البشرية قبل الإسلام لم تعرف طرقا معقولة لتنظيف الفم، حتى استعمل الناس أساليب علاوة على قذارتها، فإنها تلوث الأسنان وقد تضر بها.
ففي عهد الرومان وحتى العصور الوسطى كانت عادة المضمضة بالبول منتشرة.
وفي أوربا كان بعض الأطباء يوصون بمضغ قلب حية أو ثعبان أو فأرة مرة كل شهر من أجل نقاوة أسنانهم.
وفي هذه الأجواء جاء الإسلام ليأمر أتباعه بمجموعة من الوصايا تفوق كل ما توصل إليه الطب من أمور للوقاية من نخر الأسنان والمحافظة على صحة الفم ونظافته.
ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم استاك بسواك من أراك.
وشجرة الأراك من الفصيلة الأركية، وهي شجرة دائمة الخضرة تنمو في المناطق الحارة في عسير وجيزان من الأراضي السعودية، وفي مصر والسودان، وفي غور السعدان (قرب القدس)، وفي اليمن، وفي جنوب إفريقيا والهند وغيرها، ويؤخذ عود السواك من جذورها ومن أغصانها الصغيرة.
وعيدان الأراك مغطاة بطبقة فلينية، تليها طبقة قشرية ثم تأتي بعد ذلك الألياف الدقيقة الناعمة التي تتباعد وتتفرق عند دق نهايات العيدان ونقعها بالماء بعد إزالة الطبقة القشرية.
وفي المركز أشعة مخية تفصل بين الألياف تحتوي خلاياها على بلورات السيليس والحماضات وحبيبات النساء، وهي العناصر الفاعلة في المسواك.
هذه العناصر تتبدد بعد أيام من استعماله، لذا تقطع الألياف المستعملة كل بضعة أيام ويصنع من نهاية العود فرشاة جديدة وهكذا يتجدد السواك ولا تتراكم فيه الأوساخ.
وقد أوردت “المجلة الألمانية الشرقية” مقالا للعالم “ودات”مدير معهد الجراثيم في جامعة “روستوك” يقول فيه: “قرأت عن السواك الذي يستعمله العرب كفرشاة للأسنان في كتاب لرحالة زار بلادهم، وقد عرض للأمر بشكل ساخر اتخذه دليلا على تأخر هؤلاء القوم الذين ينظفون أسنانهم بقطعة من الخشب في القرن العشرين. وفكرت لماذا لا يكون وراء هذه القطعة الخشبية حقيقة علمية؟
وجاءت الفرصة سانحة عندما أحضر زميل لي من العاملين في حقل الجراثيم في السودان عددا من تلك الأعواد الخشبية.
وفورا بدأت أبحاثي عليها، فسحقتها وبللتها، ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم، وظهرت على المزارع آثار كتلك التي يقوم بها البنسلين..
وإذا كان الناس قد استعملوا فرشاة الأسنان من مائتي عام فلقد استخدم المسلمون السواك منذ أكثر من 14 قرنا”.
ولعل إلقاء نظرة على التركيب الكيميائي لمسواك الأراك يجعلنا ندرك أسباب الاختيار النبوي الكريم والذي هو في أصله وحي يوحى: وتؤكد الأبحاث المخبرية الحديثة أن المسواك المخضر من عود الأراك يحتوي على العفص بنسبة كبيرة وهي مادة مضادة للعفونة، مطهرة وقابضة، تعمل على قطع نزيف اللثة وتقويتها، كما تؤكد وجود مادة خردلية هي السنجرين ذات رائحة حادة وطعم حراق تساعد على الفتك بالجراثيم.
وأكد الفحص المجهري لمقاطع السواك وجود بلورات السيليكا وحماضات الكلس والتي تفيد في تنظيف الأسنان كمادة تزلق الأوساخ والقلح عن الأسنان.
وأكد د.طارق الخوري وجود الكلورايد مع السيليكا وهي مواد تزيد بياض الأسنان، وعلى وجود مادة صمغية تغطي الميناء وتحمي الأسنان من التسوس، كم أن وجود الفيتامين “ج” وثري ميتيل أمين يعمل على التئام جروح اللثة وعلى نموها السليم، كما تبين وجود مادة كبريتية تمنع التسوس.
وأكد بحث آخر وجود مادة عطرية ذات رائحة مستحبة تطغى على الرائحة الكريهة التي يمكن أن توجد في الفم.
وفي قسم العلوم السنية في جامعة الملك سعود أجريت دراسة حول تأثير مادة “البنزيل إيزو يتوسيانات” التي تم عزلها من جذور الأراك على فيروس “الحلأ البسيط”.
وأشارت النتائج أن لهذه المواد خواص قاتلة لهذا الفيروس مما يشير إلى إمكانية السيطرة على إصابة الفم بالحلأ البسيط عند استعمال السواك وفي الوقاية من نكسه المتكررة.
والباحثون الذين درسوا السواك يفضلونه على فرشاة الأسنان فهو يقوم مقام فرشاة ومعجون بآن واحد فهو (فرشاة) بأليافه الدقيقة الجيدة والمناسبة للتنظيف، وهو (معجون) بما فيه من مواد مطهرة، وأخرى زالقة ومنطقة كبلورات السيليس والحماضات، ومواد صمغية وعطرية وغيرها.
فالمسواك كمنظف آلي يزيل بقايا الطعام من بين الأسنان ويزيل القلح، ويمتاز عن الفرشاة بإمكانية تحضيره بالقساوة والثخانة المناسبتين، وذلك بواسطة تفريق أليافه قليلا أو كثيرا، كما يمتاز بعدم تخديشه للثة.
وهكذا يمكننا اعتبار المسواك، الفرشاة الطبيعية المثالية، والمزودة بمعجون من مواد مطهرة ومنظفة تفوق ما تملكه معاجين الأسنان الصناعية من المواصفات، ولعل أهمها أن المعجون المطهر لا يستمر تأثيره أكثر من 20 دقيقة ثم يرجع الفم إلى حالته العادية، لكن من المنتظر بعد استعمال السواك ألا يعود مستوى الجراثيم الفموية إلى حالته إلا بعد ساعتين على الأقل. (المصدر بحث الطبيب الدكتور محمد نزار الدقر بتصرف).