من هو الإمام مالك؟

وُلِد الإمام مالك بن أنس في خلافة سليمان بن عبد الملك، في المدينة المُنوّرة، وكان مولده بعد أن انتقل جدّه أو أبو جدّه من اليمن إلى الحجاز، وكانوا ينتمون إلى ذي أصبح من اليمن، من أسرة فيها الأب والجدّ وأب الجدّ جامعون لحديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقد اختلف العلماء في مولده، ولكنّ الأشهر عندهم أنّه وُلِد سنة 93 من الهجرة.
ووفق موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فقد كان كان الإمام مالك حريصاً على تلقّي العلم من العلماء الكبار، وقد منحه الله -سبحانه وتعالى- مواهب تُعينه على طلب العلم؛ أهمّها الحفظ والفهم، في وقتٍ ساء فيه حفظ الناس؛ فقد كان -رحمه الله- يذهب إلى سعيد بن المسيب، وعروة، والقاسم، وحميد، وغيرهم، يسمع من كلّ واحد منهم نحو خمسين حديثاً إلى مئة، ثمّ ينصرف وقد حفِظها من غير أن يخلط بينها، ولم يعتمد على ضبط صدره فقط فيما يرويه، بل اعتمد على الكتابة أيضاً، فقد رُوِي عنه أنّه قال: كتبتُ بيدي نحو مئة ألف حديث.
لم يقتصر الإمام مالك على علمَي الحديث والفقه، فقد برع في القرآن الكريم، وتفسيره، وتجويده وقراءته، وكان خبيراً في علم الكلام، وعلم الفلك؛ فله كتاب يبحث في علم النجوم، وحساب الزمان، ومنازل القمر، وكان كذلك أديباً وكاتباً ولغوياً.
وله في ذلك كتب عديدة أهمها:
كتاب الموطّأ وهو أكثر الكتب شُهرةً عنه.
كتابه في النجوم وحساب مدار الزمان ومنازل القمر.
رسالته في الأقضية.
رسالته في الفتوى.
رسالته إلى هارون الرشيد في الآداب والمواعظ.
كتابه في التفسير لغريب القرآن.
كتاب السِّيَر من رواية القاسم عنه.
مبدأ الإمام مالك في الفقه هو ذاته مبدأ أهل الحجاز، وقد بنى مذهبه على نصّ القرآن الكريم، وظاهره، وعمومه، ومفهومَي المخالفة والموافقة، والتنبيه على العلّة، وعلى السُّنة النبويّة، والإجماع، والقياس، والاستحسان، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابيّ، وسدّ الذرائع، أمّا فيما يخصّ مراعاة الخلاف فقد كان الإمام مالك يراعيه مرّةً ولا يراعيه في الأخرى، وكلُّ تلك الأمور من أصول مذهب الإمام مالك التي قام عليها فقهه.
تعرض مالك لمحنة شديدة في إمارة جعفر بن سليمان بن علي العباسي أمير المدينة سنة 147هـ فقد وشي إليه بأنه يرى أن أيمان البيعة ليست ملزمة إذا كانت بالإكراه بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس على مستكره طلاق)، فنهي عن رواية هذا الحديث فلم ينته، فأمر به فجردت ثيابه وضرب سبعين سوطاً، وحلق شعره، وحمل على بعير وقيل له: ناد على نفسك، فقال: ألا من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس أقول: طلاق المكره ليس بشيء، فقال جعفر بن سليمان: أنزلوه. وما زال بعدها في رفعة وعلو. قال الذهبي: هذا ثمرة المحنة المحمودة، أنها ترفع العبد عند المؤمنين.
وتوفي مالك رحمة الله صبيحة يوم الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة 179ﻫـ في خلافة هارون الرشيد، ودفن بالبقيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *