مشاكل الزواج في المجتمع المغربي.. للنكاح حرمة يجب أن تُصان!

1- إحصائيات خاصة بعقود الزواج

نشرت المندوبية السامية للتخطيط وثيقة بخصوص “المؤشرات الاجتماعية للمغرب-نسخة 2023″، حيث رصدت ذات المندوبية عددا من القضايا الاجتماعية، لعل أبرزها قضية الزواج.

وأكدت المندوبية في وثيقتها ما وصفته بـ”عودة التعافي من جديد لحركية الزواج في أوساط المجتمع المغربي عام 2021”.

وأوضحت ذات المؤسسة أن “المجتمع المغربي شهد عام 2021 تسجيلا رسميا لـ 270 ألف عقد زواج”.

وذلك “في أعقاب تراجع كبير في الأرقام نفسها خلال ذروة انتشار الأزمة الصحية الناجمة عن “كوفيد 19” عام 2020 (194 ألف عقد فقط)”، حسب ذات المصدر.

ثم استدرك ذات المصدر أن “عدد عقود الزواج مازال، عموماً، أقل من مستوى ما قبل الوباء لعام 2019 (حينما بلغ عدد عقود الزواج بالمغرب 275 ألفا)”.

ورغم ذلك فإن الملاحظ لدى مهتمين ومتابعين هو تراجع عدد حالات الزواج، بالإضافة إلى ضعف الإقبال من طرف الشباب على تكوين أسر وتحمل مسؤوليتها، بل وصل الأمر ببعضهم إلى درجة التفاخر بالعزوف والإعراض عن الزواج.

2- حالات الطلاق تعود للارتفاع

وأبرزت وثيقة المندوبية السامية للتخطيط أن حالات الطلاقة عادت للارتفاع عام 2021 إذا ما قورنت بعام 2020.

وكشف المصدر ذاته أن “المغرب شهد عام 2021 تسجيل 26,9 آلاف حكم طلاق إثر منحى تراجعي بصم أولى أعوام انتشار جائحة فيروس كورونا في 2020 بـ 20 ألف حالة فقط”.

كما أشارت المندوبية، على سبيل المقارنة، إلى “عدد حالات الطلاق التي سجلت عام 2019، والتي بلغت ما قبل الجائحة 27,1 ألف حالة”.

ويسائل هذا الارتفاع في حالات الطلاق المنظومة الأسرية التي يعتمدها المغاربة، وكذا ما يؤثر فيها من إعلام وتعليم وثقافة وخطاب ديني قانون أسري..

3- العزوف عن الزواج.. ارتفاع غير مسبوق

وتؤكد آخر الإحصائيات وجود عزوف ملحوظ عن الزواج، حيث إن “معدل سن الزواج الأول للنساء المغربيات ارتفع إلى 25.5 سنة، فيما بلغ لدى الرجال 31.9 سنة”.

وهو معدل يدل على تفاقم ظاهرة العزوف عن الزواج إذا ما قارناه بـ”معدل الزواج في الستينيات من القرن الماضي، حيث كان يبلغ 17 سنة بالنسبة للنساء، و24 سنة بالنسبة للرجل”، حسب ما أوردته المندوبية السامية للتخطيط.

وتقول ذات المندوبية إن “عدم زواج النساء المطلقات أو زواجهن في عمر 25 سنة، يفاقم من احتمال ترملهن في سن الستين، حيث إن نسبة الترمل عند النساء تصل 50.1 في المئة، و4.9 في المئة فقط عند الرجال”.

وأكد المرصد الوطني للتنمية البشرية على نفس النتائج، إذ أن “نسبة الشباب المغاربة العازفين عن الزواج -حسب المصدر ذاته-تبلغ 70 في المئة”.

وتعبر هذه النسبة عن “ارتفاع ملحوظ إذا ما قورنت بنسبة 40 في المئة قبل 8 سنوات”.

ويمكن تفسير هذا العزوف بعدة أسباب، أبرزها العامل الاجتماعي والاقتصادي، وكذا التفكر المادي الرائج بين الشباب والذي أصبح يرى الزواج إما شركة للاستثمار أو فضاء للاستمتاع.

4- الزواج السري.. ظاهرة تدق ناقوس الخطر

كانت نائبة برلمانية سابقة، في سؤال برلماني عام 2014، قد أثارت موضوع الزواج السري، الأمر الذي خلف ردود فعل تدق ناقوس الخطر.

وأكدت ذات النائبة وجود “حالات زواج في الجامعات بدون عقد شرعي”، بسبب رفض عدد من الطلبة لتوثيق العلاقة الزوجية.

وقالت في سؤالها: “هناك فئة من الطلبة تكفر بالأمن التوثيقي، والقوانين المؤسسة للعلاقة الشرعية، التي تحمي الطرفين، وهناك فئة تتحايل على القانون بطريقة غير شرعية تحت غطاء ديني، يتركون العقد الكتابي الموثق والمعترف به رسميا ويتشبثون بالميثاق الشفوي”.

للزواج حرمة تحفظها الشريعة، إلا أن الشريعة لا تجد طريقها المنظم والمنضبط للتنفيذ في الأحوال الشخصية إلا بالتشريع القانوني؛ فإذا حضر هذا الأخير أصبح حاكما في عقد النكاح، ما دام يبني على الشريعة واجتهاد حكماء الشريعة المخولين لذلك.

5- زواج القاصرات

لم يتراجع زواج القاصرات بالمغرب، رغم القواعد التي تنظمه كحالة استثنائية؛ بل إن الإقبال على هذا النوع من الزواج كاد أن يحول الاستثناء إلى قاعدة.

وحسب ما كشفته مصادر مختصة فإن محاكم الأسرة قد منحت آلاف الموافقات لتزويج القاصرات عام 2020.

وكشفت ذات المصادر أن المحكمة منحت 13 ألف إذن لتزويج قاصرات في ذات السنة، الأمر الذي دفع نشطاء ذوي توجهات حداثية إلى وقف الظاهرة.

وما دام زواج القاصرات ظاهرة تفرض نفسها بقوة المجتمع، فلا بد من استيعابها قانونا؛ ليس عملا بأمر الدين فحسب، بل واقتداء بالغرب -عند المقتصدين به-الذي ترى بعض دوله تزويج القاصرات (عدد من الولايات الأمريكية مثلا).

6- الزواج المختلط

أفاد تقرير حديث الإصدار للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب أن “نسبة الزواج المختلط عادت للارتفاع عام 2021 بعدما شهدت انخفاضاً خلال فترة جائحة كورونا”.

وزاد ذات المصدر أن نسبة حالات زواج الأجنبي بامرأة مغربية بلغت 73 في المئة، فيما بلغت نسبة حالات زواج الرجال المغاربة بنساء أجنبيات 27 في المئة”.

وأوضح ذات التقرير أن النساء المغربية “تتجهن في المغرب إلى تفضيل الدخول في تجربة الزواج المختلط أكثر من الرجال”.

وتفضل النساء المغربيات الزواج “من الأزواج الفرنسيين في مرتبة أولى وذوي الجنسية السعودية في رتبة ثانية، ثم التركية في مركز ثالث”.

وليس الأمر هنا مرتبط بالجائز من عدمه فحسب، بل إن ظاهرة الزواج المختلط تحتاج إلى دراسات جادة تحدد أسبابها وتأثيرها في المستقبل؛ بالزواج من خارج البلد يبقى في أغلبه محكوما بالاضطرار، والاضطرار لا يجوز أن يستحيل قاعدة، وإلا وجبت المراجعة وتقدير المسألة من جديد!

7- قول الفقيه

يرى مصطفى بن حمزة، رئيس المجلس العلمي بوجدة، أن تقييد زواج الفتاة الصغيرة بالإطاقة يقتضى النظر لا في قدرتها الجسمية فحسب بل، النفسية أيضا. كما يرفض ما ذهب إليه القائلون بزواج بنت التسع، بناء على ثلاثة اعتبارات:

– نسبية التواريخ زمن النبوة: فـ”المعهود في المجتمعات التي تسود فيها الرواية الشفوية أن تواريخ الميلاد لا تضبط كل الضبط، ولذلك تختلف كتب التراجم في تاريخ مواليد أكثر الشخصيات على أقوال عديدة، وإذا كانت بعض المصادر تذكر عن عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بها وهي بنت تسع سنين، فإن ذلك مما تكون عائشة قد تلقته مما كان شائعا عن ميلادها في بيئتها الشفوية. والعهد بعائشة أنها تحضر الجلسة التي يزمع فيها أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة وأنها تستوعب الحدث وأنها تؤتمن على كتمان السر وأنها تساعد على تجهيزهما، وهو أمر لا يؤتمن عليه الأطفال في سن السابعة لخطورته ومصيريته”.

– التمييز بين التصرفات: إذ وجب “معرفة أن بعض الوقائع يمكن أن تكون من قضايا الأعيان، وهي القضايا التي لا ينسحب حكمها على غير أصحابها، وعلى حالات معينة وردت بخصوصها، ومن ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل شهادة خزيمة بشهادة رجلين، وهو أمر لا يجوز أن يعمم على غيره ، كما أنه عليه السلام تصرف تصرفات لا تصح إلا منه. وقد اعتبر الزركشي بعض أوضاع عائشة رضي الله عنها من قضايا الأعيان ومنقبة من مناقبها الأربعين التي خصت بها، خصوصا في حال زواجها الذي تم بأمر إلهي بعد أن جاء جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بصورتها في خرقة حرير، وقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة. وهو حديث أخرجه الترمذي وحسنه [ينظر سير أعلام النبلاء للذهبي2/140]”.

– ارتباط بعض الأحكام بالبيئة: فقد “نبه العلماء إلى ملاحظة كثير من الأحكام المرتبطة بالبيئة وبالوسط، ومن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والمقير. والانتباذ: هو طرح بعض الفواكه في الماء الموضوع في الدباء وهو نبات القرع، وفي الأواني المطلية بالقطران لأن ذلك يؤدي إلى سرعة تخمرها في البيئة الحارة، لكن ذلك الانتباذ لا يحرم إذا ما تم في البلاد الباردة، ومن منعه حينئذ فقد عرض الشريعة للاستخفاف [مقاصد الشريعة ص32]. ومن هذا القبيل تحديد علامات البلوغ في الرجال والنساء تبعا للخصوبة وغيرها من العوامل الفيسيولوجية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *