إسلام مغربي وآخر مشرقي أم الإسلام واحد؟ عبد الغني دراعو

في ظل ما يعرفه المغرب من أحداث وتغيرات -ولا يسمح المقال بتفاصيلها- صرنا لا نكاد نسمع إلا صيحات العلمانيين بوجوب التغيير ورفض كل ما له علاقة بالماضي، وكذلك صيحات بعض الذين أرادوا إحياء الطرقية القبورية، وقد حاولوا جهد المستطاع أن يضفوا على هذه الصيحات صبغة شرعية بإبقاء المصطلحات الشرعية لكن مفرغة من مدلولها، أو أضافوا إليها وصفا يستطيعون به تحقيق أغراضهم، حتى إذا ما أنكرت عليهم قالوا: ألسنا ندافع عن الإسلام؟

من ذلك ما صارت تتداوله الألسنة اليوم من وصف بعض تعاليم الإسلام بالإسلام المغربي، بغية التنفير عن تعاليم أخرى للإسلام بدعوى أنها وافدة من الشرق، فعلى أي اعتبار يصح هذا الوصف والتفريق، إذا كان الله سبحانه في كتابه يقول: “ورضيت لكم الإسلام دينا” ويقول: “ومن يبتغ غير الإسلام دينا” ويقول: “إن الدين عند الله الإسلام”، فهل في هذه الآيات وصف مضاف إلى الإسلام وهل يتغير الإسلام معتقدا وشريعة بتغير المكان فإذا أثبتنا ذلك نسفنا عالمية الإسلام الزمانية والمكانية التي قررتها نصوص كثيرة -رحمة للعالمين- كافة للناس بشيرا ونذيرا- وصرنا نضرب في أعظم ما دعا إليه الإسلام من الوحدة ونبذ التفرقة.
نعم، إن للمغرب ما يتميز به من حضارة متجدرة وأعراف مختلفة وتاريخ حافل وماجد يستحق العناية، وليس لنا دين خاص، بل الإسلام فحسب وهو الدين الرسمي للدولة.
نعم، لنا عناية متميزة بالمذهب المالكي عن سائر المذاهب، وهي عناية داخل الإسلام، لنا أيضا ما يميزنا وهو الحرص على إمارة المؤمنين وهو حرص داخل في الإسلام، فلا تستغل هذه المسائل ليقال إن لنا إسلاما مغربيا، بل إن لنا حرصا مغربيا على الإسلام، وليس للسياسيين أو العلمانيين أن يستغلوا خطابات عاهل المغرب حفظه الله في تصفيات سياسية لخصومهم، أو من أجل إقصاء تيار أو توجه يختلفون معه، وهذا ما حاول البعض أن يقوم به من خلال قراءة مغرضة لما جاء في إحدى خطبه حين أكد أن: “إصلاح الحقل الديني وتأهيله يتوخى بالدرجة الأولى توفير الأمن الروحي والحفاظ على الهوية الدينية الإسلامية المغربية المتميزة بلزوم السنة والجماعة والوسطية والاعتدال والانفتاح.” وكلامه سدده الله واضح وضوحا لا يدع مجالا للعلمانيين ولا لبعض الساسة لاقتناص ألفاظ خطابه، حيث إن الهوية الدينية الإسلامية المغربية هي لزوم السنة والجماعة والوسطية والاعتدال والانفتاح، وهذه المسائل يستلزمها الإسلام أينما كان في المغرب أو في مصر أو في السعودية أو غيرها.
إذن أين هي خصوصية الإسلام المغربي؟
اللهم إلا أن نستثني بعض الأحكام الفقهية الفرعية التي تختص بالبلد المعين تبعا لمعطيات جغرافية أو مناخية كاستهلال الهلال أو أوقات الصلاة أو اختلاف في تعاقب الليل والنهار أو غير ذلك، وإلا فالأصول ثابتة لا تتغير والدين كمل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مجال للمزايدة السياسية أو التطرف الإيديولوجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *