الهرولة الإعلامية نحو “الكيان الصهيوني” سبق نحو المسخ… لا سبقٌ صحفي… محمد زاوي

 

 

“إسرائيل” هي “الكيان الصهيوني” الغاصب لشعب فلسطين وأرضه، تحت أقنعة: “أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض”، “أرض الميعاد”، “حائط المبكى”، “جبل الهيكل”… إلخ.

“إسرائيل” هي “الكيان” الذي أنشأته “الإمبريالية الغربية” ورعته، في الوطن العربي، كقاعدة عسكرية ومخابراتية، لنهب خاماته الطبيعية واغتيال نخبه الوطنية وتفكيك عناصر ترابطه الثقافية وتجزئته جغرافيا… إلخ.

“إسرائيل” هي محضن “الصهيونية” و”سجن اليهود في اليهودية المحرفة”، حيث تحويل “يهود العالم” إلى “صهاينة” و”مجرمي حرب”.

هذه هي “إسرائيل” من حيث المبدأ، ولا تنازل عنه، ولا عن حقوق الشعب الفلسطيني، بالوعي التاريخي والإيديولوجيات المختلفة دينية وغير دينية، بالتكتيك والمناورة، بالتفاوض والمقاومة… وبكل ما هو متاح للعرب والمسلمين وأحرار العالم.

تلك هي “إسرائيل” من حيث المبدأ، وللدول في التعامل معها “حسابات أخرى” متفهَّمة، في الزمن والمكان. والأولى بـ”الحركات الاجتماعية الشعبية” أن ترفض “الكيان الصهيوني”، وتتفهَّم قرارات الدولة، بعد أن تكون قد استوعبت خلفياتها وما بنت عليه تلك القرارات. وذلك هو المطلوب، عوض أن يتحول رفض “الكيان الصهيوني” إلى “استهداف للدولة”.

وليس من حق أي كان، أفرادا ونخبا وحركات ومؤسسات خاصة وعامة، أن يتجاوز السقف الذي حددته الدولة في “بلاغيها”، حيث “استئناف العلاقات الديبلوماسية مع “إسرائيل”، دون تفريط في الموقف المغربي التاريخي من القضية الفلسطينية”.

ستستأنف الدولة علاقاتها الديبلوماسية مع “إسرائيل”، وليس من حق أي أحد، من الخواص، أن يستأنف العلاقات الإعلامية والثقافية والاقتصادية، من محض إرادته وانطلاقا من قراره الذاتي، وإلا سيكون قد تجاوز سقف الدولة، فأساء إليها وإلى الشعب المغربي ككلّ.

وهذا خطاب لن تقبله فئتان:

– فئة تنزع إلى استهداف الدولة بمواجهة “التطبيع” (الذي لم تصرح به الدولة نفسها)، بوعي أو بغيره.

– فئة تنزع إلى تجاوز السقف الذي حددته الدولة، وإلى تحويل التنازل التكتيكي إلى تنازل استراتيجي.

ولكنّه خطاب مطلوب، رغم أنف الفئتين معا، وفي سبيل: القضية الوطنية الأولى (الصحراء المغربية) والقضية الفلسطينية.

إن الفئة المقصودة، بهذه المقالة، هي الفئة الثانية. تلك الفئة التي هرولت بإعلامها إلى محاورة “مائير بن شبات”، وإلى كتابة المقالات المطولّة في الجرائد العبرية “الإسرائيلية”، وإلى الاحتفال السافر باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع “إسرائيل” على الصفحات الأولى لجرائدها، معتبرة ذلك سبقا صحفيا، وما هو إلى فتح لعلاقات إعلامية مع “الكيان الصهيوني”، لم تقرّره الدولة نفسها، ولم تعلن عنه. وهل أعوز هؤلاء أن يتأملوا في قرار الدولة مليا؟ هل أعوزهم أن ينتبهوا إلى الآتي:

– التأكيد على الموقف المغربي الثابت من “القضية الفلسطينية” في بلاغي 10 دجنبر.

– استبعاد الدولة لمصطلح “التطبيع”، لكونه غير وارد في سياق “موقفها التاريخي من القضية الفلسطينية”.

– تجنب الدولة المغربية للكثير من السفور الذي أعلنت به كل من الإمارات والبحرين تطبيعهما (على جميع المستويات: طريقة الإعلان، سياق الإعلان، التدابير المتعلقة بزيارة الوفد الأمريكي-الإسرائيلي إلى المغرب…)؟

إن ما قفزت عليه الفئات التي استهدفت الدولة بمواجهة “التطبيع”، هو نفسه ما قفزت عليه الفئات التي تجاوزت السقف المحدد من قبل الدولة في علاقتها ب”إسرائيل”. فكان تبخيس “قرار الدولة” مع إساءة قراءته، وكانت المبالغة والسفور في الدفاع عن ذات “القرار”، فبقي الشعب ضحية بين طرفين، ولم يجد بعدُ من يوجهه إلى معركته الحقيقية: الحفاظ على مكتسب الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، دون تفريط في القضية الفلسطينية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *