نادرة هي الحملات التي تدعو الناس إلى التعفف، والنساء خاصة إلى التزام شريعة الله في ملبسهن؛ وإن هذه الحملات تكون موسمية في الغالب، سرعان ما يرتفع مفعولها وتأثيرها إلى حين حلول صيف جديد، حيث تمتلئ الشواطئ والشوارع وينتهَك حجاب الستر والعفة في الفضاءات العامة.
وقد أطلق بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، قبل خمس سنوات (2018)، حملة “كن رجلا” لمطالبة الرجال بمنع نسائهم من ارتداء لباس غير محتشم في الأمكنة العامة، كالشواطئ والمسابح والشوارع والمقاهي والحدائق والمطاعم والمحلات التجارية الكبرى.. حيث يختلط النساء بالرجال، وتثار شهوات مجانية تخدش الحياء وتضعف الأخلاق العامة.
هناك أقلية تعرف أن التدين سلوك غالب، فقط هي الغفلة تجيز ما لا يجوز في فعل الناس؛ تعرف ذلك فتسعى إلى التبخيس من شأن “واجب العفة والستر”. وذلك من خلال مواجهة حملات من قبيل “كن رجلا” بشبهات: حرية المرأة في جسدها، وذكورية المجتمع، وشرط العصر.
ولتضمن حملات التحسيس استمرار تأثيرها، وجب عليها الاشتغال على تفكيك هذه المقولات طيلة السنة، وليس بشكل موسمي يعالج مظاهر فصل الصيف فقط. الصيف ومظاهره نتاج هذه المقولات، وأصحابها ومحرّكوها يجعلون منها مادة أولى لأنشطتهم طيلة السنة.
يجب إخضاع علاقة المرأة بجسدها لمنطق الإسلام، وفي إطاره تحديد منزلة الجسد في حياة المرأة وتركيبها، حتى لا ترجح كفته على حساب كفات أخرى ربما هي الأهم: النفس، الروح، القلب… وكل هذا يحتاج تنزيله إلى حملات دعوية طيلة السنة، وما يتطلبه ذلك من اعتماد للمعلوميات والمطويات والفنون الهادفة والأنشطة الثقافية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن علاقة الرجل بالمرأة في شريعة الإسلام لا تخضع للنزاع بين الطرفين على القيادة والزعامة؛ أما إذا طلب الزوج من زوجته التزام واجبها كمسلمة في اللباس، فإنه بذلك يذكرها ويمنعها من فتنة وسوء خلق وتسببٍ في انحلال المجتمع، ويؤدي واجبه كزوج يحفظ أسرته وعلاقته السليمة والطهارة بأهله.
أما المتحججون بشرط العصر، فنسألهم: هل تقصدون الشرط الذي ضاعف نسب الطلاق في أوروبا، وفاقم حالات الانتحار والاغتصاب، ووضع الأسرة في الغرب “بين كفي عفريت”…؟!
نعم الحملات مطلوبة ومشكور أهلها؛ لكن المطلوب هو جعل هذه الخطابات حملة مستمرة طيلة السنة، وليس في فصل أو موسم تطغى عليه خطابات موسمية سرعان ما تفقد بريقها في باقي الفصول، فيتشبع العقل بثقافة “التعري وما يفضي إليه” قبل أن يقبل عليها في الأماكن العامة!