انتشرت عدد من الروايات التاريخية الباطلة في كتب ومجالس المسلمين، وظهرت بعض هذه الروايات في استدلالا المرجفين والطاعنين من طرف خفي في الإسلام وقيمة وآدابه وأخلاقه بحجة رواية التراث، ومن ذلك أن بعض الجرائد العلمانية سارت على هذا الدرب، وبدأت تسوق هذه الروايات الباطلة (كالجريدة الأولى تحت عنوان: من صدر الإسلام)، لذا ارتأت السبيل تفنيد بعض تلك الروايات كما جاءت في رسالة “أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ” لأبي عبد الله الذهبي..
الرواية الأولى
قصة مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وملخصها هو: (أنه جيء بسبي للرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من بين هذا السبي سفّانة بنت حاتم الطائي.. فاستعطفت سفانة النبي صلى الله عليه وسلم بقولها: “يا محمد هلك الوالد، وغاب الوافد، فإن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب، فإن أبي كان سيد قومه، يفك العاني، ويقتل الجاني، ويحفظ الجار، ويحمي الذمار، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ويحمل الكل، ويعين على نوائب الدهر وما أتاه أحد في حاجة فرده خائباً، أنا بنت حاتم الطائي”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “يا جارية هذه صفات المؤمنين حقاً، لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق).
علة هذه الحادثة وكونها باطلة:
إن هذا النص مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل فيه عبارات مستهجنة من وصف الراوي -وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه- لجسم هذه الفتاة، وعينيها، وفخذيها، وقامتها وساقيها، و..!!
إن هذا النص بلا شك من وضع أحد الوضاعين وهو: ضرار بن صرد أبو نعيم الطحان، فإنه كما قال يحيى بن معين: “كذابان بالكوفة، هذا وأبو نعيم النخعي”، أنظر الميزان (2/327).
وفي الإسناد أيضاً: أبو حمزة الثمالي، وهو متروك ليس بثقة، الميزان (1/363).
وفي الإسناد محمد بن السائب الكلبي، والواقدي، وقد عرف حالهما وليس هناك داع لذكره.
وللقصة طريق آخر، لكن فيه سليمان بن الربيع النهدي، وقد تركه الدارقطني، وقال مرة: ضعيف. الميزان (2/207).
وأقل أحوال هذه القصة أنها ضعيفة جداً، مع أن الحكم بوضعها غير بعيد؛ لأن علامات الكذب عليه واضحة! وللأسف فإن هذه الحادثة من الدروس المقررة..
ولمن أراد التأكد والبحث بنفسه عن مكان هذه القصة فعليه بالمصادر التالية:
1- دلائل النبوة للبيهقي (5/341).
2- تاريخ دمشق لابن عساكر -تراجم النساء- (ص 151-152).
3- تاريخ دمشق (69/ 193، 197- 198).