ابن عبدون أبو محمد عبد المجيد بن عبد الله

هو الوزير الفقيه اللغوي النحوي العالم، ومن له المناقب والأحساب الشهيرة والمكارم؛ بحر العلم الزاخر، وفخر الأوائل والأواخر، الذي يهتدي بنجم فضله المهتدون، أبو محمد عبد المجيد بن عبد الله:

وقد ذكرنا قبل قصيدته المحتوية على جميع الفنون، التي أنشدنيها عنه القاضي أبو عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون. وأنشدني له أيضا:
وما أنْسَ بين القَصْر والنِّهِر وَقْفَةً *** نَشدتُ بها ما ضَلَّ من شارِدِ الحُبِّ
رَميتُ بعيْـني رَمْيةً سَمَــحت بها *** فلم أثْنِها إلا ومَجـــروحُهــا قَلْبـــي
وله:
مَررتُ على الأيّاِم من كل جَانبٍ *** اصَــعِّدُ فيها تَارة وأصــــوِّبُ
يُنِير لِيَ الثَغرانِ: صبحٌ وصارم *** ويكتُمني القلبان: لَيلٌ وَغَيْهب
لقَـــــد لَفظَتْني الأرضُ إلاّ تَنُوفَةُ *** يُحـدثني عنهــا العِيانُ فيَكذب
ومما قاله، وجمع فيه حروف الزيادة:
سألتُ الحُروف الزائداتِ عن اسمها *** فقالت ولم تَكْذِب أمانٌ وتَسّهيلُ
قال أبو الفتح بن جني في كتاب “التصريف الملوكي” له ما هذا نصه:
“القول على حروف الزيادة، وهي عشرة أحرف: الألف والياء والواو والهمزة والميم والتاء والنون والهاء والسين واللام، ويجمعها قولك: اليوم تنساه؛ ويقال أيضا: سألتمونيها. ويحكى أن أبا العباس سأل أبا عثمان عن حروف الزيادة، فأنشده أبو عثمان:
هَوِيُت السّمانَ فشَيّبنني *** وما كنتُ قدِيماً هَوِيتُ السِّماناَ
فقال له أبو العباس: الجواب؟ فقال: قد أجبتك دفعتين. يعني قوله: هويت السمان”.
وأبو العباس، الذي ذكره، هو محمد بن يزيد المبرد. وأبو عثمان هو المازني. وإنما ذكرنا هذا بسبب بيت الوزير ابن عبدون الذي ذكر فيه حروف الزوائد، وهي قوله: “أمان وتسهيل”. وهي أحسن من جميع الألفاظ التي جمعوا فيها حروف الزوائد، لما فيها من عذوبة اللفظ وسهولة النطق بها وحسن التفاؤل. فحروف الزيادة هي حروف “هويت السمان” وهي الهاء والواو والياء والتاء والهمزة، في أول السمان دون أن تصلها، واللام والسين والألف الساكنة والنون.
وقرأت بمدينة شريش شذونة على فارس الفقه والنحو والشعر، القاضي العدل أبي الحسن علي بن أحمد بن لبال الأمتي في كتاب “المحكم في حروف المعجم” ، وذكر حروف الزيادة وذكر ما تقدم من قولهم: “اليوم تنساه” التي هجاؤها: الهمزة، في الألف الأولى واللام، والياء والواو والميم والتاء والنون والسين والألف الساكنة والهاء.
“وسألتمونيها” عشرة أيضا: السين والهمزة واللام والتاء والميم والواو والنون والياء والهاء والألف. وزاد في كتابه “أسلمني وتاه” وهي أيضا من الألفاظ المستعذبة إلا أنها لا تدخل في الوزن. وتفسيرها: الهمزة الأولى والسين واللام والميم والنون والياء والواو والتاء والألف والهاء. ولشيخنا فيها جمعان ذكرهما في كتاب المحكم له.
وله وقد أنزله المتوكل على الله بدار وكفت عليه، فكتب إليه:
أيا سامياً من جــانبـــيه إلى العُــلا *** “سُـموَّ حَبــاب الماء حـــالاً على حال”
لِعبـــدك دارُ حلَّ فيـــها كـــأنَّـــها *** “ديـــارٌ لسَــلْمى عافياتٌ بذي الــخَال”
يقولُ لـها لَّما رأى مـــن دُثُـورها *** “ألا عِمْ صَـباحاً أيــها الطّــَلَلُ البــالي”
فقـــالت ولم تَعـــْبَأ بــردّ جـــوابه *** “وهل يَعِمَنَ من كان بالعُصُر الخالي”
فَمُرْ صَاحِبَ الأنزالِ فيها بفَاضِل *** “فإنَّ الفــتى يَهـــذي وليـــس بفَـعــّال”
من كتاب: المطرب من أشعار أهل المغرب
لابن دحية الكلبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *