تداعيات ارتفاع الأسعار بالمغرب..

 

مصطفى المعتصم*: هناك ظرفية عالمية ولكن معاناة المغاربة اليوم هي نتاج سياسات فلاحية فاشلة

 

سؤال: هناك تصور يرجع أسباب ارتفاع الأسعار إلى العوامل الخارجية، خصوصا الحرب الروسية الأوكرانية، وهناك تصور آخر لا ينفي تلك العوامل ولكنه يعتبر الحكومة مسؤولة عن التدخل، على الأقل، للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار. في نظركم، ما سبب أو أسباب ارتفاع الأسعار؟

جواب: ارتفاع الأسعار ابتدأ قبل الحرب الروسية الأوكرانية وتحديدا بعد الانتخابات التشريعية في شتنبر وقبل تنصيب حكومة أخنوش، وطبعا استمرت الأسعار في الارتفاع بقدوم حكومة أخنوش وباندلاع الحرب الأوكرانية. وفِي تقديري هناك ثلاث أسباب وراء ارتفاع الأسعار:

⁃ السبب الأول، انتهاز البعض للمرحلة الانتقالية ليتخذ قراره برفع الأسعار مستغلا الظرفية لتحميل الحكومة منتهية ولايتها مسؤولية ذلك مما يدل على سوء نية من كان وراء قرار رفع الأسعار.

⁃ السبب الثاني، الانتعاش النسبي الذي عرفه الاقتصاد العالمي بعد سنتين من الركود والأزمة العالمية، جراء جائحة كورونا، أثرت على كل الأصعدة بما فيها المجال الفلاحي ومجال الطاقة. فالندرة النسبية في المواد الفلاحية تسببت بفضل ارتفاع الطلب في ارتفاع أثمان المواد الفلاحية خصوصا في الحبوب والقطاني. كما أن اتفاق دول الأوبيك على تخفيض صادراتها البترولية وارتفاع الطلب على النفط والغاز نتيجة عودة الآلة الإنتاجية في الدول الصناعية خصوصا في الصين إلى دورانها المعهود تقريبا شكلا ضغطا على أثمان المحروقات التي استمرت في الارتفاع ومعها استمرت أسعار المواد الأخرى بما فيها الفلاحية في الارتفاع نتيجة ارتفاع كلفة النقل.

⁃ السبب الثالث، الحرب الروسية الأوكرانية طبعا باعتبار الأهمية التي يلعبها البلدين عالميا وأوروبيا على المستوى الطاقي والغذائي.

طبعا هناك ظرفية عالمية ولكن في الحقيقة أن معاناة المغاربة اليوم هي نتاج سياسات فلاحية فاشلة لم تتغيا يوما تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الغذائي وهو ما يسائل برنامجنا التنموي الحالي الذي يبدو أنه استمرار للبرنامج السابق خصوصا في المجال الفلاحي. من جهة أخرى كان بمقدور الحكومة اتخاذ اجراءات لحماية القدرة الشرائية للمواطنين من الطبقة الوسطى والفقيرة وهو ما لم يتم بالشكل المطلوب. فمثلا كان على الحكومة أن تبادر إلى تسقيف ثمن المحروقات عوض التفرج على الأسعار تحلق عاليا والاكتفاء باتهام الحكومة السابقة بعدم تسقيفها.

 

س: انطلاقا من تجربتكم السياسية، واطلاعكم على التاريخ السياسي للمغرب المعاصر، كيف يتفاعل المجتمع المغربي مع ارتفاع الأسعار؟

ج: المغرب بلد فلاحي، وعلى مر تاريخ المغرب القديم والحديث، عرف فترات جفاف أدت إلى ندرة في الماء والمحصولات الزراعية كانت سبب المجاعات وسبب الثورات والانتفاضات الشعبية والسيبة. بعد الاستقلال عرف المغرب أيضا فترات من الجفاف أثرت على انتاج الحبوب كما عرف صعوبات اقتصادية نتيجة ارتفاع المديونية الخارجية مما فرض عليه الامتثال لتعليمات البنك الدولي والقيام بتدابير في سياق ما اصطلح عليه بمخطط التقويم الهيكلي PAS، وكانت النتيجة تقليل المغرب من دعمه لبعض المواد الغذائية مما أدى إلى ارتفاع أثمانها وتسبب في حالة من التوتر في الشارع المغربي بلغت مداها في أحداث الدار البيضاء سنة 1981 (ثورة الكوميرا كما سماها وزير الداخلية البصري) والناظور ومراكش وطنجة سنة 1984 وأحداث فاس سنة 1990. اليوم الوضع متوتر ومكهرب وأي سوء تقدير وتصرف حكومي قد يكون بمثابة القشة التي تقسم ظهر البعير والشرارة التي تشعل الحريق لا قدر الله.

 

س: أليس من واجب الأحزاب والنقابات والجمعيات تأطير المجتمع على التماس الأعذار للحكومة في مسألة ارتفاع الأسعار، خاصة وأنها مرتبطة بما هو دولي؟

ج: أقول: نعم هناك تحديات خارجية، وأيضا داخلية وللأسف الشديد جل الأحزاب ضعيفة وفي سبات عميق وفاقدة للمصداقية. كما أن عمل المجتمع المدني وعمل النقابات في تراجع وهذا ما جنته السياسات المتهورة التي استهدفت إضعاف العمل الحزبي والنقابي والجمعوي، حتى أصبحت الجماهير لا تثق في مجمل العمل الحزبي والجمعوي وهي في واد والمؤسسات التي من المفروض أن تقوم بتأطيرها في واد آخر.

من جهة ثانية سمعت من زعيم أحد أكبر الأحزاب المغربية وأعرقها أنه لم يعد يفهم شيئا مما يجري في العالم منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، وهنا أسألك ماذا عسى هذا الزعيم الحزبي أن يفسر للمغاربة كي يقنعهم بصعوبة الظرفية وبثقل التحديات الخارجية وتهديدها لوضعنا الداخلي؟!

ــــــــــــــــــــــــــــ

* سياسي وباحث في الجغرافيا السياسية

 

 

موسى كرزازي*: الفئات المعوزة لا يمكنها تحمل ثقل الزيادة

في أسعار المنتوجات الأساسية لعيشها

 

كيف يتلقى المجتمع المغربي الزيادة في الأسعار، خاصة في المنتوجات الزراعية؟

العلاقة وثيقة بين الإنسان والأرض. وإذا كان المغرب قد طور أدوات إنتاجه الفلاحية، فأصبح شطر من فلاحته عصريا تضاهي مزارعها نظيرتها في الدول المتقدمة، وبذل عدة مجهودات لتطوير هذا القطاع عبر تشييد السدود وتجهيز القطاعات السقوية لرفع المردود وتحسين عيش الفلاحين، ومن أجل ضمان الأمن الغذائي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاجه للمواد الأساسية الضرورية لعيش غالبية السكان (مخطط المغرب الأخضر، والجيل الجديد منه)، فإنه لم يفلج في توفير المنتوجات الأساسية كالحبوب مثلا. خاصة عندما اهتم بزراعات التصدير المستهلكة للماء على حساب المزروعات الأساسية المغذية لسكانه، والتي عادة ما تكون لصالح الفلاحين الكبار لتحقيق أرباح كبيرة في أسواق أوربا والخارج بصفة عامة. ولذلك، فالمغرب يصبح عاجزا عن تلبية حاجيات السكان، كلما اجتاح الجفاف البلاد. وترتفع الأسعار بشكل مهول، كما حدث في شهر أكتوبر وفبراير من هذه السنة 2022، حيث ارتفعت أسعار العلف والحبوب، وشرع مربو الماشية في بيع قطعان ماشيتهم بأرخص الأثمان، خوفا من موتها جوعا لفقدان المراعي الطبيعية، وغلاء العلف.

ونذكر بإن غالبية الشرائح الاجتماعية المكونة للمجتمع المغربي هشة ولا تصمد ميزانياتها لارتفاع الأسعار، وخاصة المواد الأساسية الضرورية في عيشها اليومي، وفي مقدمتها “الرغيف” وقاعدتها الحبوب. وهذا ما يجعل المواطنين يرفضون بقوة ارتفاع أسعارها، وهو ما يهدد بانفلات أمني قد يأتي على الأخضر واليابس إذا لم تتحمل الحكومة مسؤولياتها وتدعم المواد الأساسية وتخفض من سعرها ومن سعر المحروقات، كما حدث في شهر ماي 1981 عندما ارتفعت أسعار الرغيف والزبدة وبعض المواد الضرورية للعيش، فاندلعت انتفاضات خطيرة بالدارالبيضاء وغالبية المدن المغربية، نتجت عنها عواقب وخيمة على استقرار البلاد.

الخلاصة الأساسية، هي إن الفئات المعوزة، لا يمكنها تحمل ثقل الزيادة في أسعار المنتوجات الأساسية لعيشها. وقد اكتشف المسؤولون في بداية انتشار وباء كوفيد، 2020، كيف أصبح حوالي 20 مليون مواطن ومواطنة مغربيى عرضة للضياع، في سد رمقهم اليومي، لهشاشة جيوبهم وانتشار البطالة في صفوف معظم الأسر المغربية، لولا تدخل الدولة والتضامن العائلي لتمر المرحلة بسلام وبأقل الأضرار.

 

هل لارتفاع الأسعار علاقة بعوامل جغرافية، كالمناخ مثلا، وكيف تميز بين زيادات سببها المناخ وزيادات أخرى؟

ج: أكيد أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية لها ارتباط بالمناخ بالنسبة للمغرب. فكلما كانت السنة تتميز بهطول الأمطار في وقتها وبوتيرة طبيعية موزعة على الأيام والشهور، ابتداء من نهاية الخريف وفصل الشتاء وبداية الربيع، إلا وتعطي الأمل للفلاح المزارع الذي يفلح الأرض، والكساب الذي يرعى قطيعه وماشيته في المراعي مع توفر العشب بالمجان، بحيث لا يضطر إلى شراء العلف. ويسعد بالمحصول الزراعي البكري والمازوزي، فيرتفع الإنتاج الفلاحي ويتنوع، مما ينعكس إيجابا على الفلاح وأسرته، ببيعه لمنتوجاته. كما ينعكس ذلك إيجابا على أسعار المنتوجات في الأسواق بالمدن والأرياف، وتستقر الأسعار في مستوى جيوب المواطنات والمواطنين، لأن العرض أكبر من الطلب.

هذا الوضع، تغير في العقود الأخيرة، بسبب التغيرات المناخية، حيث أصبح تكرار الجفاف أكبر مما كان عليه في الماضي. ووقع تغير في نظام سقوط الأمطار، ترتب عنه خلل في انتظام سقوطها في الوقت المناسب، أو عدم سقوطها بالقدر الكافي. وهذا ما حدث في مطلع السنة الفلاحية 2022 عندما تأخرت الأمطار ولاحت ملامح الجفاف عندما توقف سقوطها بعد زرع الحقوق، وكادت تحترق معظم المزروعات من شدة الحرارة وغياب الرطوبة، خاصة في المناطق البورية. وانعكس ذلك على حقينة السدود التي انخفض مستوى ملئها إلى الثلث. مما كان ينذر بجفاف قاس. لولا التساقطات المطرية والثلجية التي أعادت الأمل للفلاحين والمواطنين، بإنقاذ الموسم نسبيا.

 

س: هناك زيادات في الأسعار سببها تحولات المناخ؛ إذن، كيف تقنع الحكومة المجتمع بتقبلها؟ وكيف تتدخل لتلافيها؟

ج: المسألة ليست في محاولة إقناع المواطنين، عبر تبرير الزيادات في أسعار المواد الغذائية والمحروقات بالدرجة الأولى التي أحرقت بلهيبها جيوب المواطنات والمواطنين الهشة أصلا. إن السيد رئيس الحكومة حاول دون جدوى، أمام البرلمان (الجلسة الشهرية في شهر ابريل 2022)، حاول إقناع الرأي العام والنقابات المدافعة عن القوة الشرائية للموطنين والمجتمع المدني المناهض لهذه الزيادات التي فاقت كل التقديرات، مقدما فقط تبريرات عن سبب ارتفاع الأسعار. بينما كان المفروض تقديم حلول بديلة للتخفيف على جيوب الموطنين من ثقل هذه الأسعار.

على الدولة أن تلتجئ في هذه الظروف الصعبة إلى التخفيف من نسبة الضرائب المفروضة على المواطنين في محطة التزود بالوقود والتي تبلغ (47%) في البنزين و(%35 ) في الكازوال. تخفيضها مثلا إلى %20. ووجب تحديد سقف الأثمان للمحروقات التي أصبحت محررة منذ الحكومة السابقة، ولا رقيب لهذه الشركات المحتكرة والتي تقوم بتفاهمات فيما بينها، قائمة على ضبط سعر البيع بمحطات الوقود، تحدده هي، على حساب جيوب المواطنات والمواطنين، في غيبة عن أي مراقبة من الدولة. ولا بد من التذكير، بأن الذي يتحكم في ارتفاع الأسعار أيضا هو عدم خزن الوقود والمنتوجات الفلاحية كالحبوب، (لضمان الأمن الغذائي).. والبديل هو الاستثمار في بنيات الخزن.

في هذا الصدد، على الدولة أن تهتم بالزراعات التي تعتمد على المواد الاستهلاكية الضرورية للمواطن، ولا تستهلك الماء. وهي مطالبة بإعادة فتح مصفاة لاسامير المحمدية لتكرير البترول دون شرائه مكررا بثمن مرتفع، وتخزين كميات كبيرة منه، عندما يكون السعر منخفضا، لتأمين الأمن الطاقي، مثل الدول الكبرى كالولايات المتحدة والصين الشعبية وغيرها من الدول التي تتوفر على المخزون الاحتياطي الاستراتيجي لمدة سنوات. بينما المغرب، لا يزيد مخزونه للوقود عن تغطية 26 يوما، في حين أن المخزون العادي من الوقود، حسب القانون، وجب أن يبلغ شهرين على الأقل، لمواجهة مثل هذه الأزمات الطارئة كحرب أوكرانيا أو اجتياح فيروس “كوفيد” الذي أدى إلى إغلاق الحدود للضرورة الصحية، لفترة معينة من الزمن.

* أستاذ التعليم العالي فخري بجامعة محمد الخامس الرباط / متخصص في الجغرافيا

 

 

 

بلكبير*: المشكلة الرئيسية تكمن في علاقات الإنتاج الاجتماعية

في الداخل والعلاقات الدولية مع الخارج

 

صرح عبد الصمد بلكبير، المفكر والمحلل السياسي المغربي، بأن “المشكلة الرئيسية لا تكمن في الأسعار، ارتفاعا أو انخفاضا، بل في علاقات الإنتاج الاجتماعية في الداخل والعلاقات الدولية مع الخارج”.

وقال بلكبير، في استجواب محّرر خص به جريدة “السبيل”، إنه “من جهة أولى، مسألة الأسعار مرتبطة بمسألة الأجور، وبالتالي بما يعتبر مصدر الاستغلال في المجتمعات الرأسمالية، والتي تتمثل في أن الأجير لا يأخذ حقه كاملا، ذلك لأنه ينتج قيمتين: ما يتحصل عليه من أجر من جهة، وما لا يتحصل عليه وهو فائض القيمة الذي ينتزعه الرأسمالي منه استغلالا غير مبرر. ولذلك فإن مسألة الأسعار متفرعة عن مسألة الأجور واستغلال فائض القيمة”.

وأضاف أنه “ومن جهة ثانية، فإن المجتمع ككل، وليس المأجورين فقط، يتعرض لاستغلال آخر من خلال المعاملات الربوية حيث يتمكن الرأسمال المالي من استغلال الفائض الاقتصادي للمجتمع من خلال التلاعب المالي والنقدي، وتصبح جميع مكونات رأس المال نفسه (صناعي، تجاري، فلاحي، عقاري… الخ) هي نفسها معرضة للاستغلال عن طريق الربا”.

ثم زاد أنه “ومن ناحية ثالثة، فإن العلاقات أيضا بين الدول والشعوب تخضع لنمط آخر من الاستغلال، سواء بصيغة الاستعمار القديمة وهي مباشرة وصريحة في نهبها، أو بطريقة الاستعمار الجديد التي لها مظاهر متعددة من أخطرها ما يعرف بالتبادل غير المتكافئ. وهكذا فإن المظهر الثالث للأزمات الرأسمالية المتمثل في الغلاء وغيره يأتي أيضا، فضلا عما سبق، من خلال علاقات الاستعمار الجديد”.

وأردف: “وحيث إن النظام الرأسمالي فرض عن طريق العولمة وحدة للأسواق على الصعيد العالمي، ومن ثم انتقص من حقوق الاستقلال والسيادة بالنسبة للدول والشعوب الضعيفة أو المستضعفة، فإن ما يسمى بالغلاء يقع استيراده، في نسبة هامة منه، من قبل الدول القوية والنافذة والمهيمنة بل وحتى المسيطرة بتصديرها لأزماتها، ومن بينها الغلاء الناتج عن التضخم بالنسبة لها، نحو أسواق وجيوب المستضعفين في الأرض”.

وفي علاقة الموضوع بالحالة المغربية، يقول مدير مجلة ” الملتقى”: “لقد حاولت إدارات الدول الفتية والحديثة الاستقلال أن تدرأ عنها بعض عواقب ذلك عن طريق إقرار مبدأ التخطيط الاقتصادي –الاجتماعي… لتخفيف عواقب السوق السلبية وأيضا إقرار مبدأ حماية الاقتصاد المحلي أو الوطني (صناعة وفلاحة…) بالوسائل المعروفة (الجمارك والضرائب…)، لولا أن نظام العولمة حرمها من ذلك وفرض عليها الانفتاح والخضوع لقوانين السوق الرأسمالية، ما نتج عنه ما يعانيه المغرب وأمثاله من مضاعفات تصدير أزمات الغرب إلى أسواقه وتجارته وأحوال معاش مواطنيه”.

وخلص بلكبير إلى أنه “إذن، المشكلة الرئيسية لا تكمن في الأسعار، ارتفاعا أو انخفاضا، بل في علاقات الإنتاج الاجتماعية في الداخل والعلاقات الدولية مع الخارج، ولا سبيل للاحتماء من كل ذلك وتوفير شروط النهوض والتقدم سوى بالعودة إلى نظام التخطيط ومزاوجته مع نظام السوق، وإلى نظام الحماية من غوائل العولمة، كما نلاحظ ذلك بالنسبة للدول التي اختارت هذا السبيل ونجحت في تفويت الفرص على الاستغلال الرأسمالي الاستعماري الجديد، كما هي حالة الصين خصوصا، وبعض الرأسمالات الوطنية التي تقاوم الإمبريالية”.

ــــــــــــــــــــــــــــ

* مفكر ومحلل سياسي مغربي/ مدير مجلة “الملتقى”

 

 

قول الفقيه: العلامة محمد التاويل

لا بد أن تكون للفقيه وجهة نظر في مسائل المجتمع، وهذا نهج اتبعه الفقهاء على مر العصور، منهم فقهاء المغرب. فكان لزاما علينا استصحاب أقوالهم ومواقفهم في مختلف القضايا المجتمعية التي نتناولها، من باب إعطاء الفقيه مكانته التي يستحقها في مجتمع يقدر الفقهاء، ومن باب تحكيم الفقه الإسلامي في مختلف قضايا المجتمع.

يقول الفقيه العلامة محمد التاويل: “سوء توزيع الثروة بين أفراد الأمة سبب لا يقل خطورة عن باقي الأسباب الأخرى في توسيع دائرة الفقر، وانتشاره في البلدان التي لا تراعي مبادئ الإسلام وقواعده في أنظمتها السياسية والمالية والإدارية وغيرها”.

و”تجلى “سوء توزيع الثروة بين أفراد الأمة”، حسب الفقيه التاويل، في ظاهرتين هما:

– تخصيص فئة من المحظوظين برواتب ضخمة.

– الاحتكار المتمثل في شكلين: احتكار مصادر الرزق ومواد المال والاستحواذ على منابعه الصناعية والتجارية والخدماتية ووضعها في يد المحظوظين/ احتكار البضائع التجارية وخزنها في المستودعات والمخازن”.

(من كتاب “إعمال النظر المقاصدي في قضايا اجتماعية عند العلامة محمد التاويل”، للدكتور عبد الغني يحياوي، اعتمادا على كتاب العلامة التاويل “مشكلة الفقر: الوقاية والعلاج في المنظور الإسلامي”، ص 72-73-74)

ارتباطا بموضوع صفحة “مجتمع” لهذا العدد، المجتمع وتداعيات ارتفاع الأسعار، فإن الفقه التاويل يعتبر –بناء على نظرته الفقهية-ارتفاع الأسعار مظهرا من مظاهر “سوء توزيع الثروة بين أفراد الأمة”، ما يؤدي إلى انتشار الفقر والفاقة في المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *