منذ قيام الثورة الخمينية في إيران سنة 1979م واستيلاء الآيات والعمائم على الحكم فيها، والعلاقة مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة يطبعها التوتر، لكن هناك ملفات توحدت فيها مصالح الطرفين، وتقاطعت فيها أهدافهم، ما مهد لشيء من التعاون، بل والتحالف للإطاحة بعدة دول في المنطقة.
فقد كشفت “بريدجيت كيندال” في تقرير لها في الـ “بي بي سي” ملامح هذا التعاون بحيث أن إيران أدت دورا محوريا في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على أفغانستان، بل وعرضت أيضا أن تتوقف عن مهاجمة القوات البريطانية في العراق، مقابل المضي قدما في برنامجها النووي.
كما ذكر المرجع نفسه أن طهران عرضت التعاون على نحو وثيق مع الولايات المتحدة لإسقاط حركة طالبان وإبعاد تنظيم القاعدة عن أفغانستان، وقدمت معلومات استخباراتية دقيقة تحدد بدقة مواقع مقاتليهما لقصفها.
وهذا ما أكدته “هيلاري مان” عضو الوفد الأمريكي الذي أجرى حوارات مع الإيرانيين، أن مسؤولاً عسكرياً إيرانياً كان متحمساً لجعل الأمريكيين يغيرون أهدافهم المطلوبِ قصفُها في أفغانستان، وقام ببسط خريطة على طاولة النقاش، حدد عليها الأهداف التي أراد أن تركز عليها الولايات المتحدة، وخاصة في شمال أفغانستان.
وقالت “هيلاري مان”: “أخذنا خريطة الأهداف التي اقترحها الإيرانيون إلى القيادة المركزية للقوات الأمريكية (سنتكوم) والتي اعتمدتها ضمن الإستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة في أفغانستان.
والذي يكرس هذا التعاون قول الرئيس الإيراني السابق خاتمي: “قلت لهم قد نكرر تجربة أفغانستان في العراق، فلنجعلها ستة زائد ستة، أي الدول الست المحيطة بالعراق إضافة إلى الولايات المتحدة، والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ومصر” وثائقي إيران والغرب: خلافات وتحالفات موقع الـ”بي بي سي”.
وتأتي هذه التقارير موافقة لما سبق أن صرح به محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشئون القانونية والبرلمانية في ختام أعمال مؤتمر عقد بإمارة أبو ظبي 13 -1-2004: “إن بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضد أفغانستان والعراق”.
وأعاد ذلك في محاضرة ألقاها في ختام أعمال مؤتمر “الخليج وتحديات المستقبل” الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية سنويا، قائلا: “لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة، لكننا بعد أفغانستان حصلنا على مكافأة وأصبحنا ضمن محور الشر، وبعد العراق نتعرض لهجمة إعلامية أمريكية شرسة”.
علما أن إيران تساهم بمبلغ الـ204 مليون دولار تقدمه طهران كتبرعات داعمة لحكومة أفغانستان المساندة لقوات الاحتلال الأجنبية في مرحلة ما بعد الغزو أواخر عام 2001.
كما أن النزاعات والصدامات المعلنة بين إيران والولايات المتحدة لم تؤثر من بعيد أو قريب على حقيقة التعاون الكامل والتوافق في الرؤى ووجهات النظر على مدار سنوات عديدة في أفغانستان بين أمريكا وإيران، ذلك التعاون الذي اتضح بشكل ملحوظ لاسيما في السنوات القليلة الماضية، وأكد أن أفغانستان باتت مسرحًا حقيقيًا لتلاقي المصالح الأمريكية الإيرانية المشتركة.
قالت “كريستيان ساينس مونيتور”: إن تحالف الشمال الذي كان يحصل على المساندة التامة من جانب إيران كان هو أحد أهم الأسباب التي ساعدت الولايات المتحدة في حملتها الرامية لغزو أفغانستان وإبعاد حركة طالبان عن الحكم في كابول” من مقال أمريكا وإيران في أفغانستان.. مصالح مشتركة “ديفيد مونتيرو” بتصرف.
فهنا يتجلى دور إيران التاريخي في المنطقة، فبالأمس يقوم ابن العلقمي بتسليم الخلافة للتتار لتزول بذلك دولة بني العباس السنية عام 656، واليوم يقوم الحفدة بتمكين الأمريكان من أفغانستان والعراق، والقيام بإعدام صدام حسين -رحمه الله تعالى- كما أعدم الخليفة في بغداد، وزرع خلايا حزب الله الشيعي الرافضي في جل دول الخليج كقنابل موقوتة تفجرها طهران كلما دعت الحاجة لذلك.
فرافضة الأمس هم رافضة اليوم، مظاهرتهم للغرب وأعداء المسلمين مكشوفة، ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية حين قال: “وكذلك إذا صار لليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم، فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم” منهاج السنة 3/377-378.