المدرسة المرينية بسلا

 

تعد المدرسة المرينية بمدينة سلا من المدارس الشهيرة بالمغرب، بفضل هندستها البديعة والجمالية التي تميز طابعها المعماري المتفرد، مقارنة مع بقية المدارس التاريخية التي تحتضنها مدن فاس ومكناس ومراكش وغيرها.

بناها السلطان أبو الحسن المريني سنة 1341 ميلادية، بالقرب من المسجد الأعظم للمدينة، خصها بأحباس تصرف منها أجور الأساتذة والقيمين عليها ومنح الطلبة القاطنين فيها، واستمر التدريس بها إلى أواخر القرن التاسع عشر.

لم تقتصر المدرسة المرينية على تدريس أصول الفقه والآداب واللغة والفلسفة والطب والحرف والصناعات، بل شكلت فضاء للتكوين في العلوم الدينية وغيرها من علوم الفلك والرياضيات والفلسفة، ومن أشهر العلماء والمشايخ الذين مروا منها لسان الدين ابن الخطيب وعبد الله مغيث وأحمد بن عاشر.

تتميز المدرسة المرينية بصغر مساحتها التي لا تتجاوز 180 مترا مربعا، وتمثل تحفة معمارية وطنية، أبرز من خلالها الصانع المغربي مهاراته وإبداعاته في مجال العمارة والنقش والزخرفة، ما بين الزليج (الفسيفساء) والجبس المنقوش والخشب المنقوش والمصبوغ، فضلا عن تزيين حيطانها وأعمدتها وأروقتها بأبيات شعرية منحوتة ومنقوشة بإتقان ومهارة فريدة من نوعها.

تتكون المدرسة من صحن كبير تتخلله أقواس يفضي إلى قاعة رئيسة كبيرة في الطابق الأرضي، مخصصة للصلاة وتلقي الدروس لفائدة الطلاب، تتوسطه نافورة بديعة الصنع، وفي الجانب الأيمن للمدخل، توجد سلالم تقود إلى الطابق العلوي الذي يحتضن حوالي 40 غرفة كان يستخدمها الطلاب كحجرات سكن.

شهدت المدرسة المرينية عدة عمليات للإصلاح والترميم، بدأت مع مطلع القرن العشرين في عهد الحماية الفرنسية، ومن بينها عملية ترميم جرت سنة 1946، وقد عرفت هذه العملية إدخال دعامات حديدية لدعم الجدران والأسقف والمحافظة عليها، إضافة إلى عمليات للصيانة والترميم بعد استقلال البلاد.

وشملت معالجة مشكل تآكل أسقفها وأبوابها وأعمدتها الحجرية والخشبية وزخارفها المنقوشة بالجبس والفسيفساء، حيث احترمت فيها المعايير المتعارف عليها في نمط العمارة المغربية الإسلامية التقليدية، لتحافظ على جميع مرافقها الأصلية.

تشكل المدرسة المرينية بسلا قبلة للمواطنين المغاربة من مختلف المدن وكذا السياح الأجانب الذين يقصدونها لاكتشاف تاريخها وطريقة تشييدها المميزة، مما جعلها محط إعجاب لكل من زارها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *