أي تربية جنسية ينادي بها العلمانيون في المغرب؟ إبراهيم الوزاني

يدعو العلمانيون في مناسبات عديدة خلال معالجة قضايا من قبيل ظاهرة انتشار السيدا، وقضية الإجهاض، ومحاربة الأمراض المنتقلة جنسيا المنتشرة في صفوف من يمارسون الدعارة والزنا..، إلى تعميم تعليم التربية الجنسية وترسيمها في مقررات التلاميذ، فعن أي تربية جنسية يتحدث العلمانيون؟
في البداية “يجدر بنا أن نوضح مفهومين رئيسين: الأول “الإعلام الجنسي”، والثاني “التربية الجنسية”.
الإعلام الجنسي هو إكساب الشخص (الطفل هنا) معلومات معينة عن موضوع الجنس، أما التربية الجنسية فهي أشمل وأعم، حيث تشمل الإطار القيمي والأخلاقي المحيط بموضوع الجنس باعتباره المسئول عن تحديد موقف الشخص من هذا الموضوع في المستقبل” منى يونس مقال “التربية الجنسية”.
لكل ثقافة وتربية تعاليمها وقيمها، تختلف باختلاف مصدرها ومرجعيتها، فهل التربية الجنسية تعني تلقين أبنائنا كيفية اجتناب العلاقات الجنسية المحرمة، مع التزام العفة والفضيلة والشرف؟ أم هي تعليمهم ثقافة تضمن ممارسة العلاقات الجنسية المحرمة (زنا-لواط-سحاق) مع تحري شروط الوقاية تجنبا للأمراض الجنسية وتفاديا لتبعات الحصول على الشهوة الحرام كالحمل والولادة؟
لا شك أنها بالمعنى الأول مطلوبة مرادة، فقد بين الإسلام آدابها، ورسم خطوطها التي تقي الفرد المسلم من الأمراض والانغماس في الرذيلة، نضيف إليها الجانب الطبي السليم، فالتربية الجنسية هي عدم الاقتصار على المعلومات الفسيولوجية والتشريحية، ..بل لا بد فيها من إدراج أبعاد أخرى كالبعد الديني، وذلك بشرح الأحاديث الواردة في هذا الصدد، مثل سؤال الصحابة الكرام له صلى الله عليه وسلم: “أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر” (رواه مسلم). بمعنى أن لا نغفل بُعد الشهوة في الحديث، ولكن يربط ذلك بضرورة ممارسة هذه الشهوة في إطارها الشرعي (الزواج) حتى يحصل الأجر من الله تعالى.
وأما التربية الجنسية حسب المرجعية العلمانية، نبينها بنقل بعض كلامهم حتى نعي حقيقة مرادهم من مفهومها، ففي جريدة أخبار اليوم العدد:55 حسب شفيق الشرايبي رئيس جمعية محاربة الإجهاض السري: “وتسعى جمعية محاربة الإجهاض، التي تأسست في أكتوبر الماضي، إلى دعم التربية الجنسية والتخليق، فضلا عن تشجيع موانع الحمل داخل إطار الزواج وخارجه”، ويلاحظ أن الشرايبي وأمثاله لا يفرقون بن ممارسة الجنس داخل مؤسسة الزواج أو خارجها، حيث صرح أن جمعيته “تفتح المجال أمام إمكانيات الحديث عن التربية الجنسية داخل الأسرة والمدرسة والجمعيات، من أجل التحذير من الحمل خارج إطار الزواج، وما ينتج عنه من عواقب”..، فحسب الشرايبي ضرورة التربية الجنسية تكمن في تعلم الوقاية من حصول الحمل خارج إطار الزواج، وهو ما يفيد حصول علاقات جنسية خارج إطار الزواج، فهل هذه هي التربية الجنسية المطلوب تعليمها للمغاربة المسلمين الذين يحرم دينهم الزنا والخنا؟
و لأن الفكر العلماني يقدس المواثيق الدولية وثقافة حقوق الإنسان، نورد مفهوم التربية الجنسية عند منظمة اليونيسكو في المواثيق الدولية:
“يعد اليونسكو أحد المنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة والسياسة التي تسعى هيئة الأمم المتحدة إلى تعميمها -عبر منظماتها وهيئاتها العديدة- بهذا الشأن واضحة جدًا في اتفاقياتها الصادرة بشأن المرأة والطفل، مثل اتفاقية سيداو، ووثيقة بكين، ووثيقة القاهرة للسكان، واتفاقية الطفل وغيرها.
وكلها -بدون استثناء- تطالب بتدريس كورسات الثقافة الجنسية في المدارس للأطفال والمراهقين لتعليمهم ما تطلق عليه بالجنس الآمن، أي كيفية ممارسة العلاقة الجنسية بدون حدوث الحمل، أو انتقال للأمراض التناسلية وعلى رأسها مرض الإيدز.
وأول شرط لهذه “الكورسات” أن تكون المدارس مختلطة وأن يتلقى الأولاد والبنات هذه الثقافة في فصل واحد، حيث يتدربون على كيفية استخدام الواقيات الذكرية والأنثوية.
ومن ثم احتوت اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) -وهي اتفاقية ملزمة للحكومات التي وقعت عليها- على بند ينص على ضرورة جعل المدارس مختلطة بحجة المساواة التامة بين الذكور والإناث وبالتالي يتم التدريب في وجود الجنسين معًا.
ثم يتم توزيع وسائل منع الحمل عليهم من واقيات وحبوب وغيرها؛ لضمان استخدامها عند الممارسة، ضمن ما يسمى بخدمات الصحة الإنجابية، ومن خدمات الصحة الإنجابية الإجهاض كوسيلة للتخلص من الحمل (غير المرغوب فيه)، وتسعى هيئة الأمم المتحدة سعيًا حثيثًا لتمرير تلك الأجندة الخبيثة بمختلف الطرق والوسائل وممارسة الضغوط الشديدة على الحكومات لتطبيق تلك الأجندة وربط التطبيق بالمنح والمساعدات؛ لإجبارها على التنفيذ” د. كاميليا حلمي رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل.
هذه إذن هي التربية الجنسية التي يريد العلمانيون نشر ثقافتها في صفوف أطفالنا وشبابنا، حتى إذا عمت الزنا، وصار الشباب لا يتحرجون من ربط العلاقات المحرمة، وكثرت حالات الحمل غير الشرعي، جاء الدور على إباحة الإجهاض خروجا من مأزق الحمل غير المرغوب فيه، فنصنع مجرمين يهتكون الأعراض، ويقتلون النطف في الأرحام من أجل تحقيق الرغبات الجنسية لانتشار ثقافة الجنس المتحرر من قيود الشرع وحتى القانون!!
أظن أن المغاربة المتمسكين بدينهم وأخلاقهم وقيمهم لن يقبلوا بهذه الثقافة العلمانية الوافدة إلينا، المستقوية بالأموال الأجنبية والضغوط الغربية على الحكومة المغربية، حتى تطوع قوانين البلاد للمرجعية العلمانية التي يطلق عليها زورا وصف الكونية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *