لا غرابة أن نجد كبار المفكرين المنصفين يطلقون عليها “دبابات الفكر”، وذلك للقوة التدميرية التي تنتجها، ما تسمى ب: “المؤسسات البحثية.. المراكز.. المعاهد.. الجمعيات.. المجالس.. الوحدات.. الهيئات”، كل هذه الإطلاقات غير مهمة؛ ولكن الأهم هو الدور الذي تلعبه فكريا، وسياسيا، واقتصاديا، واستراتيجيا، وخطورة ما تقوم به من تضليل للرأي العام، وتنفيذ لأجندات المانحين، وتمهيد للهيمنة على عالمنا الإسلامي في شتى المجالات، ودورها في الحرب على الإسلام باسم “مكافحة الإرهاب”، بما فيها محاربة الإسلام السياسي والأحزاب العاملة في هذا المجال، إضافة إلى حملات التغريب ومسح وإضاعة الهوية الإسلامية.
لقد أصبح لمراكز الأبحاث (خلايا الفكر) “think tanks” دورا مركزيا ذو تأثير كبير في صنع السياسات، الأمر الذي دفع الإمارات العربية المتحدة، إلى تأسيس “دبابتها” “مؤمنون بلا حدود” سنة 2013 لتكون ضمن أجهزة “القوّة الناعمة” التي تعتمد عليها لمواجهة ما يسمى بـ”الإسلام السياسي”، ومساندة للأنظمة المستبدة بعد ثورات 2011.
وما وقع في الأردن من محاولة يائسة لـ”دبابة الإمارات” لإثارة القوى الإسلامية المحافظة واختيار المؤتمر لبعض العناوين المستفزة، من قبيل البحث في “ميلاد الله”! وما تلاه من تمثيلية ليونس قنديل، مدير المؤسسة الإماراتية، وظهوره في حالة يرثى لها كاشفاً عن تعرضه لجريمة شنيعة واتهامه للإخوان المسلمين بذلك، لكن هذا الكمين المفتعل لجر السلطات والنواب الأردنيين إلى الفوضى والتخبط، فشل في مبتغاه بعد كشف الشرطة الأردنية للتمثيلية المصطنعة، وقد تم التطرق لتفاصيل هذا الحدث في وقته من طرف وسائل الإعلام.
وتلعب مراكز الدراسات دورا كبيرا في ضرب حركات الإسلام السياسي وإحباط أي فكرة تساهم في عودة الخلافة، حيث كتب الباحثان «راي تاكياط» و«جفوسديف» كتابا خطيرا جدا بعنوان: (انحسار ظل النبي – صعود وسقوط الإسلام السياسي الراديكالي)، هذا الكتاب الذي هو تطبيق نصي لكلمة الباحث الاستخباراتي الشهير “جراهام فوللر” في كتابه “مستقبل الإسلام السياسي” حين قال: “لا شيء يمكن أن يُظهر الأسلمة في صورة غير جذابة أكثر من تجربة فاشلة في السلطة”، وهو ما عشناه في الدول العربية بعد “الربيع العربي”.