بين سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس وللشيطان أولياء، ففرَّق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فقال تعالى: “اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” البقرة.
وذكر أولياء الشيطان فقال: “إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ” آل عمران، وقال: “إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ”. الأعراف.
وإذا عرف أن الناس فيهم أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء كما فرق الله ورسوله بينهما.
وقد نبه العلماء على أن أولياء الله تعالى لا يميزون عمن سواهم بخوارق العادات، لأن هذه الخوارق كما تقع لأولياء الله فقد تظهر على أيدي أعدائه، وإنما يُعرفون ويُميَّزون بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دل على خبرها الكتاب والسنة. (مجموع فتاوى ابن تيمية 10/431، 11/214،271،274).
وفي ذلك يقول الشوكاني رحمه الله تعالى: والحاصل أن من كان من المعدودين من الأولياء، إن كان من المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله، مقيما لما أوجب الله عليه، تاركا لما نهاه عنه، مستكثرا من طاعاته، فهو من أولياء الله تعالى، وما ظهر عليه من الكرامات التي لم تخالف الشرع، فهي موهبة من الله عز وجل لا يحل لمسلم أن ينكرها.
ومن كان بعكس هذه الصفات، فليس من أولياء الله سبحانه، وليست ولايته رحمانية، بل شيطانية، وخوارقه من تلبيس الشيطان عليه وعلى الناس. وليس هذا بغريب ولا مستنكر، فكثير من الناس من يكون مخدوما بخادم من الجن أو بأكثر، فيخدمونه في تحصيل ما يشتهيه وربما كان محرما من المحرمات. والمعيار الذي لا يزيغ، والميزان الذي لا يجور هو ميزان الكتاب والسنة. فمن كان متبعا لهما معتمدا عليهما، فكراماته وجميع أحواله رحمانية، ومن لم يتمسك بهما ولم يقف عند حدودهما فأحواله شيطانية. (قطر الولي للشوكاني ص 272).
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن ضابط التفريق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ما يتلبس به العبد من قول وفعل وحال، فإن كان وفق ما يحبه الله ويرضاه في الأمور الباطنة التي في القلوب وفي الأعمال الظاهرة التي على الجوارح، كان صاحبه من أولياء الله، وإن كان معرضا في ذلك عن كتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، مخالفا لهما إلى غيره، فهو من أولياء الشيطان.
ثم قال: فإن اشتبه عليك، فاكشفه في ثلاثة مواطن: في صلاته، ومحبته للسنة وأهلها أو نفرته عنهم، ودعوته إلى الله ورسوله وتجريد التوحيد والمتابعة وتحكيم السنة، فزنه بذلك، ولا تزنه بحال ولا كشف ولا خارق، ولو مشى على الماء وطار في الهواء. (الروح لابن القيم ص 359).