات والمراكز التي لها نشاط تربوي تعليمي وتأهيلها عبر مشاريع وبرامج واضحة المرامي والأهداف.

فالمركز الثقافي الإسلامي، وإيمانا منه بالرسالة السامية للدعوة إلى الله أولا، ثم تربية الناشئة على حب الدين والوطن ثانيا، سعى وبجهود وإمكانيات متواضعة إلى تبني هذه الثقافة الجديدة التي تنظم العمل المؤسساتي الدعوي التربوي، ويحرص على الانخراط في حياة المجتمع بمدينة أوترخت خصوصا وفي هولندا عموما رغم الإكراهات الإعلامية التي تعترض سبيل العمل الإسلامي، ورغم ذلك كله استطاع أن يتدخل ويشارك ي مختلف الشؤون والتدابير…

من أهداف المركز

 أكد المركز في ورقة له أنه تمكن من تحقيق عدد من الأهداف التي سطرها، ومنها:

• الدعوة إلى الله من خلال المحاضرات بلغات مختلفة والكتب والمطبوعات واللقاءات والزيارات والعلاقات.

• دعوة واستضافة عدد من العلماء والخطباء والشخصيات الإسلامية البارزة للمشاركة في البرامج والمجالس والمؤتمرات التي يقيمها المركز.

• المشاركة في الندوات والمؤتمرات الإسلامية والحوار الإسلامي المسيحي وعرض فكرة التمسك بالوسطية في كل شيء، ومتابعة التوجهات والتحولات الفكرية على الساحة الأوربية والدولية.

• وضعت مكتبة المركز التي تضم أمهات الكتب والمراجع الإسلامية، وخاصة المؤلفات التي تعرض فكر الوسطية ومبدأ أهل السنة والجماعة رهن إشارة الطلبة والباحثين.

• ترجمة بعض المنشورات والمراجع العقائدية والفكرية والثقافية إلى اللغة الهولندية.

• الاتصال بالجامعات الهولندية والمراكز الإسلامية داخل هولندا وخارجها، وكذلك وسائل الإعلام والصحف، وشرح موقف ورأي الإسلام من القضايا والمشاكل والأحداث.

• المشاركة في إصدار مجلة باللغتين العربية والهولندية.

• الإيفاء باحتياجات المسلمين في قضايا الأحوال الشخصية والأحكام الشرعية وقضايا الدفن وتحديد بداية الأشهر القمرية. حيث يعد المركز الواسطة لربط المساجد والمؤسسات التي توجد بأوترخت ونواحيها.

• إعداد برامج تربوية حديثة للأطفال لترسيخ الاتزام بالدين والخلق الإسلامي وإدخال السبورة الذكية في طرق التعليم بالمركز سواء في اللغة العربية أو دروس الدعم المدرسي.

• تهيئة الظروف للنشاطات النسوية للاهتمام بالمرأة المسلمة في الغرب وتأطير الفتيات، وفتح المركز أمام كل نشاط أو برنامج يساعد على الرقي بمستوي المرأة وتكوينها تكوينا عصريا يساعدها على القيام بواجبها وتربية أبنائها.

انخراط المركز الثقافي الإسلامي بأوترخت في مجالات عدة منها:

أولا: المجال الأمني

– الدعوة إلى محاربة الإرهاب والعنف والتطرف بجميع أشكاله في بعديه الجسدي والمعنوي، خاصة بعد أن طغت ظاهرة تجنيد الشباب والزج بهم في مناطق التوتر التي تدور بها حروبا طائفية طاحنة ذهب ضحيتها الشباب التي تم استقطابهم عن طريق الإنترنت أو عن طريق دعاة الغلو والذين نجحوا إلى حد ما في تجنيد أكثر من 330 شاب من هولندا، و350 من بلجيكا، و900 من فرنسا التي أخذت حصة الأسد.

ثانيا: المجال الاجتماعي

– تقديم الدعم الاجتماعي لزوار المركز من جميع الفئات بما فيهم المعوزين والتنسيق مع جهات مختلفة تعمل على دعم الأسر الفقيرة وتخفيف العبء عليها وتمكينها من التغلب على هذه المأساة بتوزيع القفة الغذائية عن طريق بنوك التغذية التي تضاعف عددها 30 مرة في السنوات القليلة الأخيرة، إضافة إلى تمكين كثير من الأطفال الذين يعيشون مشاكل أسرية كالطلاق والإهمال الأسري من متابعة دروسهم بالمركز وإعطائهم اهتماما خاصا.

ثالثا: البنيات الأساسية

إحداث فضاء احتواء تربوي متميز والقيام بإجراءات معالجة ظاهرة غياب التلاميذ، وتشجيعهم على متابعة دروسهم سواء بالمركز أو بالمدارس الذي يندرجون في سلكها، بانتهاج أسلوب التحفيز وتقديم الجوائز التي توزع عليهم بين حين وآخر، إضافة إلى توفير الحواسيب الصغيرة لكل طفل تساعده على التعلم بطرق حديثة ومتميزة، وفتح مكتبة صوتية لتحفيظ القرآن الكريم والقيام بالبحوث للتلاميذ في الصفوف المتنوعة بالإعداديات والثانويات.

رابعا: المجال التربوي

إنجاز لقاء تواصلي باستمرار مع جمعية الآباء، ثلاث مرات في السنة، يتم خلالها التحسيس بأدوار الأمهات وآباء وأولياء أمور المتعلمين، وإشراكهم في اتخاذ القرارات التي تهم المؤسسة التربوية… وقد خلف هذا القرار أصداء محمودة للغاية، مع سنة التواصل المناسباتي الذي تقتديه حالات خاصة، مجالس انضباط، حالات تربوية أو اجتماعية أو صحية أو نفسية.

ـ تم إحداث قسم دروس التقوية بالمركز يقدم دعم تربوي يشمل أطفال الصف السابع والثامن من التعليم الأساسي وصفوف الإعدادي في مواد الرياضيات والكيمياء والفيزياء واللغة الهولندية واللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *