مهرجان طنجة التاسع وترسيخ ثقافة الجنس وحرية الاعتقاد بيدون إبراهيم

“..أفلام المهرجان كان ينبغي أن تشارك في مهرجان الأفلام الإباحية الذي يقام في ألمانيا..”

..أحمد بولان مخرج فيلم “ملائكة الشيطان”يدافع عن قيم ممارسة الجنس المحرم وتعاطي المخدرات، فقد صرَّح في الندوة التي عقدت بعد عرض فيلمه أنه يصل هو شخصيا حد “التبْوَاق”، كما أنه يدافع على الموسيقى الصاخبة لأنها موسيقى غير مجنَّسة، وغير خاضعة لانتماء جغرافي على حد قوله.

في ظل الزخم الإعلامي الذي يعيشه بلدنا المغرب والذي تطبع جوانبَه وحيثياته الإيديولوجية العلمانيةُ الداعية إلى تحرير الشخصية المغربية من كل القيم التي من شأنها أن تقيد حريتها في التمتع بالذات بكل صورها حتى لو كانت غير شرعية، وتمنع هذه الشخصية من الافتخار بالماضي القديم كيفما كانت حالته الاجتماعية والدينية, وتقيدها من الانفتاح والتعايش مع الآخر لأنها تجمعها معه رابطة الإنسانية، هذه القيم التي تقيد كذلك حرية الأشخاص في الاعتقاد والتدين، فلا عيب عندها أن يعبد المرء الشيطان وأن يكون مَلَكا في مملكة الشيطان..
نعيش بين الفينة والأخرى فصول مهرجان غنائي أو سينمائي تبرز فيه الخطوط العريضة الذي يراد للمغرب أن ينتهجها في التعامل مع حريات الأشخاص، والانفتاح والتعايش مع الآخر..
والدور هذه المرة كان على المهرجان السينمائي التاسع الذي انعقد في مدينة طنجة في الفترة ما بين 17 و27 من شهر أكتوبر المنصرم، والذي نظمه هذا العام المركز السينمائي المغربي ، حيث عرض فيه 25 فيلما طويلا و27 فيلما قصيرا، وحضر افتتاحه وزير الإعلام الجديد خالد الناصري ووزيرة الثقافة الجديدة السعدية قريطيف (ثريا جبران) ووجوه كثيرة من المخرجين والممثلين المشاركين وغير المشاركين.
تعرض المهرجان لانتقادات متعددة من أطراف شتى، حيث اعتبر الكثير من النقاد أن هذا المهرجان هو بمثابة مشروع يذر المئات من الملايين على هؤلاء المخرجين، وفي الأخير لا ترتقي أفلامهم للمستوى المطلوب.
إن ما استوقفني في هذا المهرجان بغض النظر عن مشروعيته.. هو ذالكم التنوع الذي صبغ مواضيع الأفلام المعروضة فيه، حيث عرف مشاركة أفلام تكسر طابوه الجنس، وفيلم أمازيغي، وفيلمين حول هجرة اليهود إلى الكيان الصهيوني، وفيلم يناقش إشكالية التعايش بين المسلمين والغرب، وفيلم يدافع عن حق الشباب في حرية التدين واختيار السلوك، بالإضافة إلى أفلام أخرى تناقش مواضيع متنوعة..

السينما المغربية والجنس وتوظيف الجسد الأنثوي
اختار لطيف لحلو مخرج فيلم “سميرة في الضيعة” تيمة العجز الجنسي الرجولي (العنة)، مقابل الرغبة الجنسية القوية للزوجة.. فوظف العجز الجنسي مادة فيليمة لتكسير “طابو” الجنس، الذي ينبغي أن يكسر على حد قوله..
لقد احتوى هذا الفيلم على مشاهد مخلة بالحياء, ولقطات جنسية مثيرة.. هذا الأمر مرغوب فيه سينمائيا -عند مروجي سينما الفحش والرذيلة- إذا كان سيؤدي الرسالة المطلوب توجيهها للمشاهد، وهو ما صرح به المخرج لإحدى اليوميات، حيث قال: “وإذا كان من الضروري أن يتضمن الفيلم مشاهد جريئة جنسيا، لأن السيناريو يقتضي ذلك، فإن ثمة وسائل لتصويرها بدون أن نعرض أحاسيس المشاهد للصدمة”.
كما جعل الفيلم ممارسة الفاحشة والخيانة الزوجية هي الحل الوحيد بالنسبة لمشكل الضعف الجنسي عند الزوج، لتعود العقدة حاضرة بعد طرد الخليل من حياة الزوجة!
وينبغي الإشارة إلى أن بطلة الفيلم سناء موزيان سبق لها وأن أدت نفس الدور في فيلم “الباحثات عن الحرية” للمخرجة إيناس الدغيدي، والتي تظهر فيه في مشاهد خليعة..
فهل هذه هي القيم (الزنا، والخيانة الزوجية..) التي تقدم للجمهور المغربي كحل للخروج من العزلة والتغلب على الضعف الذي يعاني منه أحد الزوجين، هي الحل الأنجع لمعالجة مثل هذه المشاكل، أم أن محاربة الفضيلة والعفة والحياء، وتحقيق الربح المادي، هي الدوافع الحقيقية لمثل هؤلاء المخرجين لإنتاج هذه الأفلام؟!
إن توظيف الجسد الأنثوي هو الطابع الذي أصبح يسيطر على السينما المغربية، وهذه رسالة يمررها أدعياء الحداثة والتحرر، لمسخ هوية الأجيال الصاعدة، ولقتل هاجس الغيرة عند المشاهد المغربي (ففيلم “ماروك” عرضت فيه عملية الجماع مرتين..)، هذه الأيديولوجية تظهر في أفلام أخرى مشاركة في هذا المهرجان منها فيلم “نانسي والوحش” الذي جعل من الرقص التيمة الغالبية على موضوع الفيلم، ومن الأفلام المشاركة التي تضمنت مشاهد مخلة بالحياء فيلم “ثابث أم غير ثابث”، وفيلم “انهض يا مغرب”، وهذا ما دفع البعض إلى القول أن أفلاما في المهرجان كان ينبغي أن تشارك في مهرجان الأفلام الإباحية الذي يقام في ألمانيا..

