ينص هذا المشروع -الذي تقدّم به وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت لدى مجلس الحكومة، في 25 فبراير 2021؛ وتمت المصادقة عليه في مجلس الحكومة الأخير، بتاريخ 11 مارس 2021- على:
– الترخيص لمختلف الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، من زراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واستيراد، بحيث لا تجوز ممارسة أي نشاط من هذه الأنشطة إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهات المخوّلة لذلك.
– شروط الرخصة: جنسية مغربية، بلوغ سن الرشد القانوني، السكن بإقليم من الأقاليم المرخَّص لها بممارسة الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي (تحدّد بموجب مرسوم)، الانخراط في تعاونيات فلاحية مخصصة لتنظيم نشاط زراعة القنب الهندي، ملكية قطعة أرض زراعية صالحة لهذا النوع من الزراعة، أو الحصول على إذن من مالكها الأصلي لممارسة هذه الزراعة، أو على شهادة تسلمها السلطة الإدارية المحلية لإثبات استغلال القطعة الأرضية.
– تأسيس وكالة وطنية مهمتها “التنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين من أجل تنمية سلسلة فلاحية وصناعية تعنى بالقنب الهندي”.
– انخراط مزارعي القنب الهندي في تعاونيات فلاحية، مع إجبارهم على تسليم محاصيلهم لشركات تصنيع وتصدير، تتوفر على “مخازن مؤمنة ومحروسة لتخزين محاصيل القنب الهندي التي تقتنيها من التعاونيات”.
– فرض رقابة ضرورية على كل الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، أي على “السلسلة الفلاحية والصناعية التي تعنى بالقنب الهندي”، وبالتالي فرض عقوبات على كل مخالف لما ينص عليه القانون. وفي هذا الإطار نصّ مشروع القانون على إمكانية إحداث مؤسسة تابعة للدولة، للقيام بمهام مراقبة عمل التعاونيات وتحديد شروط عملها.
– السماح بتصنيع وتسويق وتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته، لأغراض طبية وصيدلية وصناعية. في حين، تمنع كل الأنشطة غير هذه، وأساسا تلك المتعلقة بترويج هذه النبتة ومنتجاتها كمخدرات.
وقد أثار هذا الموضوع جدلا واسعا بين طرفين، واحد منهما لا يرى سوى الربح المادي وفرص الشغل، والآخر يحذر من خطر تجاوز محددات التقنين إلى ما سواها..
قراءة في ما ينصّ عليه المشروع
لا بدّ من إبداء بعض الملاحظات، وطرح بعض الأسئلة، بخصوص مشروع القانون أعلاه. فالمشروع في طور المناقشة والتداول، والمشاركة فيهما تقتضي لفت انتباه الرأي العام لما يلي:
– أولا: صاحب القوة هو صاحب الاستراتيجية، والأقل قوة، لا استراتيجية له إلا بقدر ما يملكه من قوة ومن قدرة على فرض ذاته في ميزان القوى. هكذا هو ميزان القوى الدولي، وليس المغرب شذوذا عن ذلك. لا بدّ من التساؤل إذن، ونحن بصدد “مشروع تقنين القنب الهندي”، عمّا يطلبه سوق الرأسمال الدولي. لا بدّ من التساؤل عن موقف الرأسمال الأكثر رجعية من هذا المشروع، وعن الطريقة التي يريد أن يستفيد بها منه. لا بد أيضا، من البحث عن مصالح فرنسا و “و-م-أ” في هذا المشروع. ليس المطلوب هو أن ينتفي كل ما ذكر أعلاه، ولكننا نتساءل حول مدى قدرة المغرب على تحصيل مصالحه المشروعة من “تقنين القنب الهندي”، في سوق الرأسمال الدولي.
– ثانيا: يتطلب تنزيل مشروع “تقنين القنب الهندي”، بعد المصادقة عليه، تأسيس شركات متعلقة بمختلف أنشطة القنب الهندي. منها التي تستثمر في التصنيع، والتي تستثمر في النقل، والتصدير والاستيراد والتحويل والدراسة (المختبرات)… الخ. يتم الحديث هنا عن شركات التصنيع والتصدير وما إلى ذلك، في حين يترك تنظيم الزراعة للتعاونيات. والحقيقة أن قدرة الرأسمال الوطني على تنزيل هذا المشروع تتطلب المزيد من الجرأة في مناقشة المسائل الزراعية والصناعية والتجارية، من الجانبين الاجتماعي والوطني معا. إن الثقة في الرأسمال الوطني تقتضي: أن يتناول هذا الرأسمال مسألة زراعة القنب الهندي في إطار “إصلاح زراعي شامل” هو وحده الكفيل بتحديد القرار الناجع بخصوص هذه الزراعة (زراعة القنب)، أن يكون قادرا على التنازل أكثر لصالح الطبقات الدنيا (الشغيلة منها خاصة) حتى يخدم المشروعُ الوطنَ ككل لا طبقة بعينها، وأن يكون الرأسمال الوطني قادرا على منافسة الأجنبي في مختلف الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي (الزراعة، التصنيع، النقل، التصدير…) على أرض الوطن (فالرأسمال الأجنبي يفرض نفسه في واقع تبعي لا محالة).
– ثالثا: وهنا نتساءل عن مدى قدرة الدولة على ضبط ومراقبة الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، مستحضرين في هذا التساؤل: مدى قدرة مؤسسات الدولة المختلفة على التخلص من مشاكلها الداخلية (فساد الريع والرشوة…)، جغرافيات الأقاليم المرخّص لها بزراعة القنب الهندي، ذهنية مزارعي القنب الهندي واعتيادهم على أنماط الزراعة والمتاجرة السابقة… الخ.
– رابعا: إن دولة تستحضر المذكور أعلاه وتتصف (أو تسعى إلى الاتصاف) به، لقادرة على خلق البديل عن زراعة القنب الهندي في مناطقه التاريخية، وإنجاحه دون لجوء إلى “التقنين بهذه السرعة المفرطة”.