حديقة الحيوانات بالرباط.. جمالية المنظر وتهميش لقاعة الصلاة عبد الله مخلص

تعد حديقة الحيوانات بالرباط أكبر حديقة بالمغرب، وقد شيدت على مساحة 50 هكتارا، وفق نمط هندسة معمارية حديثة ومعايير دولية، وقد بلغ حجم الاستثمار لتشييد هذه الحديقة 430 مليون درهم، كما تتراوح طاقتها الاستيعابية ما بين 900 ألف ومليون زائر سنويا.

وبالرغم من ارتفاع ثمن التذاكر، وبُعد الحيوانات عن الزوار وقلَّتها، وفقدان أنواع أخرى كانت متواجدة بالحديقة السابقة، إلا أن هذه الحديقة تعد فضاء إيكولوجيا متميزا، ويشهد كثير ممن زارها بتميزها.

لكن المثير فعلا والذي يدعو للاستغراب والدهشة هو عدم تخصيص مسجد للصلاة بهذا الفضاء الذي يزوره سنويا -وفق موقع الحديقة- قرابة مليون زائر، معظمهم يقضي بها أكثر من أربع ساعات، ما يضطره إلى صلاة الظهر والعصر في الغالب الأعم.

فلوحات التشوير ترشد الزائرين إلى جميع المرافق: فضاء ألعاب الأطفال، والمطاعم، والضيعة التعليمية، وأبواب الدخول والخروج، وقرية الاستقبال، وحتى المراحيض، لكن المسجد الذي يقصده عدد كبير من الزوار فلا إشارة ترشد إليه، وغير حاضر بتاتا في تصميم الحديقة.

وهو الأمر الذي أثار استغرابي ودفعني لأسأل بعض الحراس عن مكان معدّ للصلاة، فأرشدوني إلى مكان متطرف في جوانب الحديقة، توجهت فورا صوبه، لكنني لم أهتد إليه بسهولة، ما اضطرني إلى السؤال مرة أخرى عن قاعة الصلاة، لتطالعني بعد ذلك لوحة خشبية قديمة مختلفة تماما عن اللوحات الأخرى مكتوب عليها “قاعة الصلاة”.

سلكت رفقة عائلتي ممرّا ضيقا بجوار لوحات قزديرية لنصل في نهاية الممرّ إلى غرفتين نالت منهما الرطوبة، وفُرشت بهما بعض الزرابي القديمة ليؤدي فوقها الزوار ثان ركن من أركان الإسلام!!

فمصممو الحديقة لم يضعوا في حسبانهم إطلاقا بناء مسجد ليصلي فيه الزوار، ولم يخصصوا طبعا مكانا للوضوء ولم يراعوا حتما خصوصية المرأة.

وهو ما يطرح سؤال مركزية الصلاة عند صناع القرار والمشرفين على بناء وتسيير هذه المؤسسات الوطنية؟ وهل تتابع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المنوط بها السهر على الأمن الروحي للمواطنين، توفير أماكن للعبادة داخل المؤسسات الوطنية؟

فالدولة وفي إطار القانون ملزمة بتوفير أماكن الصلاة للمواطنين، وإذا كانت الحديقة الوطنية تستقبل قرابة مليون زائر سنويا، فأين سيصلي هؤلاء؟

ألم يُشعِر المندوبُ الوزارةَ بحاجة رواد هذا الفضاء إلى مسجد يستقبل الوافدين ويحترم خصوصيات المرأة؟

كيف يعقل أن تخصص قاعة لأعياد الميلاد ولا يخصص مسجد ولو صغير لأداء الصلاة؟

نرجو من القائمين على هذه المؤسسة أن يتداركوا هذا الخطأ الفادح، ويعجلوا ببناء مسجد بهذه المعلمة الوطنية، فعيب وعار أن يفِدَ زوارٌ من داخل الوطن وخارجه ويسألوا في دولة ينص دستورها على “إسلامية الدولة” عن المسجد، فيتم إرشادهم إلى هذا المكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *