عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه” صحيح الجامع.
منزلة الحديث
عن الباجي رحمه الله قال: “قال حمزة الكناني رحمه الله: هذا الحديث ثلث الإسلام” انظر تنوير الحوالك للسيوطي804. وحكى ابن الصلاح رحمه الله عن ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله أنه قال: “جماع آداب الخير… تتفرع من أربعة أحاديث (ثم ذكر منها هذا الحديث)” انظر جامع العلوم والحكم 121.
معنى الحديث
-“من”: تبعيضية كما يقول أهل العلم، أي: أن ترك ما لا يعني هو بعض ما يحصل به إحسان الإسلام.
– “حسن الإسلام”: معنى إحسان الإسلام مما اختلف فيه أهل العلم:
فقالت طائفة هو: أن يأتي المرء بالواجبات وينتهي عن المحرمات.
وقال طائفة ثانية هو: أن يكون المرء على رتبة الإحسان في العبادة، مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح لما سئل عن الإحسان: “أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.
وقالت طائفة ثالثة: إحسان الإسلام يتفاوت وليس مرتبة واحدة.
– “تركه ما لا يعنيه”: معنى “يعنيه” أنه تتعلق عنايته به ويكون مقصده ومطلوبه، والعناية شدة الاهتمام بالشيء، وليس المراد أنه يترك ما لا عناية له به بحكم الهوى وطلب النفس بل بحكم الشرع والإسلام ولهذا جعله من حسنه.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: “…فإذا حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه في الإسلام من الأقوال والأفعال فإن الإسلام الكامل الممدوح يدخل فيه ترك المحرمات… وإذا حسن الإسلام اقتضى ترك ما لا يعني كله من المحرامات أو المشتبهات والمكروهات وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها، فإن هذا كله لا يعني المسلم إذا كمل إسلامه وبلغ درجة الإحسان” جامع العلوم والحكم 122.
قال عليه الصلاة والسلام: “إذا أحسن أحدكم إسلامه، كان له بكل حسنة يعملها عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف وإذا عمل بالسيئة كانت السيئة بمثلها” صحيح الجامع.
قال الناظم:
من حسن إسلام بمرء تركه ما ليس يعنيه وسهل دركه.
قيل للقمان الحكيم: ما حكمتك؟ قال: لا أسأل عما كفيت، ولا أتكلف ما لا يعنيني.
وقال معاوية رضي الله عنه لرجل: ما بقي من حلمك؟ قال: لا يعنيني ما لا يعنيني.
وقال الحسن: من علامة إعراض الله عن العبد: أن يجعل شغله فيما لا يعنيه.
وقال سهل: من تكلم فيما لا يعنيه حرم الصدق.
وقال معروف الكرخي: كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله عز وجل.