حاول الحداثيون في المغرب وعلى رأسهم وزير العدل، الذي أنسته جلالة المنصب أنه في بلد أمير المؤمنين، فرض سياسة الأمر الواقع على المغاربة، حيث خرج الوزير المذكور بتصريحات صادمة، مفادها أنه سيجعل الأسر المغربية تتحاكم لمدونة أسرة حداثية بأصولها وقواعدها الحداثية، لكن هذيان وضاب النشوة بالسلطة ما لبث أن ينقشع ويعيد الوزير تصريحاته إلى السياق الصحيح، مشيرا إلى أن هذه القضية دينية وهي حصرية وخاصة بإمارة المؤمنين، وأن الأمر يشترط في ذلك رأي العلماء والفقهاء.
وفي غمرة ما شهده المغرب خلال السنوات الأخيرة من سجال تسببت فيه الدعوات المتتالية لعدد من العلمانيين المستلبين لاعتماد تعديلات على مدونة الأسرة، مع إلحاحهم على إقرار المساواة في الإرث وإلغاء التعصيب، وعدم تجريم العلاقات الجنسية الرضائية…
وفي خضم هذا السجال غير البريء، جاء الخطاب الملكي حاسما، حيث جدد الملك تأكيده التزام أحكام الشريعة في أي تعديل تعرفه مدونة الأسرة.
وكانت للعلماء كلمتهم في هذا الموضوع حيث حذر العلامة مصطفى بنحمزة عضو المجلس العلمي الأعلى، في مداخلة له بندوة بمدينة أكادير بعنوان “مدونة الأسرة بين الآنية ومتطلبات الإصلاح” من المجازفة، التي قد تؤدي إلى بداية الانزلاق إلى مسار آخر وتربص أطراف خارجية بالمغرب تنشر التطرف والغلو، مشددا على أن هناك أفكارا قد نختلف فيها لكننا مسلمون ملتزمون بديننا، والأمر ليس وليد اليوم وإنما هو اختيار المغاربة.
كما أكد الفقيه المغربي، أن إصلاح المدونة ليس هو التدمير أو النسف أو الإلغاء، ومن كان له هذا الهدف يجب أن يبحث عن مدونة أخرى، أما هذه فليست قابلة أن يلغى منها النص الشرعي وصاحب الجلالة الذي أذن بتعديل مدونة الأسرة قال إني لا أحل حراما ولا أحرم حلالا.
ونبه بنحمزة من طرح كلام ليس له أصل شرعي، لأننا، وفق قوله، نخاطب أناسا مسلمين يعتزون بدينهم ومن المستحيل تحقق اشتغال بعض الجهات في إزالة الإسلام فالإسلام ليس طارئا بل هو قضية عالمية.
وفي تعليق لأحمد الريسوني الرئيس السابق لاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قال إن مدونة الأسرة كما نرى أصبحت هي القانون الأكثر حداثة في المغرب والأكثر تجديدا والأكثر مواكبة، أكثر من أي قانون آخر، نحن عندنا قوانين ترجع إلى عهد الحماية ولا أحد يلتفت إليها ولا أحد يطالب بتجديدها فمدونة الأسرة تحظى بهذه العناية بالرغم من بعض النيات السيئة.
وأضاف الريسوني ونحن نقول كما قلنا في مناسبات ونقاشات سابقة ويقوله عدد من العلماء والدعاة، قضية مدونة الأسرة هي قضية كيف نراجع؟ ومن يراجع؟ ومن يعدل؟ هذا هو السؤال.
نحن عندنا إذا جاء الاجتهاد من عند أهله وبمنهجه وطريقه فسنكون مرحبين به، أما أن يكون الاجتهاد ومراجعة المدونة محكوم بضغوط داخلية وخارجية، وبضغوط خارج المدونة ولا علاقة لها بانتماء المدونة، فالمدونة تنتمي إلى الفقه الإسلامي وتنتمي بالدرجة الأولى إلى المذهب المالكي وتنتمي إلى المجتمع المغربي، فحينما تأتيها إكراهات من خارجا فهذا يفسدها، وهذا نرفضه مهما كانت نتائجه.
وفي نفس السياق قال ذ.لحسن السكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات-تمارة: تنزيل المدونة ككل مشروع جديد يمكن أن تعترضه مجموعة من التأثرات، ..هناك بعض الأمور كالتعامل مع هذه المدونة بالنسبة للرجال وبالنسبة للنساء بعض النساء اعتبرن أن المدونة هي انتصار للمرأة على الرجل وجاءت لتأديب هذا الرجل وهذا نسمعه وهذا ما أدى إلى أمور خطيرة جدا لعل من أهمها عزوف الشباب عن الزواج…
كما بين السكنفل أن طلاق الشقاق استعملت استعمالا سيئا خصوصا عند عدد من النساء، الذين أخذوا هذا النوع من الطلاق لأمور أخرى، والأمر الخطير جدا، وفق قوله، هو أن المدونة كان من أهم أغراضها نقص عدد حالات الطلاق، فإذا بنا أصبحنا اليوم نعيش نسبة من الطلاق مرتفعة بشكل خطير وخطير جدا…
وعرج السكنفل على الميراث وتعدد الزوجات، وأكد أن النصوص قطعية الدلالة لا يمكن تغييرها بأية حال من الأحوال لأن الله تعالى هو المقسم ووردت فيه عبارات قوية “يوصيكم الله في أولادكم”، “فريضة من الله”، “تلك حدود الله” “قل الله يفتيكم في الكلالة”، “يبين الله لكم أن تضلوا”، لا يمكن، وقضية العصبة فأقرب الناس إلى الميت هم عصبته، أولاده وإخوانه وأبويه هؤلاء هم العصبة، الأبناء الذكور عصبة، والبنات يصرن عاصبات، والأخ عاصب، والأخوات عاصبات والأب عاصب فإذا ألغينا العصبة ماذا سيبقى، يضيف ذات المتحدث.