عودة اليهود إلى أوطانهم الأصلية: الشروط والمحاذير

 

يجب أن نميز أولا بين “اليهودي” و”الصهيوني”. الأول على دين “اليهودية” (والغالب أنها محرفة)، ولم ينخرط في مشروع “الصهيونية”، بمعنى أنه لم يلتحق ب”الكيان الصهيوني”، مستوطنا ومشاركا في تأسيس وتطوير هذا “الكيان”. والثاني هو “اليهودي” الذي هاجر إلى فلسطين متأثرا بالدعاية “الصهيونية” (بإيديولوجيات “اليهودية المحرّفة”)، أو هُجّر إليها قسرا بأساليب متعدّدة.

وبعد هذا التمييز، وجب التمييز أيضا بين: “الصهيوني المعتدي بالحرب والعدوان المسلح” و”الصهيوني المعتدي بالاستيطان والانتفاع فقط”. كلاهما معتديان، إلا أن الأول هو “مجرم الحرب”.

إن هاذين التمييزين مهمان، في سياق موجة “التطبيع الأخيرة” (تطبيع إدارات الدول مع “الكيان الصهيوني”، بتفاوت في الشكل والمضمون معا، ولكل معطى دلالته في السياسات الكبرى). كما أنهما حريان بالاعتبار، ونحن بصدد مناقشة قول بعضهم: “أن فتح الحدود لليهود “الصهاينة” ذوي الأصول العربية، هو خطوة أولى لإفراغ “إسرائيل” من اليهود الآفاقيين، وتخليصها منهم للفلسطينيين، نصارى ومسلمين ويهودا”.

وهذا قول معتبر، ولا ينكره أحد، ولكن تحققه يطلب شروطا ومحاذيرَ، أهمها:

– التأكد من أن استراتيجية الرأسمال العالمي (المدني الأمريكي خاصة) تسير في اتجاه رفع اليد عن “إسرائيل” وانتهاء استراتيجية المراهنة عليها، في ظل تحولات عالمية عديدة.

– معرفة مدى قدرة هذا الرأسمال على الانتصار على نقيضه العسكري الرجعي، في ظل صعود هذا الأخير وفوزه بالولاية السياسية الحالية في و-م-أ.

– التمييز بين “اليهودي” و”الصهيوني”، وبين “الصهيوني مجرم الحرب” و”الصهيوني المستوطن المنتفع”.

– وعلى أساس هذا التمييز، يتم تحديد طريقة التعامل مع كل صنف منهما. فلا يرجع الأول إلا تحت طائلة محاكمته وفق القانون الداخلي للدولة، ويرجع الثاني متحملا مسؤوليته في السكن والعيش والاستقرار، دون أن يشكل ذلك ضياعا لمصالح المواطنين الذين تملّكوا، بأمر الواقع والأعراف، ملكيات المهاجرين أو المهجرين من اليهود.

– الحذر من الاختراق الذي قد يتسبب فيه “التطبيع” أو “استئناف العلاقات”، ودون أن تكون لذلك مردودية على استراتيجية “إعادة اليهود إلى أوطانهم الأصلية، وتخليص فلسطين لشعبها”.

– التنازلات التكتيكية يجب أن تكون في أفق “إضعاف العدو” والذهاب على النقيض من استراتيجيته، لا في افق تقويته وتحقيق استراتيجيته.

إنه صراع القوى، في ميزان القوى. وليس هناك من هو أقدر على تحديد معطيات هذا الميزان من إدارة الدولة نفسها، فهي التي تحوز الأجهزة المختلفة، وهي صاحبة العلاقات المتشعبة. وحسبنا هنا أن ننطق بلسان حال الحدس، على ضوء قليل المعطيات، وعلى ضوء استيعابنا لمنطق الدولة، ولمعركة إدارتها، وطنيا وطبقيا.دون أن ننسى ما يمكن أن تفرضه المصالح الطبقية العليا من تنازلات، لصالح الطبقة المسيطرة، لا لصالح الوطن.

(م.ز)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *