وقفات مع كتاب التعالم المؤلفات في التعالم إعداد عابد عبد المنعم

“العلم النافع هو ما باشر القلب فأوقر فيه معرفة الله وعظمته وخشيته، وإجلاله وتعظيمه ومحبته، ومتى سكنت هذه الأشياء في القلب خشع فخشعت الجوارح تبعا له”، فالعلم الذي لايوجب الخشوع في القلب علم غير نافع.
ولا تتحقق الخشية إلا بضوابط تعصم طالب العلم الشرعي من الوقوع في الزلات والمخالفات، وأعظمها طلب العلم رياء وسمعة، وقد ورد في الصحيح أن أصحاب هذه النية هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة والعياذ بالله.
ولما شاع في هذا الزمن -للأسف الشديد- تصدر أشباه العلماء مجالس العلم، وانتصابهم للفتوى دون تأهل علمي، ولما تكدرت نية طلب علوم الشريعة بحب الظهور والرياء والسمعة، وقف العلماء بالمرصاد في وجه من هذا حاله، فصنفوا المؤلفات والرسائل والكتب للتحذير من هذا الداء العضال: داء التعالم.
ومن تلكم الكتب النافعة كتاب “التعالم” للعلامة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد، وهو كتاب قيم في الباب، جدير بكل طالب علم أن يدرسه دراسة دقيقة، وأن يوليه عناية فائقة، وقد أحببنا أن نتوقف في هذا الركن مع بعض فصوله.

في كتب آداب المفتي وكتب آداب الحسبة بحوث حافلة، لا سيما في كتاب معيد النعم ومبيد النقم للسبكي رحمه الله، وفي هذا الكتاب شرور لا تخفى.
وانظر في كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي رحمه الله، وفي كتاب فضل علم السلف على الخلف للحافظ ابن رجب رحمه الله، أبان على مثل هذا، لاسيما كثرة التزيد في الكلام من المتأخرين, وأن الحال كما قال شيخه ابن القيم رحمه الله تعالى: “كلام المتقدمين قليل كثير البركة, وكلام المتأخرين كثير قليل البركة”.
وللأديب على بن زيد البيهقي المتوفى سنة 575هـ رحمه الله رسالة باسم: تنبيه العلماء على تمويه المتشبهين بالعلماء، ومضى في المقدمة ذكر رسالتي النابلسي والجزائري وللزياني المغربي المتوفى سنة 1249هـ رسالة باسم تحفة النبهاء في التفرقة بين الفقهاء والسفهاء.
وللشوكاني رحمه الله تعالى آداب الطلب ومنتهى الأرب1.
ولابن فكون الجزائري رحمه الله تعالى رسالة باسم: منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية.
وللشيخ محمد عبده منير أغا الدمشقي كتابه الحفيل2 نموذج من الأعمال الخيرية، كشف فيه عن عبث الورَّاقين والكتبيين والمصححين, في ثروة الأمة على حساب تعالمهم.
ولمحمد بدر الدين الحلبي رحمه الله كتابه النافع: التعليم والإرشاد في مجلدين طبع عام 1324هـ بمطبعة السعادة بمصر, ولم أقف إلا على الأول منه، وهذا الكتاب مهم في بابيه, ولو كان منتشرا لكفى.
لكن لابد من هسمة في أذن المعاصرين من واقع الحياة المعاصرة, وفيها صدرت رسالة باسم: زجر السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء للأستاذ جاسم الدوسري.
وفي مجلة العرب حلقات متتابعة في أعداد منها بعنوان: الدكاترة وعبثهم في التراث للأستاذ حمد الجاسر, انظرها تجد عجبا ممن وصلوا النهاية شكليا لكنهم في الحقيقة خواء3:
في شَجَر السَّرْوِ4 لهم شَبَه ٌ له رُوَاءٌ5 ومَا لَهُ ثَمَرُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الأرب: الحاجة
2- الحفيل: الحافل بالبحوث الكثيرة الجامعة.
3- خواء: فراغ.
4- السرو: جنس شجر للتزين ليس له ثمر واحدته سَروة.
5- الرواء: المنظر الحسن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *