مذبحة نيوزيلندا.. هؤلاء هم المسؤولون عن التحريض على الكراهية ضد المسلمين.. نبيل غزال

 

الجمعة 15 من مارس 2019، إرهابي أسترالي يقتحم مسجدين بمدينة “كرايست تشيرش” النيوزيلندية، ويطلق الرصاص على المصلين، ما أدى إلى استشهاد 50 مسلما، وإصابة 50 آخرين بينهم أطفال.

هذا الحدث الذي صوره الإرهابي وبثه مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، أعاد فتح النقاش حول من يتحمل المسؤولية في وقوع مثل هاته الأحداث؟

ومن يروج لخطاب الكراهية والتحريض ضد المسلمين أينما حلوا وارتحلوا؟

كما يؤكد على حاجتنا إلى تعريف واضح وصريح لمصطلح الإرهاب..ومن يستفيد من ملفاته..

مجزرة نيوزيلاندا كشفت أيضا ازدواجية تعامل المنابر الإعلامية الغربية مع الأحداث الإرهابية حين يتعلق الأمر بالمسلمين..

وزيرة حقوق الإنسان الباكستانية “شيرين مزاري” أعربت بكل وضوح عن استيائها لأسلوب “BBC” في تغطيتها لمجزرة نيوزيلاندا، وقالت عبر تويتر: “أتابع حاليا قناة “بي بي سي”، وأنا مصدومةٌ بعدم وصف مراسلها في نيوزيلندا الهجوم بالإرهابي”. وأضافت: “بدلا من ذلك، يصفون الهجوم الإرهابي بالقتلِ الجماعي! إنه شيء مقزز”.

الـ”ديلي ميل” البريطانية بدورها تعاملت بتحيز في تغطيتها لمجزرة المسجدين في نيوزيلندا، وركزت على “الجانب الإنساني” للإرهابي السفاح، وسردِ شهادات أقربائه وأصدقائه.

معلوم أن وسائل الإعلام الكبرى في العالم هي من تصنع الرأي العام الدولي، ونظرًا لكون الضحايا مسلمين، والإرهابيون نصرانيون ذوو توجه يميني متطرف، فإن هذه المنابرَ الإعلامية تجنبت المساهمة في جعل مجزرة نيوزيلاندا، ترتفع إلى مستوى قضية رأي عامٍ دولي، لأن ذلك سيربك خطة محاربة الإرهاب الغربية المتجهة نحو إلصاق التهمة بكل ما هو إسلامي.

طبعا ليست المنابرُ الإعلاميةُ الغربيةُ كلها على نسق واحد، لكنَّ الكبرى منها والمؤثرةَ في الرأي العام العالمي، لا تخفي انحيازَها وتواطؤَها لخدمة أجندات معادية للإسلام والمسلمين، والترويج لخطابات الكراهية ضدهم.

هذه الخطابات، والتي تصاعدت مؤخرا بشكل خطير ومثير، أججت الوضع وشحنت المتطرفين، ممن لهم خلفيةٌ دينيةٌ أو عرقيةٌ، على سفكِ دماء “الكفار المسلمين” واغتيالهم بأبشع الطرق.

أضف إلى ذلك أن خطاب اليمين المتطرف، خاصة في المجال السياسي، غذى نزعات الخوف من المسلمين واعتبارِهم خطرا على الدول “المسيحية البيضاء”.

وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، ويوما واحدا فقط بعد مجزرة نيوزيلندا، قال بأن “التطرفَ الوحيد الذي يستدعي التنبهَ له هو التطرفُ الإسلامي”.

السيناتور اليميني المتطرف “فريزر أنينغ” حمّل المهاجرين مسؤولية الهجمات الإرهابية على المسجدين في نيوزلندا، واعتبر الهجمات نتيجة “لوجود المسلمين المتزايد”، ولسياسات الهجرة التي تتبعها نيوزلندا.

البرلماني وزعيم حزب “الحرية” الهولندي، خيرت فيلدرز، قال: “أنظروا إلى الأسلمة، كيف يتركون الإرهاب يدخل إلى بلادنا، وكيف نترك الحثالة المغاربة يتحركون دون أن نفعل شيئًا”.

