كنون ومسؤولية القضية الفلسطينية

 

يظهر أن أكثرية الدول العربية فقدت الإحساس بالعزة والكرامة ولم يبق لوجودها معنى بالرغم مما تمتلكه من قوى بشرية وعتاد حربي وطاقة ومال، ولذلك نرى دولة الصهاينة تصول وتجول في الأرض العربية وتمعن في السكان العزل تقتيلا وتشريدا وتنفذ برنامج امتدادها من النيل إلى الفرات بعزم وإصرار من غير أن تلقى مقاومة أو رد فعل إلا ما كان من تصدي المجاهدين الفلسطينيين واللبنانيين الذين ضربوا أروع الأمثلة في البطولة والفداء وإيقاف جحافل الغزو الصهيوني عند حدها وتكبيدها أفدح الخسائر في الأرواح والعتاد.

ويتساءل الناس، عموم الناس من مواطنين وأجانب ماذا يفعل الجيش السوري المرابط بلبنان، وما فائدة وجوده هناك أن لم يكل للعدو المشترك الضربة ضربتين ويحمي عرض وشرف ونفوس أخوته العرب، وماذا ينتظر قادة دول المواجهة الذين ما يفتأون يصرحون بأننا لن نقف مكتوفي الأيدي مما يجري في فلسطين ولبنان؟ أأفظع مما هو حاصل، ولا أفظع منه؟ وماذا تنتظر باقي دول المنطقة، وهي آن آثرت التفرج على المعركة اليوم فستكون هي فرجة الغد القريب غير البعيد

لقد قال لي مندوب إحدى الصحف العربية في عمان هل قام المغرب بصفته رئيس لجنة القدس بمسؤوليته؟ فقلت له: أن مسؤولية إنقاذ القدس وفلسطين هي أولا مسؤولية دول المواجهة ثم دول المنطقة عموما والدول الإسلامية جميعا، والمغرب وإن يكن بعيدا عن المنطقة فهو يعد نفسه من دول المواجهة وإذا قامت هذه الدول بمسؤوليتها فسيكون هو في المقدمة كما فعل في حرب 73 ولجنة القدس لا تعمل إلا بما يؤمن به أعضاؤها ومع ذلك فقد فعلت الكثير في هذا المضمار بمبادرة من رئيسها.

إن المسؤولية التي يتحملها القادة العرب إزاء التحدي مسؤولية عظمى مسؤولية دينية وقومية وتاريخية، والدول الإسلامية هي تبع للدول العربية، فإذا تحركت هذه فإن العالم الإسلامي كله سيتحرك ولا نطالب المسلمين بعمل لم نقم بأدنى بادرة في وسيلة، وإنما نملأ الدنيا شكوى من قبيل ما قال المتنبي: شكوى الجريح إلى العقبان والرخم، والاستجارة بعمرو الذي قال فيه شاعرنا:

المستجير بعمرو عند كربته   =    كالمستجير من الرمضاء بالنار.

 

المصدر:

كتاب “معسكر الإيمان يتحدى” (ص: 100-101)؛ للأستاذ عبد الله كنون؛ مطابع البوغاز؛  الطبعة الأولى 2-1989.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *