بروتوكول “ديلكاسيه” وعبد الكريم بن سليمان اعتراف بشرعية وجود فرنسا في الواحات

المغرب ذلك البلد المسحور كما شهد بذلك “ديلكاسيه” و”هانتو” الذي بقيت حدوده مغلقة طيلة خمسين سنة أمام الفرنسيين لولا أنه طعن من الخلف بأيدي المحميين من جهة، وبيد ثلة من الخونة يتقدمهم عبد الكريم بن سليمان الذي سيمزقه الشعب ثم يحرق أشلاءه على حافة قبره ويعلق رأسه لأنه هو الذي أنجز وبعمولة بخسة ما سمي بـ”بروتوكول ديلكاسيه وبن سليمان” في الوقت الذي لم يكن للسلطان الذي مات الوصي عليه وهو أقل معرفة بشؤون الدولة، ولم يتجاوز العشرين من عمره إلا بقليل، وكبير وزرائه ذي الميول الفرنسية خوفا وتطلعا، وهو محمد بن المفضل غبريط الذي كان لا يعرف إلا الخمرة وكل ما يزيدها نشوة واشتعالا كما تؤكد الوثائق وتقارير الأجانب.
وما ورد في بروتوكول “ديلكاسيه” وبن سليمان المؤرخ ب 20/6/1901م والذي حققت به فرنسا في فترة وجيزة ما عجزت عن تحقيقه طيلة خمسين سنة من المحاولات بالحديد والنار، وكما شهد بذلك أيضا “ديلكاسيه”، فقد نصت المواد 1-3 على أن البروتوكول يهدف إلى تنفيذ وتفسير معاهدة 1845م، والمحافظة عليها، باستثناء النقط الواردة في المواد التالية، ولتسوية مشاكل الحدود في المنطقة الواقعة بين ثنية الساسي وفجيج، والتي أصبح بإمكان المخزن أن يقيم بها مراكز حراسة وجمارك في نهاية مناطق القبائل التي تشكل جزءا من الوطن والمواطنين.
وتعرضت المادة الرابعة لتسوية مسألة الأرض الواقعة بين زوزفانة وكير، والتي تلتقي في إكلي بحيث اعتبرت هذه الأرض المغربية محايدة تجنبا لمشاكل الاتصال بين أبناء الوطن الواحد، الذي جعل منهم البروتوكول هذا مغربي وهذا غير مغربي.
أما المادة السادسة فقد تعرضت لوضع الأملاك التي يملكها الناس التابعون لأحدى الدولتين، كما أبيحت حرية التجارة في هذه المنطقة المحايدة، دون دفع أي رسوم، أما المادة التاسعة فقد تناولت ما سيحدث بين الرعيتين مستقبلا، وأن الحكومتين لن يحمّلا بعضهما المسؤولية، ولن يطالبا بأية غرامة نقدية.
هذا هو البروتوكول الذي وقعه عبد الكريم بن سليمان في غيبة عن المشروعية بل والذي سيؤكده كاباص محمد بعد والذي قال عنه ديلكاسيه: “إنه اعتراف بشرعية وجود فرنسا في الواحات، ووادي زوزفانة، والساورة حيث سيمر الخط الحديدي، وأن فرنسا قد حصلت على هذه النتيجة دون أن تعطي بالمقابل أي تنازل عن المبادئ التي تمنعها من الحصول على هذه المنطقة على الحدود الآمنة المستقرة”.
وأكثر من هذا زاد ابن سليمان فأكد لديلكاسيه بمراسلة رسمية وبوصفه وزيرا للخارجية واعدا إياه أن كل ما يمكن أن يعقده لمنبهي مع برلين، ولندن، وما يلتزم به مما يتعلق بالشؤون السياسية لا يتم إلا بموافقة فرنسا ويكفي هذا للدلالة على أن الخائن عبد الكريم بن سليمان، كان خادما مخلصا للاستعمار الفرنسي بعمولة بخسة وحقيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *