تحديد الأهداف وتنويع مصادر الإساءة خطة غربية مدروسة

تكررت في الآونة الأخيرة الإساءة إلى مقدسات المسلمين بشكل لافت للنظر، كما تنوعت مصادرها وتعددت اتجاهاتها، مما ينم عن منهجية غربية ثابتة في مواجهة معتقدات الأمة وثوابتها، وهو ما يعني بالضرورة أهمية إيجاد استراتيجية شاملة للمواجهة لا تقف عند حد الانفعال العاطفي المجرد.

فالغرب في إساءته القبيحة تلك للأمة انطلق من منهجية واضحة وراسخة في ذهنه، ولم تكن خبط عشواء أو ارتجالية كما يزعم بعضهم، أو ردَّ فعل على هجمات الحادي عشر من شتنبر، بل نرى تناغماً من ورائه قوى تحركه في ظلام الجهل والحقد الغربي على الأمة الإسلامية.
وهذه بعض خيوط ذلك المنهج الآثم من واقع ما مر بنا من تجارب مريرة انتُهكت فيها أعظم مقدسات الإسلام:

شمول الإساءة لكل ما هو مقدس في الإسلام
الإساءة الغربية للمقدسات الإسلامية لم تقتصر على شيء واحد، بل تعددت أوجهها؛ فبعضها تعرّض للإسلام ذاته، وانتهاكات أخرى وُجِّهت لكتاب الله عز وجل، وثالثة تعرضت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ورابعة وُجِّهت إلى بعض شعائر الدين كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والحجاب، وتعدد الزوجات، والإرث، وذبيحة العيد، والقوامة.. واللائحة تطول.
فقد انتُهِكت حرمة كتاب الله، ووضع في القاذورات والمرحاض، وفي رسالة نشرتها صحيفة “فولكسكرانت” الهولندية بعنوان “كفى.. امنعوا القرآن” وصف النائب الهولندي “جيرت فيلدرز” رئيس حزب الحرية المصحف بأنه “كتاب فاشي” وطالب بمنعه من البلاد.
وتعرَّض نبينا صلى الله عليه وسلم للسخرية من خلال الرسوم المسيئة في صحف الدنمارك والنرويج والسويد، هذا فضلاً عن المقالات والكتب التي عرضت له ولحياته بطريقة مهينة تنم عن حقد دفين.
واقترن الإسلام بالإرهاب بعد الهجمة التي قادتها الولايات المتحدة عقب أحداث الحادي عشر من شتنبر، وظهرت الدعوات اليمينية التي تدعو إلى طرد المسلمين من أوروبا متزامنة مع تصريح بابا الفاتيكان بأن الإسلام انتشر بالإكراه وحد السيف.
ويواجه النقاب والحجاب حرباً مستعرة في عدد من الدول الأوروبية، حيث أبدى مفوض العدل بالاتحاد الأوروبي “فرانكو فاتيني” معارضته للحجاب، زاعماً أن ارتداء المرأة المسلمة له داخل المجتمعات الغربية يزيد عملية الاندماج صعوبة، وأنه يتعارض مع القيم والنظم الأوروبية الحضارية.
وأبدت تصريحات ساركوزي الأخيرة مدى تهافت القيم العلمانية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية حين صرح بأنه “لا يمكن أن نقبل في بلادنا نساء سجينات خلف سياج ومعزولات عن أي حياة اجتماعية ومحرومات من الكرامة، هذه ليست الرؤية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية بالنسبة لكرامة المرأة”.
وقد أصدرت فرنسا سابقا قانوناً يحظر ارتداء الحجاب في المدارس، وتحظر بعض الولايات الألمانية على المعلمات في المدارس الحكومية ارتداء الحجاب، وكذلك حظرت إيطاليا جميع أغطية الوجه بأنْ أعادت العمل بقوانين قديمة كانت قد صدرت لمواجهة ما يسمى “الإرهاب” المحلي.

الهجوم من قِبَل كافة التيارات والشخصيات
لم يعد التهجم على الإسلام والنَّيل من مقدساته حكراً على فئة بعينها، بل شمل كافة القطاعات الغربية بما فيها رجال السياسة والصحفيين والممثلين ورسامي الكاريكاتير، وشرائح عدة من المجتمع الغربي.
فرئيس حزب التقدم النصراني النرويجي “كارلي هاغين” المعادي للعرب والمسلمين تهجَّم علانية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه بأنه يجبر الأطفال على قتل الآخرين لأسلمة العالم.
والكاهن والواعظ السويدي “رينار سوغارد” وصف في جريدة “أفتون بلادت” رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم بأنه مرتبك للغاية…”.
وصحيفة “مغازينات” النرويجية أعادت نشر 12 رسماً ساخراً للرسول صلى الله عليه وسلم بدعوى حرية التعبير، وذلك بعد أن نشرتها “يلاندز بوسطن”.
إذن الغرب يحرص على تنوُّع مصدر الإساءة؛ فمرة تأتي من الفاتيكان، وأخرى من السويد، وثالثة من الدنمارك، ورابعة من فرنسا.. وهكذا تأتي السهام من أكثر من جانب ومن أكثر من دولة وجهة، بهدف تفريق الجهود الإسلامية ومنع تجمُّعها على مصدر واحد وتشتيت قوتها، وحتى لا تحمل عاصمة واحدة أو جهة واحدة عبء المواجهة وحدها. (انظر الإساءة إلى المقدسات الإسلامية منهجية الغرب وإستراتيجية المواجهة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *