الكنبوري.. عناصر القصور والنجاح في مشروع هيكلة الحقل الديني بالمغرب

 

في تصريح لجريدة “السبيل” أشار د.إدريس الكنبوري أن مشروع إعادة هيكلة المجال الديني في المغرب جاء في مرحلة حرجة ودقيقة بالنسبة للعالم العربي والإسلامي ككل، ومنه المغرب، وهي مرحلة ما بعد تفجيرات الحادي عشر من شتنبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، وما أثارته من نقاش حول مسؤولية الإسلام والمسلمين عن الإرهاب، وضرورة الحد من نفوذ الدين في هذه البلدان، فكان من الطبيعي أن تصدر بحوث ودراسات عن جهات رسمية أو شبه رسمية أمريكية توصي بضرورة إعادة بناء المنظومة الدينية في المنطقة العربية، وإعادة بناء الأولويات، وتجديد المؤسسات الدينية على أسس جديدة.

وأضاف الباحث في المجال الديني والجماعات الإسلامية أن ذات المشروع لم يخرج عن هذا الإطار العام، وإن حافظ على بعض الخصوصية. فإصلاح المؤسسة الدينية، وإعادة بناء العلاقة مع المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية في المغرب مشروع قديم وليس جديدا، كان دائما يحصل مع سلاطين المغرب عندما يحصل نوع من الجمود الديني، أو تأتي ظروف خارجية، مثلما حصل مع الوهابية مثلا في القرن الثامن عشر، فتنهض الدولة للقيام بإصلاح الديني يحافظ على خصوصية البلاد، حدث هذا مع محمد بن عبد الله والمولى سليمان، وحصل مع الحسن الثاني عشية الثورة الإيرانية عندما تم إنشاء المجالس العلمية ودار الحديث الحسنية على سبيل المثال.

لكن الأمر مع المرحلة المعاصرة مختلف، لأنه لأول مرة جاء مشروع إعادة التجديد الديني مدفوعا من الخارج، ونتاج توصيات أجنبية، لم تهم المغرب وحده بل المنطقة العربية قاطبة، كل بلد أنزل التوصيات الغربية والأمريكية وفق مزاج وطني خاص، والمغرب حاول التوفيق بين تلك الدواعي الأجنبية وبين ضرورات الداخل، ليكون منسجما مع تاريخه.

وأشار الكنبوري أنه في أفق هذا المشروع جيء بأحمد التوفيق ليكون عنوان المرحلة، نظرا لأنه ينتمي إلى الزاوية البودشيشية، والمغرب كان يريد الذهاب في هذا المنحى، نزولا عند التوصيات التي تضمنها تقرير مؤسسة راند الأمريكية الشهير، الذي أوصى بالتوجه نحو التصوف وإبراز الزوايا الصوفية كبديل عن الإسلام السياسي والسلفية الجهادية. غير أننا اليوم بعد عشرين سنة من هذه التجربة نلاحظ أن عناصر القصور أكبر من عناصر النجاح في هذا المشروع، لما تخلله من مشكلات في التنزيل والتطبيق، زد على هذا أن الاندفاع عن التصوف أساء إلى التصوف أكثر مما خدمه، وحوله إلى طابع فولكلوري، ولم ينجح هذا التوجه في الحد من التطرف الديني، بدليل أننا لا زلنا نعاني من هذه الظاهرة إلى اليوم، ولا يزال المغرب يعلن في كل مناسبة تفكيك خلية إرهابية، ويزداد خطر التطرف والتشدد الديني.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *