من نعم الله عز وجل على عباده أن جعل لهم أوقاتا وأحوالا يرجى فيها استجابة الدعاء إذا حرص العبد على ذلك وألح على مولاه وتضرع إليه.
ومن هذه الأوقات وقت غفل عنه كثير من الناس لجهلهم به أو لتفريطهم فيه وهو: ما بين صلاة الظهر والعصر من يوم الأربعاء (انظر فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد 2/173)، وقد دلَّ على ذلك حديث جابر رضي الله عنه: “أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح ثلاثا يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين فعرف البشر في وجهه.
قال جابر: فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعوا فيها فأعرف الإجابة”.
قال المنذري رحمه الله: “رواه أحمد والبزار وإسناد أحمد جيد” الترغيب والترهيب 2/143.
وقد حسنه العلامة الألباني رحمه الله كما في صحيح الترغيب والترهيب 2/143 رقم 1185.
وفي رواية قال جابر رضي الله عنه: “ولم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فدعوت الله فيه بين الصلاتين يوم الأربعاء في تلك الساعة إلا عرفت الإجابة” وقد حسنها الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد 1/246 رقم 704.
قال الشيخ الألباني رحمه الله: “لولا أن الصحابي رضي الله عنه أفادنا أن دعاء الرسول صلى الله ليه وسلم في ذلك الوقت من يوم الأربعاء كان مقصودا –والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وليس الخبر كالمعاينة- لو لا أن الصحابي أخبرنا بهذا الخبر لكنا قلنا هذا قد اتفق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا فاستجيب له في ذلك الوقت من ذلك اليوم.
لكن أخذ هذا الصحابي يعمل بما رآه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ووقتا ويستجاب له.
إذا هذا أمر فهمناه بواسطة هذا الصحابي وأنه سنة تعبدية لا عفوية” انظر شرح صحيح الأدب المفرد للشيخ حسين العوايشة 2/380-381.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله لما ذكر حديث جابر: “وهذا الحديث يعمل به طائفة من أصحابنا وغيرهم فيتحرون الدعاء في هذا كما نقل عن جابر ولم ينقل عن جابر رضي الله عنه أنه تحرى الدعاء في المكان بل في الزمان” الاقتضاء 433.
وقال القرطبي رحمه الله: “..وللدعاء أوقات وأحوال يكون الغالب فيها الإجابة، وذلك كالسحر، ووقت الفطر، وما بين الآذان والإقامة، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء..(ثم ذكر حديث جابر)” الجامع لأحكام القرآن 2/302.
وقال البيهقي رحمه الله: “..ويتحرى للدعاء الأوقات والأحوال والمواطن التي يرجى فيها الإجابة تماما، فأما الأوقات فمنها ما بين الظهر والعصر من يوم الأربعاء” شعب الإيمان 2/42، وانظر تحفة الذاكرين للشوكاني رحمه الله 63 و69.