حملة المقاطعة.. التداعيات وردود الأفعال

 

 

دشن مجموعة من النشطاء حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم الجمعة 20 أبريل، دعوا من خلالها لمقاطعة ثلاث شركات مغربية كبرى لمدة شهر، وهي: إفريقيا، سنطرال، سيدي علي.. وذلك احتجاجا على غلاء أسعارها، ومن أجل الضغط عليها، لأجل تخفيض أثمنة منتجاتها.

مباشرة بعد انطلاق الحملة، تناسلت ردود الأفعال المختلفة والمتنوعة من فئات وشرائح واتجاهات وانتماءات وطبقات عدة، ويمكن إجمالها في:

حملة المقاطعة تنتعش في مواقع التواصل

انطلقت الحملة من مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا الفيسبوك، لذلك كان طبيعيا أن تكبر كرة الثلج داخل هذه المواقع على الحسابات الشخصية والصفحات والمجموعات ومجموعات الواتساب وقنوات اليوتوب، بشكل كبير جدا، منذ الثلاث أيام الأولى لانطلاق الحملة، وقد انخرط فيها أغلب الرموز الفيسبوكيين والمؤثرين في مواقع التواصل، والمدونين والبودكاست واليوتوبورز وغيرهم، أشهرهم كان أمين رغيب.

حملة المقاطعة على أرض الواقع

تم تداول صور ومقاطع فيديو توثق لنجاح الحملة بشكل منقطع النظير، ومن بين تلك الصور والفيدوات، صور لتراكم منتجات الحليب والماء، وصور وفيديوات لمحطات البنزين خالية من الزبائن، وبعض الفيديوات لعمال محطة البنزين يغطون العلامة التجارية لإفريقيا بكساء يحمل علامة أخرى تمويهية، من أجل تجنب المقاطعة، فيديوات لحملة مقاطعة في الشارع العام وأخرى لصاحب مقهى يرمي علب قنينات الماء في شاحنة للأزبال، وغيرها.

الجالية.. وحملة المقاطعة

بمجرد أن انطلقت حملة المقاطعة، تفاعل معها مغاربة الخارج من مختلف الأقطار والبلدان في العالم، وتداول النشطاء فيديوات للتعبير عن دعم الحملة، وأخرى لمهاجمة المسؤولين ومساءلتهم، وفيديوات تقارن جودة منتوجات أوربية بجودة المنتوجات المغربية، وأخرى لمقارنة الأثمنة وثالثة لمقارنة الخدمات، وتوالت الفيديوات من دول أوربية ومن أمريكا وإفريقيا فضلا عن الدول العربية.

حملة المقاطعة بين تضامن أصحاب المصالح ولغة التخوين والتهديد والاستهزاء

خرج وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، الذي هو رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وصاحب شركة إفريقيا للغاز، ليتحدى المقاطِعين، ويصف حملتهم بالافتراضية، وأنهم محتاجين إلى الحليب بالليل والنهار.

ففي ندوة صحافية عقدت ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة في مدينة مكناس، لعرض مشروع “فلاح بلادي”، قال أخنوش حسب مصادر إعلامية “على المغاربة يحمدو الله لأنه أغلب المنتجات الغذائية وغيرها تنتج داخل الوطن، وأنها تعتمد على مغاربة لإنتاجها”.

وأضاف متهكما على المقاطِعين “المنتجات في المغرب تتطور والواقع على الأرض لن توقفه الإنترنت”، مردفا “المغاربة يحتاجون الحليب في الصباح والليل ويبحثون عنه لشرائه”.

مدير مركز الحليب ومشتقاته، عادل بنكيران، أقر بالتأثير، وقال إن شركته أحست بالحملة منذ أول يوم، وتحدث بلهجة شديدة واتهامات ثقيلة للمقاطعين، متهما إياهم بخيانة الوطن والمساس به، عبر فعل مقاطعة منتجات شركته، في تصريحات إعلامية على هامش معرض الفلاحة في مكناس.

بدوره قال منصف بلخياط، عضو المكتب السياسي لحزب أخنوش، أن: “حملة مقاطعة الحليب ومنتجات أخرى، سياسية، وتهدف إلى ضرب مصالح اقتصادية معينة، وتفريق المغاربة”. مضيفا أن “المغرب سوق حرة، ومن حق المغاربة أن يشتروا ما يريدونه”.

وأضاف الوزير السابق، في تصريح صحافي، أن السياسة الاقتصادية التي ينهجها المغرب “تجعل الأسعار تتراوح بين القدرة الشرائية للمواطنين، وبين العرض والطلب، وهذا أمر عاد في أي بلد”، واتهم سياسيين بالوقوف وراء الحملة من أجل ضرب سياسيين آخرين، وزاد: “هذا غير مقبول ولن نسكت عنه”.

وفي تصريح مثير، لوزير الاقتصاد والمالية، وصف فيه مقاطعي المنتجات الاستهلاكية بـ”المداويخ” وذلك خلال جلسة عمومية في البرلمان المغربي يوم الثلاثاء الذي تلا أول أيام المقاطعة، وجاء رد فعل الوزير محمد بوسعيد كنوع من “التضامن” مع زميله عزيز أخنوش الذي يتولى حقيبة الفلاحة والصيد البحري، والذي هو في الوقت نفسه رئيسه في حزب “التجمع الوطني للأحرار”.

عدم تجاوب رئيس الحكومة مع حملة المقاطعة

وجه عمر بلافريج البرلماني عن فيدرالية اليسار، سؤالا كتابيا لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، جاء فيه: “انتشرت في الأيام الأخيرة حملة في مواقع التواصل الاجتماعي، لمقاطعة ثلاث منتجات استهلاكية، وتعتبر هذه الخطوة تعبيرا عن سخط المواطنين عن الأسعار المرتفعة للكثير من المنتجات الاستهلاكية، كما تعبر عن الإحساس السائد داخل المجتمع بشكل عام، بأن المؤسسات تخدم مصالح خاصة عوض خدمة المصلحة العام”.

وتابع بلافريج “فعوض معالجة المشكل والعمل على حماية حقوق المستهلك عبر القيام بتدابير عملية مثل تفعيل مجلس المنافسة الذي يعرف جمودا غير مفهوم، تمت مهاجمة المقاطعين من طرف بعض المسؤولين من خلال استعمال بعض المصطلحات الغير المسؤولة، الشيء الذي يكرس أزمة الثقة بين المواطنين والمؤسسات”.

وفي آخر مراسلته سأل بلافريج العثماني “ما هي الإجراءات التي تعتزمون اتخاذها من أجل حماية حقوق المستهلك؟”.

حملة المقاطعة ومواقف أعضاء البيجيدي

في أول تعليق له على الحملة اعتبر وزير الشغل والإدماج المهني والقيادي بحزب العدالة والتنمية، محمد يتيم، أن “هذه حملة تعكس نوعا من الحيوية الموجودة داخل أوساط الشعب المغربي”.

وأضاف يتيم، في تصريح لوسائل إعلام وطنية، قائلا: “ليس من حقي أن أحكم عليها ولا أن أكون معها أو  ضدها.. هذا مجتمع يتفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي، باعتبارها مجالا للتعبير الحر”.

وتحت عنوان “البرلمان ولغة المداويخ”، كتبت البرلمانية أمينة ماء العينين، تدوينة في حسابها تستنكر فيها على وزير المالية محمد بوسعيد وصف المشاركين في حملة مقاطعة منتجات الشركات الثلاثة بالمداويخ.

وذكرت النائبة عن حزب العدالة والتنمية أنها “كبرلمانية أشعر بالخجل حينما يستغل وزير في حكومة أنتمي الى أغلبيتها النيابية منصة البرلمان لغاية سب جزء من الشعب الذي يفترض أن هذا البرلمان يمثله والذي يؤدي تعويضات أعضائه كما أعضاء الحكومة -ومنهم السيد الوزير- من جيبه ليدافع عن حقوقه، لا ليقدح فيه ويعتبره شعبا قاصرا لمجرد أنه اختار اختيارا يحدث في كل دول العالم الأكثر ديمقراطية ونموا اقتصاديا واجتماعيا”.

وذكرت ماء العينين “أن الوزير من حقه انتقاد كل مبادرة بالحجج والبراهين، وليس بالسب والتحقير.. المغاربة بتاريخهم وحضارتهم وذكائهم الجماعي لا يستحقون ذلك”.

عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة سابقا والأمين العام لـ”البيجيدي” في الولاية الماضية، قال إنه يستغرب شمل إحدى ماركات الحليب ونوعا من المياه المعدنية بحملة للمقاطعة رغم غياب أي زيادة في الأسعار.

وقال بنكيران، أنه يمكن فهم دواعي مقاطعة علامة تجارية بسبب التغيرات المستمرة التي تعرفها أسعار المحروقات في البلاد، وواصل: “تأكدت من أن ماركة الحليب والمياه المعدنية لم تشهد أي زيادة، ما أثار استغرابي”.

حملة المقاطعة والخطاب الشرعي للدعاة والشيوخ

ما إن انطلقت حملة المقاطعة، حتى تساءل البعض عن حكمها الشرعي، وانخرط عدد من الدعاة والشيوخ مؤيدين الحملة، عن طريق تدوينات أو مقالات أو تسجيلات مرئية.

د. البشير عصام كتب في حسابه في فيسبوك “مقاطعة البضائع لمحاربة الغلاء الفاحش، عمل مشروع في الدين، محمود في العقل، مسلوك في المجتمعات المدنية الحديثة. فلا معنى للطعن في نيات أصحابها، أو التشكيك في ثمارها!”.

د.رشيد بنكيران، كتب في حسابه على فيسبوك “سألني بعض الأصدقاء عن موقفي من حملة المقاطعة؟ فقلت له أنا مع فكرة المقاطعة، وقد استحسنتها، والتزمت عمليا مقاطعة المنتوجات الثلاثة المستهدفة… أنا من الشعب ومع الشعب في رفع الظلم عنه”.

ذ. طارق الحمودي كتب: “ثقافة المقاطعة عند سلف الأمة رضي الله عنهم في سطرين… في تاريخ دمشق لابن عساكر رحمه الله: “قيل لإبراهيم بن أدهم: إن اللحم قد غلا…! فقال: أرخصوه، أي لا تشتروه”، وبه تم الإعلام والسلام”.

ذ. عادل خزرون، قال في تدوينة له: “إن المقاطعة الاقتصادية ليست وليدة هذا العصر، بل هي أسلوب معروف من أساليب الضغط والاحتجاج، وقد زخر التاريخ الإنساني بالكثير من صورها، وأثبت الواقع المشاهد بأن المقاطعة الاقتصادية، سلاح فعال، وقد نجح هذا السلاح في أحيان كثيرة، في إجبار الطرف الآخر على التراجع والإصغاء لمطالب المقاطعين”.

الداعية رضوان بن عبد السلام، كتب في حسابه على فيسبوك: “قبل أيام بدأت حملة مقاطعة بعض المنتوجات وأنا أدعم هذه الطريقة التي لها تأثير قوي في زجر هاذ الشركات المتغطرسة.. أنا عن نفسي والله لا باقي نشري الما ديال هاذ الشركات المتغطرسة وكندعم ديك الحملة وسأقاطع ديك المنتوجات
فالمقاطعة وسيلة ناجحة.. وخصوصا إذا كان أغلبية الناس اتفقوا على المقاطعة وديك الساعة ستضطر هذه الشركات تنزل الثمن ديال المنتوجات رغم أنفها..”.

فضلا عن فيديوات مرئية لعدد من الشيوخ والدعاة كعبد الله نهاري وحماد القباج وغيرهم.

حملة المقاطعة في الإعلام الدولي

تناولت الحملة عدد من المنابر الإعلامية العربية والدولية على رأسها قناة الجزيرة وقناة دوتشه فيله الألمانية وقناة الشرق وقناة الميداين وغيرها من القنوات وأيضا الجرائد الورقية كالقدس العربي…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *