ابتليت ساكنة مراكش بشبكة لبيع وترويج المخدرات يتزعمها أحد أباطرة هذا السوق الخبيث؛ والمشهور باسم سفيان، والعجيب أنه كان يزاول نشاطه علانية لمدة سنين!
فقد حكى غير واحد بأن درب سيدي مسعود بحي سيدي بنسليمان كان يمتلأ عن آخره بضحايا من مختلف الأعمار أكثرهم شباب، ومنهم من لم يتجاوز سنه الأربعة عشر، ومنهم نسوة من مختلف الشرائح والأعمار، منهن من تختفي وراء نقاب النفاق، وحكى شهود عيان بأن حركة البيع تمتد من الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى غاية الثانية بعد منتصف الليل! وفي أكثر أوقات هذا الظرف الزمني يكتظ المكان إلى درجة قطع الطريق على المارة.
يصطف الضحايا في الدرب المذكور خاشعين ذليلين، يسمعون -أحيانا- أقذع السب وأبشع الشتم من البائعين، ولا يحيرون جوابا لأنهم رقيق لهذه الآفة العظمى: المخدرات، وقد استغل الباعة حاجتهم لابتزازهم والسطو على مالهم بشكل خسيس يؤكد المستوى المتدني الذي انحدرت إليه المدينة الحمراء في عهد الانفتاح السياحي غير المنضبط.
وقد تم إلقاء القبض على صاحب هذا النشاط القذر ومحاكمته يوم الجمعة من الشهر السادس عام 2006، وكان الحكم الصادر بحقه هو: السجن خمسة أعوام مع غرامة مالية قدرها واحد وثلاثون مليون سنتيم.
لكن نشاطه المفسد لم يتوقف بسجنه، بل خلف وراءه أعوانه، تتزعمهم إحدى قريباته؛ قيل إنها أمه، ومعها إحدى مصففات الشعر المشهورات بمراكش، وأعوان آخرون، حولوا نشاطهم التخريبي إلى درب الفران سيدي أحمد السوسي بالحي المذكور.
ومن العجيب المستغرب أن مصالح الأمن ألقت القبض يوم الجمعة 7 مارس 2008 على ثلاثة من صغار المستخدمين في هذه العصابة الخطيرة، وتركت العقول المدبرة ونواب رئيسها الذي يقضي سجنه في أحسن الظروف مخدوما معظَّما، ينتظر انتهاء فصول المسرحية للخروج والتمتع بالأموال الهائلة التي راكم من تجارته الخبيثة.
إن وجود مثل هذا السوق في المدينة الحمراء يوحي بدلالات كثيرة، ويجعل المصلح يتساءل تساؤلات تؤرقه:
ما مصير شباب المدينة؟
ما مصير طلبة المدارس من الذكور والإناث الذين أضحى التدخين عندهم من العادات الطبيعية، وصاروا يبحثون عن أنواع أخرى من الحشيش؟
وأي تنمية ترجى من تلاميذ ابتلوا بالفشل الكبير لمنهجية التعليم التي وُضعت لهم، وفي المقابل فُتحت في وجوههم أبواب المراقص والخمارات على مصارعها، بل أبواب سوق معلن لبيع المخدرات؟!
أجل؛ لم يزد المسؤولون في قطاع التعليم على اعتذار بارد لا يمكن أبدا أن يعوض التلاميذ عن خسارتهم الكبرى، هؤلاء المساكين؛ الذين سوف يزج بهم تعليم فاشل في أحضان أرباب الفساد من مسؤولي “الفنادق” غير المحترمة، وأصحاب الخمارات والمراقص الذين يعدونهم سلعة رخيصة لأباطرة السياحة الجنسية.
هذه السياحة التي تغلغلت في واقع المدينة، واتخذت لها أوكارا، وأعلن عنها أصحابها في مواقع على (الأنترنت)؛ [يراجع مقال: مراكش والسياحة الجنسية؛ السبيل: عدد 23].
.. إن الغيور ليتساءل: من يرضى بهذا الوضع؟ وكيف يسكت سكان المدينة عن هذه التجاوزات الخطيرة جدا التي تـُلحق بهم وبأولادهم أبلغ الضرر وأكبر الخطر؟
وهل قلَّ في المسؤولينَ الشرفاء وذوو الضمائر الحيّة إلى هذه الدرجة التي لا نسمع معها صوت نكير، ولا صيحة نذير؟!
ولا نرى معها للمسؤولين عن أمن المدينة سوى تحركات كلا تناسب حجم الظاهرة المستفحلة!
إن مراكش الحمراء عروس المغرب لتشتكي من هذه الشرور والويلات التي تخرب فكر وسلوك شبابنا المعوَّل عليهم بعد الله تعالى في النهوض بأوضاعنا المتردية اجتماعيا واقتصاديا وغير ذلك.
ومتى يتحقق منهم ذلك؛ إذا صاروا بين مدمن للمخدرات، ومُرتمٍ في أحضان العاهرات، ومتسكع في الخمارات..؟!
إننا نطالب السلطات المعنية؛ من شرطة ومخابرات وقوات مكافحة السياحة الجنسية..؛ بأداء واجبها في تطهير المدينة من كل التجاوزات المخلة بالأدب والأخلاق العامة، والتي تفشت في المدينة الحمراء بشكل مروِّع.