هو الأول..

 

 

عن عمران بن حصين قال: إني عند النبي صلى الله عليه و سلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: “اقبلوا البشرى يا بني تميم“. قالوا: “بشرتنا فأعطنا” فدخل ناس من أهل اليمن فقال: “اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم“. قالوا: قبلنا جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر؛ ما كان؟ قال: “كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء” [رواه البخاري].

دل هذا الحديث على أنه لم يكن شيء غير الله تعالى؛ لا الزمان ولا  المكان، ثم خلق الله تعالى الخلق؛ وأول ذلك العرش والماء والقلم.

قال الحافظ ابن حجر: “قوله: “وكان عرشه على الماء” معناه أنه خلق الماء سابقا ثم خلق العرش على الماء، وقد وقع في قصة نافع بن زيد الحميري بلفظ: “كان عرشه على الماء ثم خلق القلم فقال اكتب ما هو كائن، ثم خلق السماوات والأرض وما فيهن”، فصرح بترتيب المخلوقات بعد الماء والعرش” [فتح الباري – (ج 6 / ص 289)].

فالله سبحانه هو الأول:

{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}  [الحديد/3]

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أنت الأول فليس قبلك شيء” [رواه مسلم]

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان والنفس توسوسان للإنسان في هذا الموطن: هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟

وهذا السؤال خطأ من أصله لأن فيه قياسا باطلا ألا وهو قياس واجب الوجود على ممكن الوجود ..

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى موقف المسلم من تلك الوسوسة:

فقال عليه السلام: “يوشك الناس يتساءلون بينهم حتى يقول قائلهم: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله عز وجل؟! فإذا قالوا ذلك، فقولوا: “الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد” ثم ليتفل أحدكم عن يساره ثلاثا، و ليستعذ من الشيطان” [انظر تخريجه في السلسلة الصحيحة (ج 1 / ص 117)].

فالله تعالى أحد لا سمي ولا كفؤ له، وهو الغني عن كل من سواه  الذي يفتقر إليه الخلق كلهم؛ فالخلائق تصمد إليه وهو سبحانه الغني؛ فكيف  يسأل: من خلق الأحد الصمد؟!!

قال العلامة الألباني: “دلت هذه الأحاديث الصحيحة على أنه يجب على من وسوس إليه الشيطان بقوله: من خلق الله؟ أن ينصرف عن مجادلته إلى إجابته بما جاء في الأحاديث المذكورة، وأعتقد أن من فعل ذلك طاعة لله و رسوله، مخلصا في ذلك أنه لابد أن تذهب الوسوسة عنه، و يندحر شيطانه لقوله صلى الله عليه وسلم: “فإن ذلك يذهب عنه“اهـ

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *