أين نصر الله؟؟ ألسنا مسلمين واليهود كفار؟ ألسنا نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله واليهود قتلة الأنبياء؟ ألسنا أولياء الله واليهود أعداء الله، قد لعنهم الله وغضب عليهم وجعل منهم القردة والخنازير؟ ألم يعدنا ربنا نصرا على عدونا؟ فما هذا الذي يجري في لبنان وفلسطين؟ وفي…..
تساؤلات تظهر للوهلة الأولى وكأنها شبهات ، ولكنك إذا عرضتها على كتاب الله تلاشت، وتبين أنها لا ترقى إلى مستوى الشبهة، ذلك الكتاب الذي جعله الله شفاء لما في الصدور من الشهوات والشبهات، لا يترك شبهة إلا أحرقها، ولا نار شهوة إلا أطفأها .
تأمل معي أيها القارئ الكريم قوله تعالى ” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (النور55).
فالمَوعُودون من الله بالنصر والتمكين هم الذين وصفهم الله بالإيمان والعمل الصالح، ثم زاد في وصفهم فقال: “يعبدونني لا يشركون بي شيئا”.
فأين المسلمون اليوم من الإيمان القوي الراسخ؟ وأين هم من العمل الصالح؟ بل أين هم من التوحيد الخالص؟
الجواب تجده أخي الكريم في الشوارع والشواطئ، و في المواسم عند القبور والأضرحة، وتجده عند أبواب السحرة والمشعوذين والكهان.
وتأمل معي أيها القارئ الكريم قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ” (محمد 7) ، في هذه الآية الكريمة وعدنا الله نصرا على عدونا، وشرط لتحققه شرطا، فمتى وجد الشرط ( نصرُنا لله) تحقق الوعد (نصرُ الله لنا)، ومتى عُدم الشرط لم يكن عندنا من الله وعد.
لكن أليس الله هم القوي العزيز الذي لا يقهر، ولا يفتقر إلى أحد حتى يُنصر؟
فكيف يكون نصرنا له؟
الجواب في قوله تعالى :” … وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ، الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ” (الحج 40-41) .
فهذه الآية تدل على أن نصر الله يكون بالاستقامة على شرعه ودينه، وذلك بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يخفى أن الأمر بالمعروف يتضمن القيام به، والنهي عن المنكر يتضمن تركه، وبطريق المفهوم فالآية تدل “على أن الذين لا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، ليس لهم وعد من الله بالنصر، فمَثَُلُهم كمثل الأجير الذي لم يعمل لمستأجره شيئا ثم جاءه يطلب منه الأجرة” (أضواء البيان 5/57).
فأين المسلمون اليوم من إقامة الصلاة؟
ما نسبة المصلين منهم؟
والذين يصلون منهم ما نسبة الذين يؤدونها في وقتها؟
والذين يؤدونها في وقتها ما نسبة الذين يعمرون مساجد الله (أعني الرجال منهم)؟
أين المسلمون اليوم من إيتاء الزكاة؟ ستجدهم أقل من المصلين بلا ريب.
أين المسلمون اليوم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ستجدهم أقل وأقل.
فإن قال قائل: أليس من المسلمين من يفعل كل ذلك؟ قلنا نعم، ولا يزال في هذه الأمة خير والحمد لله، ولكن الله قضى أن الحكم للغالب. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال : “نعم إذا كثر الخبث “(متفق عليه ).
فإلى المسلمين الذي يقولون: “أين نصر الله؟”
نقول :”أين نصركم لله؟”
وإلى المسلمين الذين يقولون :”متى نصر الله؟”
نقول : ” في اليوم الذي تنصرون الله فيه”.
فيا معشر المسلمين ألا يؤلمكم ما ينزل بإخوانكم في لبنان وفلسطين؟ آلا تتمنون أن ينصركم الله ويكبت عدوكم؟ فلماذا الإعراض ولماذا الانغماس في الشهوات؟ أليس المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؟ فكيف تطيب لكم المهرجانات الساقطة وإخوانكم يقتلون؟ أم كيف يحلو لكم التعري في الشواطئ وإخوانكم يشردون، تهدم بيوتهم، ويقتل نساؤهم وصبيانهم؟
ماذا لو كنتم أنتم المصابين وكانوا هم المتفرجين اللاهين؟ كيف سيكون شعوركم نحو إخوانكم المتخلين عنكم؟
لمثل هذا يذوب القلب من كمد *** إن كان في القلب إسلام وإيمان