وقع علماء وحقوقيون وسياسيون وأساتذة جامعيون وإعلاميون وناشطون مدنيون بيانا ضد دعوات تغيير نظام الإرث.
وأدان الموقعون على البيان التصريحات التي تستهدف نظام الإرث، والمطالب العلمانية المعتدية على مرجعية الأمة المغربية؛ معتبرين أن كل مساس بنظام الإرث هو مساس بالأمن الروحي العقدي للمغاربة.
وطالب المدافعون عن “نظام الإرث الشرعي” مؤسسات الدولة العلمية بالتدخل لرد هذا الاعتداء الصريح على الدين والهوية، مؤكدين أن موضوع المساس بنظام الإرث هو مساس بشريعة الله المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ أنه “لا يسوغ لأي أحد أن يجتهد فيه، وهذا قول ساداتنا المالكية عبر العصور والدهور في المغرب وغيره من بلاد المسلمين”.
وهذا نص البيان:
“بِسْم اللهِ الرَّحْمَن الرَّحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فقد تابعنا بكامل الاستغراب والاستهجان عمليات الاستهداف المتكررة لمنظومة الإرث التي تعتبر من شريعة الله الواجبة الامتثال، الثابتة بالنصوص القطعية في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي لا تقبل النسخ ولا التأويل ولا الاجتهاد؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بتفصيلها وتحديد أحكامها، وتقسيم الأنصبة بين عباده فيها، حيث قال: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) (سورة النساء:11).
فهل يمكن لأحكام قال الله فيها: (فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ) أن يتدخل فيها المسلمون بالنسخ والتبديل والتحريف؟
ومعلوم أن الاحتلال الفرنسي قد لبث في المغرب قريبا من خمسين عاما، ومضى على خروجه أكثر من ستين سنة ولَم يجرؤ لا الفرنسيون ولا من تولى تدبير الشأن العام بعدهم على المساس بها نظرا لأهميتها في قلوب المغاربة وكل المسلمين.
إن الدعوة إلى إلغاء حكم التعصيب ما هو إلا خطوة يستشرفها أصحابها من أجل الإلغاء التام لنظام الإرث. وهي خطوة تؤذن بالخراب النهائي للروابط الأسرية التي وضع الله سبحانه أحكامها وتشريعاتها بدقة مطلقة وحكمة بالغة، وتعتبر الآيات المنظمة للإرث من جوهرها، وهي آيات صريحة في كتاب الله تعالى وأجمع عليها المسلمون من سائر المذاهب.
وغير خاف أن الذين يستهدفون نظام الإرث لا يصدرون عن المرجعية الإسلامية في تصورهم للأسرة والنسب، والتي تستمد مشروعيتها من القرآن والسنة وتاريخ الأمة المغربية وهويتها، وإنما يؤسسون مطلبهم هذا على مفهوم علماني مغالٍ في المادية، لا يرعى للأخ ولا للعم ولا للجد حقا ولا واجبا، ويعتبر الفرد مركزا، والأسرة النووية مجرد محضن بيولوجي لا يجمع بين أفراده دين ولا قيم، وهو تصور لا يفرضه الواقع كما يدعون، بل هو مستورد مفروض من طرف المرجعيات اللادينية الدولية.
وانطلاقا من قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وقوله سبحانه: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، واستصحابا لمبدأ “دين الدولة الإسلام”، واعتبارا للمرجعية الإسلامية للمغاربة، نؤكد على ما يلي:
1- إدانتنا المطلقة للتصريحات التي تستهدف نظام الإرث، وللمطالب العلمانية المعتدية على مرجعية الأمة المغربية.
2- اعتبارنا القطعي أن كل مساس بنظام الإرث هو مساس بالأمن الروحي العقدي للمغاربة.
3- مطالبتنا لمؤسسات الدولة العلمية بالتدخل لرد هذا الاعتداء الصريح على الدين والهوية.
4- تأكيدنا الصارم على أن موضوع المساس بنظام الإرث هو مساس بشريعة الله المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر” (البخاري ومسلم)؛ فلا يسوغ لأي أحد أن يجتهد فيه، وهذا قول ساداتنا المالكية عبر العصور والدهور في المغرب وغيره من بلاد المسلمين.
وفي الأخير ندعو العلماء والدعاة والأساتذة الجامعيين والسياسيين والإعلاميين والمثقفين والناشطين الجمعويين وسائر المسلمين في بلادنا إلى المشاركة في التوقيع على هذا البيان الذي نطالب فيه الدولة باتخاذ موقف صريح من عبث العابثين بديننا والثبات على هذا القانون الرباني الفريد.
(وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (الأحزاب:4).
الأربعاء 10 رجب 1439هـ الموافق 28/3/2018م”.