طرق تصريف الشهوة في الإسلام الشهوة شيء لا يمكن وسمه بالسوء مطلقًا ولا الحسن مطلقًا

“يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان، فتسهل سيطرتنا، إن “فرويد” منا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس كيلا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس، ويصبح همه الأكبر هو إرضاء غرائزه الجنسية، وعندئذ تنهار أخلاقه”! (بروتوكولات “حكماء” صهيون)

الشهوة من الأمور الفطرية التي جبلنا الله عليها ووضعها فينا لحكم وفوائد عديدة؛ منها: حفظ النسل، وتحقيق المتعة للرجال والنساء، وغيرها من الفوائد، لذلك نظر الإسلام إلى الشهوة نظرة صحيحة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “إن الله خلق فينا الشهوات واللذات لنستعين بها على كمال مصالحنا، فخلق فينا شهوة الأكل واللذة به فإن ذلك في نفسه نعمة وبه يحصل بقاء جسومنا في الدنيا، وكذلك شهوة النكاح واللذة به هو في نفسه وبه يحصل بقاء النسل.
فإذا استعين بهذه القوى على ما أمرنا؛ كان ذلك سعادة لنا في الدنيا والآخرة وكنا من الذين أنعم الله عليهم نعمة مطلقة، وإن استعملنا الشهوات فيما حظره علينا بأكل الخبائث في نفسها، أو كسبها كالمظالم أو بالإسراف فيها، أو تعدينا أزواجنا أو ما ملكت أيماننا؛ كنَّا ظالمين معتدين غير شاكرين لنعمته”.
إن نظرة الغرب للحرية في طرق تصريف الشهوة بعيدًا عن الضوابط الدينية والخلقية، أمر يخدم ما تهدف إليه بروتوكولات “حكماء” صهيون حيث جاء فيها: “يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان، فتسهل سيطرتنا، إن “فرويد” منا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس كيلا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس، ويصبح همه الأكبر هو إرضاء غرائزه الجنسية، وعندئذ تنهار أخلاقه”!
هذه النظرة هي النظرة السائدة الآن في الغرب المنحل أخلاقيا، والتي يحاول العلمانيون من بني جلتنا الترويج لها ليل نهار عن طريق كافة الوسائل المتاحة.
إن النظرة المتوازنة للشهوة هي الأصل في الإسلام؛ لأن الشهوة شيء لا يمكن وسمه بالسوء مطلقًا ولا الحسن مطلقًا، بل تختلف من شخص لآخر حسب تعامله معها، لكن الخلل تولَّد من جانبنا نحن، عندما ضخمنا المشكلة فوق حجمها الطبيعي الذي ينبغي أن تأخذه؛ حتى غطت على جميع المشكلات الأخرى، وبالتالي عاش داخلها الشباب والفتيات وشغلت عقولهم وتفكيرهم، ولو أننا نظرنا إليها كما نظر إليها سلفنا الصالح بوسطية واعتدال؛ لانكشفت الحقيقة، وذهبت الحيرة، وزال الخوف منها في الحال.
إن الإسلام -وهو دين الفطرة- لم يقع في شَرَك الاقتصار على مخاطبة الروح وبنائها، بل اهتم بتغذية المادة، وأعطى لقبضة الطين حقها كما أعطى لنفخة الروح حقها، فلم يأتِ الإسلام ويَقُل للناس: ترهبنوا، ودَعُوكم من التفكير في أمور الشهوة، ولم يصفها بأنها من الدنس، بل على العكس، هي من النعم بلا شك، كل ما في الأمر أن يهتدي المرء إلى الطريق الذي به يستفيد منها، وينجو من خلاله من الشقاء بها، بل أكثر من ذلك فقد جعل الإسلام في قضاء الإنسان وطره أجرا وصدقة، قال صلى الله عليه وسلم: “..في بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر” رواه مسلم.
فالله عز وجل خلق الشهوة الجنسية من أجل اللذة والمنفعة، لذة الإنسان بقضاء وطره، ومنفعة بالحفاظ على النسل لاستمرار الجنس البشري في الأرض لعبادة الله جل وعلا، لذلك فإن ابتغاء اللذة دون المنفعة خروج عن الفطرة السوية وسقوط في الانحراف والشذوذ الجنسي الذي يصادم الحياة ويعدمها، لأنه “يُذهِب بذورها في تربة خبيثة لم تُعَدَّ لاستقبالها وإحيائها، بدلاً من الذهاب بها إلى التربة المستعدة لتلقيها وإنمائها، ومن أجل هذا تنفر الفطرة السليمة نفوراً فطرياً -لا أخلاقياً فحسب- من عمل قوم لوط، لأن هذه الفطرة محكومة بقانون الله في الحياة، الذي يجعل اللذة الطبيعية السليمة فيما يساعد على إنماء الحياة لا فيما يصدمها ويعطلها”.
وللأسف الشديد، فتربيتنا حتَّمت علينا بعض التصورات عن الشهوة، ورسختها في عقولنا؛ فأدت إلى حالة من حالات الغموض والقلق والتخبط، الذي يجعل من الشاب أسير تصورات خاطئة حول الدافع الجنسي عمومًا، ووظيفته الاجتماعية، ومظاهره الفسيولوجية، التي تبدأ بالظهور لدى الشاب منذ مرحلة المراهقة.
هذه التصورات الخاطئة أدت إلى تضخيم المشكلة، وإعطائها حجم أكبر من حجمها الطبيعي؛ ومن ثم تأصيلها في واقع الشباب المحاط بالفتن من كل ناحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *