التحرر الجنسي جديد الصيف في ملحق الصباح والجريدة الأولى إبراهيم بيدون

تحرص الجرائد اليومية في الصيف أن تتحف قراءها بملحقات من قبيل ظلال الصيف (التجديد)، وواحة الصيف (ج المساء)، وفسحة الصيف (الجريدة الأولى، الاتحاد الاشتراكي) واستراحة الصيف (ج الأحداث)، وبانوراما الصيف (ج الصباح)، تضم مجموعة من السلاسل المختلفة والمفيدة منها التاريخي ومنها العلمي ومنها السياسي ومنها الديني ومنها الاجتماعي ومنها الفارغ المحتوى والخبيث المقصد، غير أن صيف هذا العام في فسحة (الجريدة الأولى) وبانوراما (الصباح) قد اتسخت كل واحدة منهما بسلسلة من سلاسل الجنس ومواضيعه، للتعبير عن الحرص العلماني من الجريدتين على التواصل بينهما وبين القراء بحديث اللذة وقضاء الوطر، وهو أمر يفسر الارتباط الكبير بين النظرة الجنسانية العلمانية والهدف من الحياة، ففي حين يعتبر الإسلام الجنس نعمة من النعم التي يتمتع بها العباد من غير أن تكون لهم ملهاة عن أصل خلقهم وحكمة إيجادهم وهي عبادة المولى سبحانه وتعالى (ولاحتمال وقوع التسيب في هذا الأمر سيج الإسلام العلاقات الجنسية بسياج حكيم من الأوامر والنواهي الشرعية)، نجد الأمر مختلفا عند المذهب العلماني الذي يجعل من الجنس ضرورة حياتية، كما أنه لا يمكن وضع قيود على إشباع رغباته، ويوضح ذلك كلام “سيغموند فرويد”، الذي يقول: “إن الإنسان لا يحقق ذاته بغير الإشباع الجنسي وكل قيد من دين أو أخلاق أو مجتمع أو تقاليد هو قيد باطل ومدمر لطاقة الإنسان وهو كبت غير مشروع..”.
جريدة الصباح
حرصت الصباح على أن تكون مخلصة دائما في الحفاظ على تلك النافذة الفوتغرافية التي تنشرها في مؤخرتها والتي تطل منها نجمات (على حد تعبير أصحاب فكر اللذة) الإثارة الجنسية من الممثلات والمغنيات وعارضات الأزياء (خصوصا إذا كن يعرضن الملابس الداخلية) والرياضيات..، وكذلك باختيار العديد من الملفات التي تناقش مواضيع الجنس: كملفات الدعارة والخيانة الزوجية والسحاقيات والشذوذ..
وفي بانوراما هذا الصيف وتتميما لمشروعها الجنسي اختارت لقرائها سلسلة عنوانها: “الجنس بقلم امرأة”، تعرض فيها كل يوم تجربة من تجارب الروائيات العربيات اللواتي اخترن أن يعزفن على وتر الشهوة والجنس فيما قدمن للقراء، مع ذكر مقتطف من ظلام دامس وكلام فاحش وجنس شاذ في علاقات محرمة من تلك الروايات التي اقتطفت من ثقافة التحرر واللادين في عالم الغرب المادي..
كما جعلت سلسلة تنشرها على حلقات سمتها “أوراق التوت” يشكل الجنس أساس اختيارها بحكم أنه على حد اعتبار معد هذه السلسلة، “الطابو الذي يثير النقاش ويفجر المعارك ويصنع التوتر..”.
الجريدة الأولى
وأما الجريدة الأولى فهي من الجرائد التي اختارت سبيل التنظير للفكر الجنسي عبر المقالات التي تدعو لممارسته، والإشادة ببطلاته، وتطالب بتأطيره وتحريره في المنظومة القيمية للمغاربة (من ذلك مقالات عبد الصمد الديالمي، كبير الداعين لتحرير الجنس في المغرب)..
وفي فسحة هذا الصيف اختارت أن تتحف قراءها بسلسلة “الزندقة والشبق في الإسلام” وكأنها تلمز الإسلام بهذا المنكر العظيم، ولتوهم القارئ بمشروعية ما نقلته من نصوص مليئة بالزندقة والزنا واللواط والسحاق والإلحاد في آيات الله، جعلت كعنوان صغير قاعدة “ناقل الكفر ليس بكافر”، ومعلوم أن هذه القاعدة تتحدث عن نقل ما تكون به المصلحة ويحتاج إلى نقله لضرورة شرعية، لا أن ننكت ونتنذر وننقل أخبار الزواني واللوطيين والزنادقة لنبين أن في المسلمين من اشتهر بذلك..، ويكون بذلك ذريعة لمن أراد الحياد عن منهج وأدب الإسلام الذي جاء ينهى الناس عن الوقوع في هذه القاذورات ويحذرهم اجترام الخبائث، كما أمر الإسلام بستر الفواحش حفاظا على القلوب من فتنة الزلل، خصوصا عندما تزين المعاصي لأصحاب القلوب الضعيفة، فيظن خطأ أن ذلك مسبوق إليه وأنه من عادة الناس وقد كثر العمل به..، وهذا تنظير مادي لأصحاب الدعوة للتحرر من قيود الدين والمجتمع.
إن الحديث عن الطابوها على المنهج العلماني هو تطبيع مع الفاحشة ودعوة إلى الرذيلة لأن أصحابه يكتفون بالعرض والإشهار بدل المعالجة والتقبيح، الشيء الذي يجعلنا نجزم أن هذا التسيب في القيم وانتشار الفواحش من الزنا واللواط والسحاق، وزنا المحارم، والسياحة الجنسية، والدعارة..، كلها نتائج نشر مثل تلك المواد، وذلك لكونها لا تعدو أن تكون تهييجا للشهوات وحثا على اقتراف الرذائل والموبقات، ينضاف إلى ذلك ما تروج له السينما والتلفزات والفضائيات ومواقع الجنس. مما يفسر إقدام أصحاب الشهوات والمنحرفين على جريمة الاغتصاب، التي كثرت هذه الأيام خصوصا في حق الأطفال الصغار، والذين يمكن اعتبارهم ضحايا هذا الإعلام المتحرر من القيم والدين، الذي يشرف عليه المؤمنون المخلصون للنظرة العلمانية المادية للإنسان والكون والحياة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *