ما كان للغرب والولايات المتحدة الأمريكية على وجه التحديد أن يسمحا بقيام نظام سياسي غير علماني في المنطقة العربية وفي مصر بوجه خاص، وذلك حفاظا على مصالحهم الاقتصادية والسياسية والإقليمية، وعلى تواجد الكيان الإرهابي في المنطقة.
فبعد الربيع العربي والنجاح الكبير الذي حققته الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في الانتخابات؛ ووصول عضو من جماعة الإخوان المسلمين إلى منصب الرئاسة في مصر العربية، عملت أمريكا جاهدة عبر سفارتها وجمعياتها ومؤسساتها على إفشال النظام الجديد؛ والتسويق لتجربته على أنها تجربة فاشية فاشلة بامتياز.
ولتحقيق هذا الهدف حركت أدرع الدولة العميقة ودول الخليج وضخت أموالا طائلة؛ صرفت لفائدة المعارضين لنظام الرئيس مرسي.
وقد كشفت وثائق الفيدرالية الأمريكية عن حجم الأموال التي أغدقت على بعض معارضي الرئيس المنتخب محمد مرسي، بهدف خلق حالة الفوضى التي عمت مصر، والضغط لعزل الرئيس، ومساعدة الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق عبد الفتاح السيسي.
كما أظهرت الوثائق أن الولايات المتحدة وجهت التمويل -من خلال برنامج وزارة الخارجية لتعزيز الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط- لدعم النشطاء والسياسيين الذين ساهموا في إيقاظ الفتنة وزيادة الاضطرابات في مصر، بعد الإطاحة بالمخلوع مبارك خلال ثورة 25 يناير.
وبموازاة ذلك أكدت الولايات المتحدة أنها لن تقطع المساعدات العسكرية عن مصر، ولم تتخذ بعد أي موقف تجاه الانقلاب العسكري وعزل الجيش للرئيس المنتخب محمد مرسي.
وقال “جاي كارني” الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض إن “الرئيس المعزول كان يحكم بطريقة غير ديمقراطية”، مشيرا إلى أن واشنطن ستأخذ وقتها الكافي قبل أن تصدر أي موقف مما يقع في مصر.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي “تشاك هيغل” أنه يعارض وقف المساعدة العسكرية الأمريكية لمصر.
وعلى صعيد آخر ادعى مدير دائرة العلاقات الخارجية المنبثقة من الاتحاد الأوروبي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط “كريستيان بيرغر” أن للأحداث الجارية في مصر بعديْن؛ بعدٌ يتعلق بعزل الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا بطرق غير ديمقراطية، وبعدٌ آخر يتعلّق بتشكيك بعض المواطنين في شرعية مرسي بسبب الإجراءات التي نفّذها الأخير بعد وصوله إلى السلطة، على حد زعمه.
وأشار إلى أن هناك صراعًا بين المدافعين عن النظام العلماني وبين من سمّاهم بـ”الإسلاميين المتطرّفين”!! في مصر، وأعرب عن رغبته ورغبة الاتحاد الأوروبي في تسليم السلطة إلى المدنيين والعودة إلى النظام الديمقراطي في البلاد على نحو عاجل.
فبعيدا عن خطاب بعض رموز المعارضة في العالم الغربي الذين صرحوا أن ما وقع في مصر يعد انقلابا عسكريا، وتأكيد بعض الدول الأوربية الصغيرة لهذا القرار، ظل موقف الغرب مما يحدث في مصر واضحا، حيث كان للتحرك الديبلوماسي الصهيوني والخليجي وقع كبير على موقفهم من الانقلاب العسكري الواضح والإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعب مصر.
وحتى نجلي الصورة أكثر عما يحدث في مصر من تدخل أجنبي، وتاريخ أمريكا في إجهاض أي نهضة تهدد مصالحهم عن طريق دعم الانقلابات العسكرية ارتأينا فتح هذا الملف.