القوى العلمانية في سوريا خيار أمريكي خلفا للأسد

لسوريا خصوصية ميزتها عن كافة الأنظمة العربية الساقطة التي أزهقت في موسم الثورات الأخير، وذلك لأنها تمسك بأطراف اللعبة في المحيط العربي والإسلامي، وبسقوطها سيتأثر الكيان الشيعي وتضعف قواه .
ومن جانب آخر وهو الأهم سيتعرى الكيان الصهيوني ويصبح عرضة لهجمات المجاهدين، وهو ما تخشاه كل من أمريكا والكيان الإرهابي على حدٍّ سواء، لذلك تسعى أمريكا بكل ما أوتيت من حيل إلى تأخير النزاع على الأرض السورية قدر المستطاع، حتى ترتب أوضاعها وتغيِّر خططها لسوريا جديدة، قد تكون معادية لا متحالفة، كما كان الحال مع نظام الأسد.
فالمتابع للشأن السوري يعلم تمام العلم أن أسرة الأسد كانت تعمل ليل نهار على حراسة المصالح اليهودية والأمريكية فضلا عن حراستها وحمايتها للمشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية، لذلك ففقدان نظام بهذه العمالة يعد خسارة فادحة للغرب (متمثلا في أمريكا وإسرائيل) من جانب، وللشيعة الإيرانيين من جانب آخر.
ولكم حاولت أمريكا مساعدة بشار للإبقاء عليه لكنها فشلت في ذلك، ومن ثم تحولت إلى خطتها البديلة المتمثلة في خلق نظام موالٍ، وهذا النظام لن يخرج بأي حال من الأحوال عن النطاق العلماني، لذلك سعت أمريكا منذ فترة ليست بالقصيرة إلى دعم قوى علمانية على الأرض السورية للحد من نفوذ الإسلاميين، وهو الأمر الذي كشفته مصادر استخباراتية في واشنطن.
حيث أشارت المصادر الاستخباراتية -بحسب صحيفة “وال ستريت جورنال”- إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي إيه” تقدم مساعدات “غير مسلحة” للمعارضة السورية، وذلك عبر تدريب المقاتلين على استعمال أسلحة متطورة، دون إمدادهم بها، وكذلك تزويدهم بمعلومات عن تحركات الجيش النظامي تتحصل عليها الولايات المتحدة من طائرات وأقمار التجسس وعملائهم داخل نظام بشار الأسد.
فبهذا المسعى تعمل أمريكا على تكوين ولاءات جديدة لها لحمل راية المشروع- الصهيوأمريكي- بعد انتهاء دور بشار الأسد ونظامه، وذلك لأن الأسد تحول في الفترة الأخيرة إلى ورقة لا قيمة لها، فلولا الدعم الشيعي لما صمد إلى هذه اللحظة، ولسقطت دمشق في يد الثوار بعد أيام قلائل من قيام الثورة السورية.
يضيف التقرير الصادر عن صحيفة “ووال ستريت جورنال”: “أن «سي آي إيه» تميز عند تعاملها مع المعارضة المسلحة بين قوى متطرفة وقوى علمانية”، والقوى المتطرفة هنا يقصد بها الثوار السوريين ذوي الاتجاهات الإسلامية، أما القوى العلمانية فهي كل قوى تقبل الجلوس مع أمريكا والرضوخ لشروطها في المسألة السورية.
وكان “جوشوا لانديس” مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما قد أشار إلى هذا الأمر في مؤتمر صحفي، حيث أوضح أن الولايات المتحدة تدرك أن المجموعات الأقوى في سوريا هي المجموعات الإسلامية مثل أحرار الشام وجبهة النصرة، وبالتالي فإن هذه المجموعات هي التي ستحصل على الدعم الأمريكي في حال وافقت على دعم الثوار.
لذلك تحرص أمريكا على خلق معارضة جديدة تطمئن لها، في مقابل ذلك فهي دائمة التخويف من القوى الإسلامية على الساحة السورية.
ولقد قامت الولايات المتحدة لأجل ذلك بعدة ترتيبات ذكرها التقرير الاستخباراتي، منها:
– إجراء اتصالات مع الاستخبارات العراقية لمنع تسلل المجاهدين من العراق إلى سوريا.
– إقامة مراكز في تركيا قرب الحدود مع سوريا، لتدريب المعارضين السوريين على استعمال أسلحة، وخصوصًا لمواجهة الدبابات، وجمع معلومات، ومتابعة تحركات القوات الموالية للأسد.
– وسعت الاستخبارات الأمريكية من تعاونها مع الاستخبارات الأردنية، لترتيب دعم المعارضة المسلحة، دون أن تقدم لها أسلحة.
– جمعت الاستخبارات الأمريكية معلومات كثيرة عن مواقع الصواريخ غير التقليدية التي يمتلكها نظام الأسد، بالإضافة إلى دبابات النظام وطائراته وأماكن تجمعها وأماكن إقلاعها وهبوطها.
مركز التأصيل للدراسات والبحوث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *