د. البشير عصام: من قال إن تقسيم التركة يعتبر فقط مبدأ قوة العلاقة بالميت أو ضعفها؟

 

 

رأيت بعض المتسرعين، يأتون بقصة اجتماعية مخصوصة، يبنون عليها رد الأحكام الشرعية القطعية، تحت ذريعة أنها سبب وقوع الظلم على الناس في تلك الصورة المخصوصة! فكأنهم أرحمُ بالناس ممّن خلقهم، وأعلم بمصالح المجتمعات ممن ارتضى لها خير الشرائع!

أريد أن أبيّن مقدار ما في أمثلتهم من التحيز وقلة الإنصاف وضعف الاستقراء، عدا ما في دعوتهم من مصادمة الوحي، ومخالفة مناهج الاستدلال الشرعي.

ومن أعجبِ ما رأيتُ، قولُ بعضِهم: رأينا عمًّا فاجِرا، لا يعرف الدين إلا عند قسمة الإرث، فيأتي ليشارك البنات الصالحات في نصيبهن!

فسبحان الله!

كيف لو عكسنا الأمر، وألغينا نظام التعصيب؛ فنجد البنت الفاجرة العاهرة، التي كانت طول عمرها تجرّ على والدها الذل، وتنغّص عليه عيشه، حتى إذا مات -وربما كانت سبب موته- تأخذ التركة كلها، ولا ينال أخوه الصالح المحبّ شيئا!

وسبحان الله!

من قال بأن علاقة البنت بأبيها أعظم من علاقته بأخيه أو عمه، بهذا الإطلاق، وفي الحالات جميعها؟

ثم من قال إن تقسيم التركة يعتبر فقط مبدأ قوة العلاقة بالميت أو ضعفها؟

نعم.. في المنظومة القيَمية الغربية، تنحصر العلاقة الأسرية في الأسرة النووية المصغّرة (وهذه أيضا آيلة للسقوط عندهم!).

أما في المنظومة الشرعية، فالعائلةُ أكبر من الأسرة النووية. ولدينا مبدأ شرعي عظيم هو مبدأ “صلة الرحم”، يقتضي الإبقاءَ على العلاقات خارج الإطار الضيق للوالدين والأبناء، كما يريد أذناب الغرب عندنا.

فهل نحذف نصوص صلة الرحم؟

أم نُبقيها ونجد لها تأويلا “تنويريا” يحرّفها عن مقصدها الشرعي؟

وقبل هذا وبعده: فإن الله سبحانه وتعالى تكفل بقسمة المواريث بنفسه، ولم يكِل ذلك إلى الاجتهاد البشري. وهو -عزّ وجل- عليمٌ بما يكون في الأمة إلى قيام الساعة (وما كان ربك نسيا). أفغاب عنه سبحانه، ما أدركه “مجدديناتُ” العصر؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *