لماذا اخترنا الملف؟

 

على الرغم من أن النظام الجنائي المستمد من الشريعة الإسلامية معطل في جل الدول الإسلامية، إلا أن الحرب عليه لا تفتأ تهدأ من طرف تيار يدعي قبول الاختلاف والاعتراف بالمرجعيات والأفكار المغايرة.

فموضوع “الحدود” صار البعبع الذي يحارب به الإسلاميون، وحتى إن هم صمتوا ولم يتحدثوا عنه، فالتيار العلماني لا يقبل بذلك، ويصرّ على فتح هذا النقاش والخوض فيه وابتزاز غرمائه الأيديولوجيين. هذا مع العلم أن كثيرا من الحدود التي يناصبونها العداء ويسمونها بالرجعية والتخلف.. إلى غير ذلك من العبارات القدحية، مقررة في القرآن الكريم بشل واضح وصريح.

فـ”حدود الله”، وفق ما قرره علماء الشريعة، مفهوم له معنى أكبر بكثير من حصره في عقوبات جسدية وتعزيرات وغير ذلك، إذ “الحدود” هي الوقوف عند محارم الله وعدم انتهاكها، سواء تعلق الأمر بما له صلة بالخالق أو المخلوق، وما شرع نظام العقوبات/الحدود إلا لحماية حقوق الله (الإيمان والمعتقد)، وحماية حقوق الآدميين (الجسدية والمالية والأمنية..).

فمقصد الشريعة من وراء هذا النظام هو محاصرة الجريمة ومنع ظهورها، وردع المجرم والحيلولة دون مجاهرته بها، ورغم صرامة “الحدود” فهي مع ذلك تشدد في وسائل الإثبات، وتدرأ الحدود بالشبهات، وتضع الحد على المضطر وصاحب الحاجة.. إلى درجة أن الحد لا يكاد يطبق إلا في حالات معدودة تكون كافية لردع المنحرفين وفعالة في الحد من الجريمة.

ثم إنه من العبث الحديث اليوم عن نظام التشريع الإسلامي إذا بقيت الشريعة معطلة في كثير من مجالات الحياة، ذلك أن الإسلام كُلٌّ لا يتجزأ؛ ولا يعقل تطبيقه في الجنايات والحدود وتعطيله في الاقتصاد والسياسة والاجتماع..

إن الحديث حول النظام الجنائي الإسلامي أو “الحدود” عرف كثيرا من الكذب والتزوير، وتنويرا للرأي العام ارتأت “السبيل” فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *