تحريم القرآن لأكل لحم الخنزير الدكتور عبد الحميد لفريخ

قال الله تعالى: “قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” الأنعام.

تفيد معاجم اللغة بأن الرجس يعني القذر والفعل القبيح والعمل المؤدي إلى العذاب، وفي تفسير البيضاوي: “الرجس القذر وسمي بذلك لتعوده أكل النجس”.
قال الدميري نقلا عن الإمام الماوردي: الضمير في قوله “فَإِنَّهُ رِجْسٌ” عائد على الخنزير لأنه أقرب مذكور.
وقد ورد في صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لعب النردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه”، قال ابن كثير: فإذا كان هذا لمجرد اللمس، فكيف التهديد والوعيد من أكله والتغذي به، وفيه دلالة على شمول التحريم لجميع أجزائه من لحم وشحم وغيره. ويذكر ابن كثير أن الخنزير يشمل المستأنس منه والوحشي (البري).
ويرى الدكتور عبد الحافظ حلمي محمد أن لحم الخنزير ينفرد من بين اللحوم المذكورة في آيات التحريم بأنه حرام لذاته أي لعلة مستقرة فيه، أو وصف لاصق به، أما اللحوم الأخرى فهي محرمة لعلة عارضة عليها، فالشاة مثلا إذا ذكيت فلحمها حلال طيب، ولا تحرم إلا إذا كانت ميتة أو ذبحت لغير الله. فتحريم لحم الخنزير بالذات تحريم معلل “فَإِنَّهُ رِجْسٌ”.
وحول أهمية تحريم لحم الخنزير يقول الطبيب الألماني “هانس ريكفينغ”: في إفريقيا حيث يعيش المسلمون وغيرهم في ظروف مناخية واحدة، نجد بالمقارنة، أن الشعوب الإسلامية تتمتع بصحة جيدة لأن لحم الخنزير محرم في شريعتها، بينما نجد أن الشعوب الأخرى التي تعتمد النظام الغربي في تغذيتها تصاب بأمراض ترتبط كل الارتباط بتناولها الخنزير.
ويتابع فيقول: في دراسة جرت في الهيمالايا حيث تعيش قبائل الهونزا التي اعتنق معظم أفرادها الإسلام ويمتنعون عن أكل لحم الخنزير، وجد أنهم يتمتعون بصحة جيدة ومتوسط أعمارهم مرتفع ويعملون حتى سن متقدمة لتحصيل أرزاقهم، في حين أن القبائل التي تجاورهم من غير المسلمين تصاب بعدد من الأمراض الشائعة بينهم لتناولهم لحم الخنزير، ومتوسط أعمارهم وفعاليتهم أقل بكثير من القبائل المسلمة.

ماذا نعرف عن الخنزير
الخنزير حيوان لاحم عشبي، تجتمع فيه الصفات السبعية والبهيمية، فهو آكل كل شيء، وهو نهم كانس كنس الحقل و الزريبة، فيأكل القمامات والفضلات والنجاسات بشراهة ونَهَم، وهو مفترس يأكل الجرَد والفئران وغيرها، كما يأكل الجيف حتى جيف أقرانه، يقول الإمام الدميري: إن الخنزير شرس الطباع، شديد الجماع، شبق، تكتنف حياته الجنسية الفوضى، ولا يخصص لنفسه أنثى معينة.

الأضرار الصحية لتناول لحم الخنزير
الفرق بين لحم الخنزير وغيره من اللحوم
يحتوي لحم الخنزير على كمية كبيرة من الدهون ويمتاز باندحال الدهن ضمن الخلايا العضلية في اللحمة، علاوة على تواجدها خارج الخلايا في الأنسجة الضامة بكثافة عالية، في حين أن لحوم الأنعام تكون الدهون فيها مفصولة عن النسيج العضلي ولا تتموضع ضمن خلاياه، وإنما تتموضع خارج الخلايا وفي الأنسجة الضامة، والكولستيرول الناجم عن تحلل لحم الخنزير في البدن يظهر على شكل كولستيرول جزئي كبير الذرة يؤدي بكثرة إلى ارتفاع الضغط الدموي، وإلى تصلب الشرايين وهما من عوامل الخطورة التي تمهد لاحتشاء العضلة القلبية.
وتؤكد الأبحاث التي أجراها “د.هانس هايترش” احتواء لحم الخنزير على كمية عالية من الهستامين، تؤهب عند آكليها لحدوث الأمراض التحسسية الجلدية، مثل الأكزيمة، والشرى، والتهاب الجلد العصبي، وغيرها. وقد وجد أن الشرى والحكة المعندة عند آكلي لحم الخنزير تتلاشى عند الامتناع عن أكله بشكل مطلق.

الأمراض التي ينقلها الخنزير
الخنزير مرتع خصب لأكثر من 450 مرضا وبائيا، وهذه الأوبئة يمكن أن تنتقل من الخنزير إلى الإنسان بطرق مختلفة:
1. عن طريق مخالطته أثناء تربيته أو التعامل مع منتجاته، وهي لا تقل عن 32 وباء تصيب في الغالب عمال الزرائب والمجازر والبيطريون.
2. عن طريق تلوث الطعام والشراب بفضلاته وهي لا تقل عن 28 مرضا.
3. عن طريق تناول لحمه ومنتجاته وهي أكثر من 16 مرضا.

شهادات علماء الغرب بفضل الإسلام
يؤكد “نوبل” 1961 أن دودة الخنزير (الدودة الشريطية المسلحة) تحدث عددا كبيرا من الإصابات الدماغية سنويا عند سكان المكسيك الذين اعتادوا تناول لحم الخنزير، في حين يؤكد “لاباج” 1961 و”ولكوكس” و”ماتسون” في كتابهما عن طب البلاد الحارة أن هذه الدودة نادرة الوجود في البلاد الإسلامية، أما “تشاندر” و”ريد” فيذكران في كتابهما عن علم الطفيليات ما نصه: “أما في البلاد اليهودية والإسلامية حيث يعد أكل لحم الخنزير خطيئة دينية كبيرة فليس لهذا الطفيلي أدنى فرصة للبقاء”.
وعندما يتكلم “نلسون” عن انتشار داء الشعيرات الحلزونية في دول أوروبا وأمريكا فإنه يقول: “أما اليهود الملتزمون وأتباع محمد فإنهم مضوا في نفورهم من الخنازير وعدم استساغتهم لحمها فخلت جماعاتهم من داء الشعيرات الخنزيرية خلوا تاما..”.

هل يمكن توقي الأمراض التي تنقلها الخنازير؟
يتساءل البعض لم لا تربى الخنازير تربية نظيفة؟ ولم لا تتخذ الوسائل لاكتشاف اللحوم المصابة وإتلافها؟
الحقيقة أن هذه الوسائل كلها لم تكن مجدية.
تجري في الغرب إجراءات شاقة ومحاولات كثيرة لوقاية الخنازير وآكليها من الديدان الشعرية الحلزونية وغيرها. ففي الولايات المتحدة التي يربى فيها أكثر من مليون ونصف من الخنازير، جزئيا أو كليا على القمامة، صدرت قوانين تقضي بتعريض القمامة للبخار الساخن مدة نصف ساعة قبل تقديمها للخنازير.
ولكن ما هي نتيجة هذه الجهود الكبيرة؟
لقد قدرت الإحصاءات أن نحوا من 5% من خنازير بوسطن 18.5% من ذبائح متشيغان مصابة بهذه الآفة. أما اللحوم فإن معالجتها بالكوبالت والسيزيوم المشعين يؤدي إلى إصابة الديدان بالعقم مما يمنع تكاثرها. ولكن هذا الإجراء دقيق وليس من الميسور تطبيقه. وتقضي التعليمات الصحية في الولايات المتحدة بخزن لحوم الخنازير التي تؤكل نيئة 20 يوما كاملا في درجة حرارة 15 تحت الصفر..
ومع كل هذه الجهود الشاقة والنفقات الباهظة فما تزال الإحصاءات تشير إلى تلك النسب المرتفعة من الإصابة. أوليس الأيسر بداهة هو تجنب تلك اللحوم أصلا؟

الآثار السلوكية (الخُلقية) التالية لأكل لحم الخنزير
قال الفخر الرازي: “قال أهل العلم: الغذاء يصير جزءا من جوهر المغتذي، فلابد أن يحصل له أخلاق وصفات من جنس ما كان حاصلا في الغذاء، والخنزير مطبوع على حرص عظيم ورغبة شديدة في المشتهيات، فحرم أكله لئلا يتكيف بتلك الكيفية”.
وقال ابن خلدون: “أكلت الأعراب لحم الإبل فاكتسبوا الغلظة، وأكل الأتراك لحم الفرس فاكتسبوا الشراسة، وأكل الإفرنج لحم الخنزير فاكتسبوا الدياثة”.
وحديثا اختلف العلماء في أثر الغذاء على الطباع والخلق، لكن ملاحظات كثير من العلماء قادتهم إلى اختلاف الآثار الخلقية باختلاف نوع اللحوم المكثر من تناولها، وبأن لحم الخنزير وشحمه له تأثير سيء على العفة والغيرة على العرض إذا داوم الإنسان على تناوله.
وعن مقالة للدكتور الفنجري يؤكد فيها أن الذين يأكلون لحوم الحيوانات الكاسرة عادة ما تكون طباعهم شريرة، غير متسامحين، ويميلون إلى ارتكاب الآثام والجرائم.
وإن أكل لحم الخنزير لا بد وأن يؤثر على شخصية الإنسان وسلوكه العام والذي يتجلى واضحا في كثير من المجتمعات الغربية حيث يكثر اللواط والسحاق والزنى.. (بقلم الدكتور الطبيب محمد نزار الدقر بتصرف).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *