يا صاحب السعادة:
توالت علينا الأنباء أخيرا سواء الأوربية منها أو الشرقية عما اتبعته دولتكم في بلاد البربر الإسلامية العظيمة من الأنظمة التي تخالف روح الشريعة الإسلامية السمحة، وتلك الحملة المدبرة التي يقوم بها المبشرون لتنصير أهل البلاد الآمنين، مستعينين على ذلك بالقوة التنفيذية في استمالتهم بمختلف الوسائل الممقوتة.
ولا شك أن سعادتكم وكل فرنسي غيور على مصلحة بلاده يعلم حق العلم أن ذلك العمل ما هو إلا وصمة لفرنسا التي تدعي دائما أنها مهد الحرية والمساواة والإخاء، وأن تلك الأمة المغلوبة على أمرها والتي ألقت بها الأقدار في حكمكم بعد أن عبرت جيوشها جبال البيرني قديما، ليست بالأمة التي يستهان بها وبحريتها الدينية إلى ذلك الحد المزري الذي يثير العالم الإسلامي قاطبة، ويجعل فرضا لازما على كل مسلم أن يدافع عن دينه إلى آخر نسمة من حياته.
ولن يسمح العالم الإسلامي مهما بدا لكم من ضعفه اليوم أن يعاد تمثيل الحروب الصليبية، أو مأساة اسبانيا ومحاكم التفتيش القديمة بصورة أخرى في بلاد البربر أشد وأفظع تنكيلا.
لذلك يؤلمنا نحن الذين أقبلنا على دراسة آدابكم وثقافتكم معاملتكم لإخواننا في تلك البلاد وتحديكم لشعور المسلمين جميعا ونحتج على ذلك أشد الاحتجاج ونطلب من سعادتكم استعمال نفوذكم في إبلاغ حكومتكم سخط العالم الإسلامي، ودهشته لذلك المسلك الذي تسلكه فرنسا في القرن العشرين.
وتقبلوا يا جناب الوزير فائق تحياتنا
عن لفيف من متخرجي الكليات الفرنسية
عبد المجيد عيسى البيه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كتاب “الحركة الوطنية والظهير البربري، لون آخر من نشاط الحركة الوطنية في الخارج” لجامعه ومؤلفه الحسن بوعياد، (ص: 98-99).