قضية اليهود في السينما المغربية
مما شد الانتباه في المهرجان إثارة بعض الأفلام لقضية هجرة اليهود المغاربة إلى الكيان الصهيوني، مثل فيلم “فين ماشي يا موشي؟” للمخرج حسن بنجلون، وفيلم “وداعا أمهات” للمخرج محمد إسماعيل.
الفيلم الأول يتحدث عن قصة مصطفى مسير الحانة الوحيد بمدينة أبي الجعد المغربية الذي أدرك أن اليهود المغاربة سيرحلون إلى الكيان الصهيوني وأن حانته ستتعرض للإغلاق فأخذ يفكر في حل لأزمته المنتظرة.
أما فيلم محمد إسماعيل، الذي تم تصويره بالدار البيضاء وتطوان، فهو يجسد وضع اليهود المغاربة في الفترة المعروفة بـ”السنوات السوداء للهجرة” حيث الإحساس بالحيرة تجاه رغبتين متنازعتين هما: البقاء في الوطن أو الرحيل الذي يأخذ صفة الاجتثاث.
وللذكرى فإن فيلم “ماروك” للمخرجة ليلى المراكشي كان قد أثار جدلا كبيرا العام الماضي بالمهرجان نفسه، لتقديمه مواقف مهينة للدين الإسلامي بجعل فتاة مغربية تسقط في حب فتى يهودي يتمسك برموزه الدينية في حين تُمتَهن الشعائر الإسلامية بالفيلم (الصلاة، الصيام..).
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المغرب مقبل على تنظيم مهرجان “كازا سينما” الذي سيعرض فيلما “إسرائيليا”، وكذلك مهرجان “الأندلسيات الأطلسية” الذي يعنى بملامح التقارب بين الثقافة العربية واليهودية على حد قول منظميه.
فما سبب اهتمام السينما المغربية بقضايا اليهود (الهجرة)؟
أليست هجرة اليهود إلى فلسطين هي من أسباب قيام الكيان الصهيوني الذي يسفك دماء الفلسطينيين كل يوم بل ويتفنن في ذلك (مجزرة صبرا وشاتيلا، وجنين..)، وذلك تحت مرأى ومسمع من العلج الغربي؟
أليس اللوبي اليهودي هو الذي يحكم العالم في الخفاء, فيرفع من شأن أدعياء الحداثة والديمقراطية والعلمانية -الذين يهاجمون الدين بل ويحاربونه- وفي المقابل نعرض نحن أفلاما تصور محنة هجرتهم؟!!

أحمد بولان وفيلمه “عبدة الشيطان”
ومن أفلام الدورة أيضا فيلم “ملائكة الشيطان” للمخرج أحمد بولان، وهو فيلم يتناول قضية الشبان المغاربة الذين ألقي القبض عليهم منذ أربع سنوات بتهمة الانتماء لعبدة الشيطان.
هذا الفيلم يدافع عن حق الشباب في نهج سلوكياتهم الشاذة كتعاطي المخدرات (الحشيش، الشيشة..)، والانغماس في أنغام الموسيقى الصاخبة موسيقى “الهارد روك” و”الهارد ميتال”، والتميز بارتداء الملابس السوداء، ووضع القراريط والقلائد التي تحمل رموزا كالجماجم والنجمة السداسية.
كل ذلك يعتبر من طقوس عبدة الشيطان الذين أصبح لهم نشاط مثير للجدل داخل المجتمع المغربي، وتسمح لهم وزارة الثقافة بإقامة مهرجاناتهم كـ”البولفار” الذي يقام سنويا في مدينة الدار البيضاء، و”مهرجان أنغام السلام” الذي أقيم صيف السنة الماضية على شاطئ أصيلا.
إن مخرج الفيلم أحمد بولان يدافع عن قيم ممارسة الجنس المحرم وتعاطي المخدرات فقد صرح في الندوة التي عقدت بعد عرض فيلمه أنه يصل هو شخصيا حد “التبواق”، كما أنه يدافع على الموسيقى الصاخبة لأنها موسيقى غير مجنسة، وغير خاضعة لانتماء جغرافي على حد قوله.
فهل تلميع ثقافة الحوار والتعايش مع الآخر كيفما كانت النتائج وخيمة (السياحة الجنسية، الأمراض الجنسية الفتاكة كالسيدا والزهري والسفليز، نقل القيم الفاسدة التي يعيشها الغرب إلى المجتمع المغربي..)، ونشر ثقافة الجنس وحرية الاعتقاد، وإحياء الموروث الثقافي الوثني للأمازيغ، هو ما تريد وزارة الثقافة تقديمه للمجتمع المغربي؟!!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *