أقلام “مارينز” الإعلام العربي في مواجهة اليقظة الإسلامية أبو رغال النابلسي مرة أخرى! نبيل غزال

خلف مقال “المتأمرك” أبي رغال شاكر النابلسي الذي نشرته جريدة الأحداث في عددها رقم 3634 استياء عارما عند عامة المغاربة الأحرار، ذوي الغيرة عن الدين والهوية والانتماء، واستنكروا نشر مثل هذا المقال -وغيره كثير- على منبر ينتمي إلى ساحة إعلامِ بلدٍ مسلم، يحزنُه ما يحزن إخوانه في أي بقعة من الأرض الإسلامية.

ففي الوقت الذي يعاني فيه إخواننا في فلسطين من ويلات الاحتلال الصهيوني، ويرضح أهل غزة تحت وطأة الحصار والقصف والدمار، يأبى الإعلام العلماني في المغرب وعلى رأسه جريدة الأحداث إلا أن يواصل حملته المسعورة على كل الشرفاء الذين أبوا الركوع والخنوع لسياسة الاحتلال والظلم والاستبداد، ليشن بدوره -في تجاهل تام لعواطف ملايين المغاربة المسلمين- حربا على المقاومة الفلسطينية.
فبالأمس القريب نشرت الجريدة المذكورة مقالا بعنوان “الفأر العربي والقط الحمساوي” لجندي المارينز المخلص أبي رغال شاكر النابلسي، واليوم تعيد الكرة نفسها مستعينة بأحد المواقع العلمانية الإلكترونية لتنشر في المغاربة مقالا جديدا لأبي رغال يقطر نفاقا وخيانة ومؤامرة على المسلمين في بلاد فلسطين بعنوان: “لماذا يخسر العرب ملياراتهم في كازينوهات المقاومة؟”.
إن إصرار جريدة الأحداث على نشر مقالات “مارينز الإعلام العربي” من قبيل أبي رغال النابلسي والعفيف الأخضر وسيد القمني وجواد هاشم وعبد القادر البنة.. وغيرهم، هو بمثابة حرب تعلنها الجريدة -ومعها باقي الجرائد والمجلات العلمانية التي تتبنى التوجه نفسه – على كل مقومات الأمة الإسلامية، فكيف يمكن لنا كمسلمين أن نقبل بنشر مثل هذه الأفكار الصهيونية بين صفوف أبنائنا وشعوبنا؟
إن دعوى حماية حرية التعبير من الانتهاك لا ينهض مسوغا للسماح لمثل هؤلاء في لعب دور الخونة المعادين لقضايا الأمة، المناصرين لأعدائها، فالواجب على كل غيور أن يفضح هذا الصنف من المستغربين المهزومين نفسيا، والمقتاتين ببيع قضايا الأمة بكل وسيلة، حتى لا تنطلي شبهاتهم على من ضعفت حجته وجهل أصل فكرهم وحقيقة وظيفتهم في جسد الأمة.
ثم كيف تنكرت هذه المنابر بين عشية وضحاها لشعاراتها الزائفة ومبادئها المتهافتة التي صدعت بها رؤوس قرائها، من ادعاء لترسيخ قيم الديمقراطية والحداثة واحترام رأي الشعب واختياراته؟ ألم يعبر المغاربة وبجميع الوسائل والإمكانيات عن استنكارهم للاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، وعدوانهم الغاشم على أهل غزة، واستعدادهم لنصرة إخوانهم بكل ما يملكون؟
لقد أصبحت هذه المنابر اليوم آلة صماء متشبعة إلى درجة التخمة بأفكار التغريب، قيَّدها الغرب بالدعم فصارت له عبدا، والعبد وما ملك لسيده، وهي لم تكن يوما ما مؤمنة بالثقافة العربية، أو متشبعة بالفكر الإسلامي الأصيل، بل كانت دائما بوقا لنظريات الغرب، خادمة لمشاريعه في المنطقة.
اختارت أن تكون عميلة الفكر والنظريات الغربية في ديار المسلمين، كلما نزلت بالأمة نازلة أو ألمت بها ملمة إلا وتجد العلمانيين في صف العدو يحركهم كما شاء، ويدير أقلامهم على من شاء، وعلمانيو العراق وأفغانستان خير مثال.
أكرَّارٌ على قومي كماةٌ *** وفي وجهِ الأعادي كالبنَات
وإن مسَّ العدوَّ مسيسُ قَرحٍ *** رفعتم بيننا صوت الأعادي
ألا بُترت روافدُ كلِّ خبٍّ *** تَمرَّغ في وحولِ السيِّئات
ومَن يَرجُو بني عَلمان عوناً *** كَرَاجي الرُّوحَ في الجسَد الرُّفاتِ

أبو رغال مرة أخرى
أما خرجة أبي رغال هذه المرة فقد ركز من خلالها على الحط من قيمة الجهاد في أرض فلسطين وغيرها، وزعم أن “القضية الفلسطينية ستظل جيب العرب المخروق إلى أمد طويل، يستفيد منها الوسطاء، والعملاء، والبلغاء، والشعراء” وأن “الفزعات المالية العربية، قد شجعت المليشيات في العالم العربي على القيام بمثل هذه المغامرات”.
وكحال معظم الحداثيين فأبو رغال متأثر إلى النخاع بالتحليل الماركسي، لذا فالجهاد والمقاومة ودفع الصائل بالنسبة له كلها مصطلحات طائفية عنصرية ظلامية تدافع من أجل الله والمقدسات قبل الوطن، وتخفي وراءها أطماع مادية يستغلها المهربون الدينيون لملء جيوبهم وإعادة بناء دولتهم، وما كان له ولأمثاله أن يدركوا المعاني والقيم التي تحملها نصوص شريعتنا السمحاء من قبيل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}، وقوله صلى الله عليه وسلم: “من مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد” رواه الترمذي.
فمن قبل طعن أبو رغال متوسلا بشبه المستشرقين الصهاينة والصليبيين في القرآن وادعى أنه طمس نثر الجاهلية خشية “أن يكون لهذا النثر من سحر البيان ما كان ينافس سحر بيان القرآن”، “هذا الشعر القوي لم يظهر لنا ولم يصلنا وتم على ما يبدو طمسه ومنعه من التداول من قبل السلطة الإسلامية الجديدة، حتى يكون القرآن هو البيان الساحر الوحيد في أيدي العرب في ذلك العهد” (لو لم يظهر الإسلام، ص96-120).
وطعن في الإسلام صراحة حيث زعم أن: “الإسلام عندما ظهر لم يصطدم مع المسيحيين المساكين البعيدين عن لعبة المال والسياسية، ولم يتحارب معهم كما اصطدم وتحارب مع اليهود القابضين على زمام الاقتصاد المديني والذي كان سبب العداء بين المسلمين واليهود (لو لم يظهر الإسلام، ص:82).
فلسان هذا الموتور -كما قال أحد الأفاضل- لا يترجم عن حق ولا يصدر عن يقين، مبدأه لا فرق بين قراء البقرة وعباد البقرة، وما حاله وحال أمثاله اليوم إلا كحال من عرفناهم بالأمس، تشكو الأمة منهم ولسان حالها يقول بقول القائل:
أشكو إلى الرحمن من *** علق يعيش على جراح
من جلدتي لكن عليّ *** أشد من طعن الرماح
أخذ الديانة عن مسيلمة *** الكذوب وعن سجاح
وعن كل تيس كلما *** كبرت بربر للنطاح
يدافع الموتور عن المجرم الصهيوني ويده لا زالت تقطر بدماء أهل غزة الأبرياء، يجد للصهاينة الأعذار وقد لامهم حتى بنو جلدتهم، يرفع عقيرته بالشجب والتنديد مستنكرا أن تصل الإعانات إلى من حاولوا رد العدوان، فحقهم عنده الاستسلام والركوع، والرضا بسياسة الخنوع.
هيهات هيهات لأمثال هؤلاء من أن ينالوا من ديننا وهويتنا، أو يحولوا بين المسلمين وبين نصرة إخوانهم في أي بقعة من الأرض، لكن يجب على كل مسلم أن يدرك جيدا أن “مارينز” الإعلام العربي ما تجرؤوا على إعلان وخط مثل هذا الكلام إلا عندما فرط أهل الحق حراس حدود الشريعة في أداء واجبهم، والقيام بوظيفتهم التي أناطها الله بهم، والمتمثلة في الدعوة إلى الله ونشر الإسلام بالعمل ثم القول وبالعلم قبلهما.
فمتى نستيقظ ومتى نتحرك؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *