أكدت صحف عالمية أن الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، تعرض لظروف سيئة داخل سجون النظام المصري؛ كحرمانه من أدوية مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكبد.
وقالت الصحف التي تابعت باهتمام خبر وفاة مرسي أثناء محاكمته، ووصفته بأول رئيس مصري منتخب: إن “السلطات المصرية تجاهلت التحذيرات المتكررة حول ضرورة توفير الرعاية الطبية له”.
صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تناولت الحدث بتفاصيل موسعة عن الثورة المصرية عام 2011، والتي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك، وما تلاها من إجراء أول انتخابات رئاسية حرة في البلاد.
وتؤكد الصحيفة أنه منذ اعتقال مرسي، بعد الانقلاب عليه من قبل وزير دفاعه، عبد الفتاح السيسي، في 2013، وسجنه، تشتكي أسرته من سوء تعامل السلطات معه ومعهم.
وتقول الصحيفة: “دائماً ما تشتكي الأسرة ومحامي الرئيس من حرمانه من العلاج الطبي الخاص بمرض السكري المتكرر، والذي كان يُدخله في غيبوبة مرات كثيرة”.
وتوضح أنه في 2018، سعت مجموعة من المشرعين البريطانيين لزيارة مرسي في السجن لتقييم حالته، وخلصوا إلى أنه تعرض لمعاملة تشبه التعذيب أثناء الاحتجاز، ومن ذلك الحرمان من العلاج الطبي.
وتحت عنوان “وفاة محمد مرسي أول رئيس مصري منتخب” تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” خبر وفاة مرسي، مشيرة إلى أنه انهار أثناء جلسة محاكمته في إحدى محاكم القاهرة، بعد ست سنوات من الانقلاب الذي قاده الجيش في ظروف أعادت مصر إلى الحكم الاستبدادي.
وتوضح الصحيفة أن السلطات المصرية لم تقدم أي سبب رسمي للوفاة، لكن الكثيرين ألقوا باللائمة على الظروف السيئة في السجن، حيث أمضى مرسي السنوات الست الماضية.
وتبرز الصحيفة أن السلطات حرمت مرسي من الأدوية الحيوية لمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكبد، واحتجزته في الحبس الانفرادي فترات طويلة؛ وتجاهلت التحذيرات العامة المتكررة بأن قلة الرعاية الطبية المناسبة قد تكون قاتلة.
من جانبها تقول سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”: “أعتقد أن هناك حجة قوية للغاية يجب تقديمها مفادها أن هذا كان إهمالاً إجرامياً، وسوء استخدام متعمداً في توفير حقوق مرسي الأساسية للسجناء، لقد كان من الواضح أنه تم تمييزه لسوء المعاملة”.
وفاز مرسي (67 عاماً) بأول انتخابات رئاسية حرة في مصر، عام 2012، كزعيم بارز لجماعة الإخوان المسلمين، لكن أطيح به من السلطة بعد عام في استيلاء عسكري.
ومنذ ذلك الحين واجه الرئيس المنتخب مجموعة كبيرة من التهم؛ ومن ذلك الإرهاب، والتجسس، والخروج من السجن، في محاكمات تقول جماعات حقوق الإنسان إنها معيبة للغاية، وفق الصحيفة.
وترى الصحيفة الأمريكية أن انتخاب مرسي كان أعظم أمل للمصريين في الخروج بشكل نهائي مع تاريخ البلاد الطويل من الاستبداد بعد عقود من الحكم القاسي والفساد في عهد الرئيس حسني مبارك، الذي أطيح به في ثورة 2011.
صحيفة “واشنطن بوست” نقلت عن عمرو مجدي، باحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، قوله إن مرسي تلقى ثلاث زيارات عائلية خلال فترة سجنه.
ويروى مجدي أنه في كل زيارة حضر أعضاء من أجهزة الأمن، حيث دوّنوا في مناسبة واحدة على الأقل ملاحظات حول كل ما قيل.
ويوضح مجدي أن عائلته التي زارته في السجن قالت إنه بدا لهم معزولاً عن العالم الخارجي، ولا يعرف ما يدور من أحداث حتى تلك التي حصلت في مصر، ولم تكن لديه صحف ولا قلم ولا ورقة ولا كتب.
ويضيف: “توصلت عائلته إلى أن الرئيس لم يكن لديه سرير داخل سجنه، كما اشتكى هو للقضاة في جلسات المحكمة من أنه لا يتلقى رعاية طبية كافية، لكن ليس هناك ما يشير إلى أن القضاة اتخذوا إجراءات”.
وتابع: “يمكننا بالتأكيد أن نقول إن السلطات المصرية على أعلى المستويات متواطئة في الموقف الذي وُضع فيه وعزله عن العالم الخارجي، والافتقار إلى الرعاية الطبية”.
وفيما إذا كانت تلك الأسباب هي التي قادت إلى وفاته قال مجدي: “يجب أن تكون نتيجة تحقيق دولي”.
صحيفة الغارديان البريطانية نقلت دعوة “كريسبين بلانت”، الذي قاد مجموعة من ثلاثة برلمانيين بريطانيين زاروا مرسي في سجنه، عام 2018، بضرورة إجراء تحقيق في وفاة مرسي.
ويقول بلانت: “على الحكومة المصرية واجب شرح موته المؤسف، ويجب أن تكون هناك مساءلة مناسبة عن معاملته في الحجز”.
وأوضحت الصحيفة أن أنصار مرسي كانوا يتوقعون وفاته في السجن، كما قال وائل حدارة، مستشار سابق، متحدثاً من كندا: “كنا نتوقع الأسوأ لبعض الوقت”.
وقال: “من نواح كثيرة كانت هذه النتيجة المتوقعة لأعمال الجيش، لقد كان صديقا ورمزا للعديد من المصريين، لذا فالأمر مؤلم”.
صحيفة الإندبندنت البريطانية ختمت تقريراً موسعاً لها حول وفاة مرسي بالقول: “حتى يوم موته ظل محمد مرسي هو الرئيس الشرعي لمصر”.