تستهدف مؤتمرات الأمم المتحدة عقيدة المسلمين ومجتمعاتهم، وتنادي بكل ما أوتيت من قوة لإفساد الأجيال الإسلامية حتى يتسنى لها السيطرة على تلك البلاد وخيراتها.
إن الأمم المتحدة لا تُراعي هوية أو خصوصيات الشعوب، لأنها تفرض رؤية واحدة من خلال التوصيات التي تعتبرها لازمة التنفيذ، وتفرضها بالقوة على كافة الشعوب على اختلاف دينهم وثقافتهم، لتطمس هويتهم وتزييف وعيهم عبر تلك المؤتمرات، بدعوى أنها تدعو إلى عقيدة كونية موحدة تنصهر فيها كل العقائد وتذوب في بوثقتها كل الهويات، يستوي فيها المؤمن والكافر والموحد والوثني.
والدول الرافضة لاتفاقيات وتوصيات الأمم المتحدة تمنع من الاستفادة من القروض والمساعدات التي تمنحها “الدول العظمى” التي تشترط في المقابل: التزام الدول الطالبة للمساعدات بهذه التوصيات، وعدم مخالفتها، وفي حين فعلت ذلك تعاقب وفقا للإجماع العالمي المتمثل في المنظمة الدولية، وبالتالي تتعرض هذه الدول لضغوط سياسية واقتصادية وإعلامية، واعتبارها دولة خارجة على القانون الدولي..
الأمم المتحدة والشذوذ
لقد استفاضت مؤتمرات الأمم المتحدة في طرق قضايا الحرية الجنسية وأسرفت في الدعوة إلى الإباحية الجنسية، وتفننت في تسميتها بغير اسمها، فظهرت مصطلحات مثل: الجندر، المتعايشين، حقوق المثليين، الثقافة الجنسية، الصحة الإنجابية.. ونحو ذلك، من المصطلحات التي تدعو بسفور إلى قبول الشذوذ الجنسي كممارسة مشروعة، تدخل ضمن حقوق الإنسان، وتُوفَّر لممارسيها العناية الطبية والحماية القانونية.
فعملت الأمم المتحدة عبر مؤتمراتها على تطبيع زواج الجنس الواحد، والمعاشرة من دون زواج، وفصل الزواج عن الإنجاب وعن الجنس، فالجنس موضوع، والإنجاب موضوع، والزواج موضوع، ولا علاقة بين هذه الموضوعات الثلاثة إطلاقاً، ويمكن في ظل هذه البنود أن يتم الزواج بين شخصين، قد يكون عقداً بين رجلين، أو بين امرأتين، أو زواجاً تقليدياً في نظرهم بين رجل وامرأة، وبذلك تم تقنين الشذوذ والسحاق والإباحية.
تقول الباحثة صباح عبده: “أكدت -على لسان المفوضة العامة للمرأة- “ماري روبنسون رئيس جمهورية ايرلندا السابقة” في كلمة لها أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م هو وثيقة حية وقد اكتشفت أن هذه الوثيقة -وهذه مفاجأة المفاجآت- تضمنت في ثناياها حماية “حق التوجه الجنسي” أي الحياة المثلية، وقد التقت هذه المفوضة “روبنسون” بالحلف الدولي للشواذ وتعهدت خلاله بإعطاء كل تأييدها ودعمها لجهود هذا الحلف الذي يتمتع بالصفة الاستشارية لدى اللجنة الاجتماعية والاقتصادية في الأمم المتحدة ويُعرف باسم: (The Economic and Social Council Ecosoc, article 7 paragraph H).
وأعلنت “ماري روبنسون” عن عزمها تعيين مراقب خاص لمتابعة المسائل المتعلقة بحقوق الشواذ ومنها حق الزواج من نفس الجنس، ومكافحة القوانين المضادة للشذوذ الجنسي، وأكدت تصميمها على حث لجنة حقوق الإنسان للإعلان عن أن كل تفرقة على أساس السلوك الجنسي عمل غير قانوني.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل في مؤتمر “روما” لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، والذي عقد في عام 1998م، حاول المؤتمرون إصدار توصيات مُلزمة على المستوى الدولي بتجريم القوانين التي تعاقب على الشذوذ الجنسي، فورد ما معناه: “أن كل تفرقة أو عقاب على أساس “الجندر” تشكل جريمة ضد الإنسانية”.
وقد علقت سابقا رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفولة “كاميليا حلمي” والتي شاركت في مؤتمر المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة على برنامج منتدى التجاوب مع السيدا بالقول: إن سياسة (التطبيع مع الشواذ) واحتضانهم التي تدعو إليها الأمم المتحدة تعارضها بشدة الشعوب المتأصل فيها الدين، وأن ممثلي الأمم المتحدة رأوا أن المانع الرئيس من تطبيق هذه السياسات، هو تدين هذه الشعوب، واتباع الناس للعلماء، فركزوا بالتالي على العلماء، باعتبارهم الأداة التي من خلالها سيحاولون تغيير تلك الثقافات، عن طريق ليّ عنق المصطلحات والألفاظ، وترجمتها بالعربية بشكل مغاير لمعناها الحقيقي مثل لفظ (الشريك)، وتعويد الآذان على هذه الألفاظ وعدم إنكار الإباحية والشذوذ!”
وقد عقد مؤخرا من 26/2 إلى 9/3/2007م، الاجتماع 51 للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة، وشاركت فيه “اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل”، حيث عرضت وجهة النظر الإسلامية في الأطروحات الإباحية، التي يراد نشرها وفرضها على البلاد والمجتمعات الإسلامية.
وقد حذرت اللجنة الإسلامية من مطالب وثائق الأمم المتحدة “بالاعتراف بالشواذ، وذلك من خلال استبدال مصطلح “الجنس Sex”، والذي يعني ذكرا أو أنثى، بمصطلح “الجندر بمعنى النوع Gender”، والذي يشمل الذكر والأنثى والشاذ والشاذة ..الخ”.
إن خطط دعاة الرذيلة والساعين لهدم الأسرة المسلمة مستمرة، وهم يفكرون ويفتشون في كل مرة عن مدخل للتغلغل من خلاله إلى عقول المسلمين لتغيير أفكارهم وثوابتهم الدينية.. ومازالت المعركة مستمرة!
ولسنا في حاجة أن نأكد أن العلمانيين في الدول الإسلامية ومنها المغرب يعتقدون اعتقادا جازما فيما تنصُّ عليه وثائق الأمم المتحدة، ويطالبون دولهم بالمصادقة عليها وبتنفيذ توصياتها دون أية تحفظات، مما يجعل المعركة معهم مفتوحة على مصراعيها ويفرض على العلماء أن يأخذوا موقعهم في التصدي لهذا الفكر الأممي المنحرف والمخالف من كل النواحي لما جاءت به الشريعة الإسلامية.