مارين لوبين، رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليمينية، سبق وقارنت صلوات المسلمين في الشوارع بـ”الاحتلال النازي”، وتطالب كل مرة بطرد المهاجرين من فرنسا.

فيكتور أوربان رئيس الوزراء المجري يعتبر أن أوروبا تتعرض لغزو إسلامي، وأن بلاده تمثل آخر معاقلِ أوروبا في مواجهة “ظاهرة الأسلمة”، أعرب بأن “الغيوم السوداء تتجمع فوق أوروبا” وإن بلده هي المعقلُ الوحيدُ الصامد أمام أسلمتها.

دونالد ترامب الذي أسس حملته الانتخابية لتقلد منصب الرئيس على برنامج معاد للهجرة والمهاجرين، وصف المهاجرين المسلمين “بالحيوانات”، وطالب بفرض حظر مؤقت على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة.

هذا التحريض كان له انعكاسات خطيرة؛ حيث كشف التقرير السنوي لـ”مرصد منظمة التعاون الإسلامي للإسلاموفوبيا”، والذي غطى الفترة الممتدة من يونيو 2018 إلى فبراير 2019، أن ظاهرة الإسلاموفوبيا قد تصاعدت من جديد. وأن جرائم الكراهية ضد أفرادٍ ينظر إليهم على أنهم مسلمون قد ارتفعت، فضلا عن ارتفاع عدد الهجمات على المساجد والمراكز المجتمعية، لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة، وما انفك التمييز والتعصب ضد المسلمين يتزايدان منذ يونيو 2018، حتى بلغا أعلى مستوياتهما خلال نهاية العام.

عودا إلى مذبحة المسجدين بنيوزيلاندا؛ فالمثير أن منفذها تأثر بما ينشره المتطرف الفرنسي “رونود كامو”، والتقرير الذي خلفه الإرهابي وراءه في 74 صفحة، عنونه بـ”الاستبدال العظيم”، في إشارة واضحة إلى كتاب “رونود كامو”، الذي قدم فيه “نظرية تحدث فيها عن وضعٍ يتم فيه استبدال الغالبية البيضاء من غير البيض القادمين من شمال أفريقيا والصحراء الأفريقية، وعدد كبير منهم من المسلمين”.

تتصاعد حملات العداء ضد الإسلام والمسلمين رغم أن الحقائق التي توفرها الدراسات والإحصائيات تظهر بأن القتل والإرهاب في الغرب يمارسه أبناؤه المتعصبون المتطرفون الإرهابيون وليس المسلمين؛ فقد أظهر إحصاء EUROPOL، وكالة إنفاذ القانون في الاتحاد الأوروبي أن نسبة الهجمات الإرهابية التي نفذها مسلمون بأوروبا تشكل 2% فقط من الهجمات الإرهابية التي نفذها مسلمون في 2013، و98% نفذها غير المسلمين على خلفية دوافع عرقية أو قومية أو انفصالية.

وفي دراسة نشرتها ولاية كارولاينا الشمالية في 2004، فإنه منذ هجمات 11 شتنبر لم توقع العمليات الإرهابية المرتبطة بالمسلمين إلا 37 قتيلا أمريكيا، في حين أن 190.000 أمريكي قتلوا في الفترة الزمنية عينها.

يظهر جليا أن مصطلحَ “الإرهاب” تمت صناعته إعلاميا وأمنيا واستخباراتيا وفكريا، لكي “يعادلَ مصطلحُ “الإرهاب” مصطلحَ “الإسلام”، وليصيرَ أتباع هذا الدين أو كلِّ صورةٍ أو فكرة أو شخص أو قضية ترمز إليه أو إلى مؤسسة تدافع عن شريعته متهمةً بالإرهاب بطريقة أو بأخرى”.

لقد خصصت مجلة “الديلي بيست” الأمريكية، واستنادا إلى أرقام EUROPOL، تحقيقا خلصت مِنه إلى أنه: ليس خطأك إن لم تكن على علم بحقيقةِ أن غالبيةَ الجرائم الإرهابية في أوروبا وأمريكا ينفذها غير مسلمين إنه خطأ الإعلام.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *