ما جدوى المجالس العلمية بعدد العمالات إذا لم يستطع علماؤها الإنكار حتى على اللواطيين؟ نبيل غزال

..كيف يمكن للمجلس العلمي الأعلى أن يكتسب المصداقية عند المغاربة وهو الذي أخرج بيانا يشجب ويندد من خلاله بتفسير الدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي آية في كتاب الله تعالى نُقل فيها الإجماع، وهو يقف اليوم صامتا لا يحرك ساكنا إزاء من يطالب بالتعايش والقبول بمن يقترف فعلة قوم لوط، التي لم ينقل فيها التحريم بإجماع المسلمين فحسب، بل أرسل الله بشأنها نبيا مرسلا وأنزل بمرتكبيها عقابا وبيلا؟!

معلوم عند المسلمين قاطبة أن جريمة اللواط جريمة شنيعة قبيحة، مخالفة للقانون الإلهي والفطرة التي فطر اللهُ الناسَ عليها، وقد أرسل الله سبحانه وتعالى إلى المتلبسين بهذه الفاحشة نبيا مرسلا، وهو نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: “وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ، وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ، فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ” الأعراف.

قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره: “وأجمع العلماء على تحريم اللواط، وأن الله تعالى عاقب قوم لوط وعذبهم لأنهم كانوا على معاص وذنوب، ومنه الفعلة المشينة والعملة القبيحة ألا وهي اللواط، فأخذهم الله بذلك، ولأنه كان منهم الفاعل والراضي بذلك، فعوقب الجميع لسكوت الجماهير عليه، وهي حكمة الله وسنته في خلقه” اهـ، بتصرف يسير.
فرغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي قامت بخصوص تصريحات لواطيي “كيف كيف”، التي استدعت إصدار بلاغ لوزارة الداخلية أعلنت فيه أن “المصالح الأمنية والسلطات الإدارية تسهر على محاربة كل المظاهر المرتبطة بالانحراف الأخلاقي بدون هوادة”، إلا أننا لم نرَ حراكا ولم نسمع صوتا للمجلس العلمي الأعلى، الغيور على قيم البلد وأخلاقه وأعرافه وتقاليده، والساهر على أمنه الروحي، علما أن اللواط انحراف سلوكي، وخروج عن الطبيعة البشرية، محرم بالإجماع عند علماء المسلمين، والمغاربة كشعب مسلم يمقتون هذه الفاحشة لمخالفتها الفطرة، ولتحريم الشرع لها، ومحاولة إشاعتها داخل مجتمعنا عن طريق جمعيات مدعومة من جهات أجنبية، والتمكين لممثليها من الظهور على الساحة الإعلامية في صورة البطل الشجاع الذي استطاع كسر طابو الصمت والبوح بما لم يستطعه أحد قبله، لم يروع ضمير المومنين والمومنات فحسب بل أرهبه وأفزعه، وجعل المواطن المغربي يشكك في مدى مصداقية المؤسسات الساهرة على تأطير الشأن الديني، لتواطئها على السكوت، وعدم تحملها المسؤولية والأمانة بعلم وجرأة وشجاعة، وبيان الحكم الشرعي في أمثال هؤلاء الشواذ.
فباستثناء المجلس العلمي لمدينة وجدة، لم نسمع صوتا لأي جهة دينية أخرى، علما أن الأمر كان يستدعي التدخل الفوري والحاسم للمجلس العلمي الأعلى، ليهدئ نفوس المغاربة، ويطمئنهم بأن علماء البلاد بالمرصاد لكل من يجرؤ على المس بأخلاق وقيم وأعراف المجتمع المغربي.
فكيف يمكن للمجلس العلمي الأعلى أن يكتسب المصداقية عند المغاربة وهو الذي أخرج بيانا يشجب ويندد من خلاله بتفسير الدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي آية في كتاب الله تعالى نُقل فيها الإجماع، وهو يقف اليوم صامتا لا يحرك ساكنا إزاء من يطالب بالتعايش والقبول بمن يقترف فعلة قوم لوط، التي لم ينقل فيها التحريم بإجماع المسلمين فحسب، بل أرسل الله بشأنها نبيا مرسلا وأنزل بمرتكبيها عقابا وبيلا؟!
نحن نعلم جيدا أن قلوب العلماء المخلصين تتفطر كمدا وحسرة على ما وصلنا إليه من تدن سلوكي وأخلاقي، كما نعلم الإكراهات التي يمارسها سياسيو الشأن الديني على علمائه، والمانعة لهم من الصدع بالحق والقيام بالمسؤولية والأمانة التي أناطها الله بهم.
فعلى الساهرين على تأطير الشأن الديني، العاملين على تكثير المجالس العلمية لتصبح بعدد الجماعات المحلية، أن يُفعّلوا أولا المجالس العلمية الموجودة، بإعطاء العلماء مكانتهم، وعدم التدخل في شؤونهم، ومنحهم حرية الصدع بالحق وبيان الموقف الشرعي وأقوال أئمة وسادة المذهب المالكي في من تلبس بفعلة قوم لوط وغيرها من الأحكام، فالمعلومة الشرعية أضحت اليوم قريبة جدا من كل من يبحث عنها، وإبقاء العلماء في منأى عن الصراعات التي يعيشها المواطن المغربي سيفقد المؤسسة الدينية المصداقية عند الجميع.
ولا ننسى في هذا المقام أن نثمن الموقف الصحيح الذي اتخذته وزارة الداخلية إزاء الشواذ وجمعيتهم ومواسمهم، لكن ومع ذلك نتساءل كيف تمنح الوزارة الرخص للجمعيات العلمانية المدافعة عن اللواط والسحاق، وحرية الإلحاد والردة، والطعن في الثوابت والرموز، وتصر على الاستمرار في إغلاق الجمعيات التي تدافع عن الأخلاق والقيم، وتعنى بتحفيظ القرآن الكريم، وترسيخ الثوابت والمعتقد الصحيح؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *