زيارة “ليفني” للمغرب خيانة للقضية الفلسطينية وهدر لدم شهدائها نبيل غزال

خلال أحداث غزة الدامية حرصت وزيرة الخارجية الصهيونية آنذاك “تسيبي ليفني” على أن تظهر على شاشات التلفزيون الأمريكي نحو 8 مرات منذ بدء العدوان على غزة، كما ظهر وزير الحرب “إيهود باراك” نحو 3 مرات، وذلك لتحسين وجه الكيان الصهيوني القبيح، وبيان أن ما تقوم به الترسانة العسكرية في قطاع غزة هو دفاع عن النفس ليس إلا، واليوم وبعد مرور قرابة سنة عن العدوان، وبعد صدور تقرير “كولدستون” الذي سوى بين الضحية والجلاد، وأدان مصاصي الدماء في الحكومة الصهيونية، سقطت أسطورة شعب المحرقة، والشعب المضطهد المقهور، وفزاعة الدولة الديمقراطية في المنطقة العربية، وأصبح قادة الحكومة الصهيونية السابقة ممقوتين عند كافة سكان الأرض، محاصرين داخل دويلتهم اللقيطة.

إلا أن الزيارة الأخيرة التي قامت بها عميلة الموساد السابقة، وزعيمة حزب كاديما، السفاحة “تسيبي ليفني” للمغرب، جعلت كل القوى والفعاليات في هذا البلد -باستثاء الدخلاء من المتطرفين العلمانيين ومن شايعهم- تقف مشدوهة فارغة فاها مما وقع، وتولد عندها استياء عارم مما حدث.
فكيف لبلد كالمغرب أن يستقبل من باشرت الحرب ضد أطفال رضع، وشيوخ ركع، ونساء لا حول لهم ولا قوة؟
كيف لبد كالمغرب أن يستقبل من نقض كل المواثيق والاتفاقيات، والأعراف والقيم؟
إننا إن كنا ننسى فلن ننسى أبدا شلال الدم الذي تدفق في غزة.
لن ننسى صراخ الأمهات على فقد أبنائهم، وصرخات الأطفال جراء بتر أعضائهم.
لن ننسى جميلة التي فقدت رجليها، ولم تغادر البسمة محياها..
لن ننسى لؤي الذي طمست عيناه، ولم تخمد عزيمته وشجاعته وقواه..
لن ننسى محمد الذي أخذ العهد على نفسه وهو بالمستشفى أن يرجع ليحرر المسجد الأقصى..
لن ننسى الأخوات الخمس اللواتي متن في حضن أبيهم وأمهم.
ولن ننسى الأخوات الثلاث اللواتي رماهن العدو بالرصاص فما نجت منهن إلا واحدة..
لن ننسى قنابل الفسفور الأبيض التي حولت ليل غزة نهارا.
لن ننسى.. لن ننسى..
فخلال 23 يوما من العدوان الصهيوني على قطاع غزة أمطرت حكومة الكيان الصهيوني الذي كانت تشغل به ليفني وزارة الخارجية قطاع غزة وقصفته برا وبحرا وجوا، وقصفته ليلا ونهارا بأسلحة محرمة دوليا، وأخرى تجرب لأول مرة في أرض غزة، كل هذه الترسانة الحديثة المتطورة سخرت للإجهاز على شعب أعزل لا يملك بعد الله تعالى سوى مقاومة تعتمد أسلحة بدائية.
إن إقدام معهد “أماديوس” على استدعاء مجرمة الحرب تلك لحضور المؤتمر الذي نظمه على مدار ثلاثة أيام ليناقش قضايا الصراع مع الكيان الصهيوني وسبل إيجاد حل سريع لها، لا يمكن اعتباره بحال من الأحوال إلا تطبيعا مع من لطخت أيديهم بدماء المسلمين العزل الأبرياء، وتحد سافر لشعور ملايين المغاربة، وهضما لحقوق الفلسطينيين المسلمين، وقد حاولنا جاهدين أن نجد مبررا لتلك الزيارة المشؤومة، وقلبنا الموضوع وجها لظهر وظهرا لوجه، فحرنا جوابا.
ثم إن مثل هذه السلوكات المتهورة والمستفزة لعموم الشعب المغربي -الذي يعيش قضايا أمته- يعتبر من العوامل الرئيسة في تذكية سعار الإرهاب والتطرف الذي عانينا بعد أحداث 16 ماي الدامية، ونعاني منه اليوم أيضا وبشدة ممن ابتلوا باللوثة الفكرية والنكسة العقائدية من المتطرفين العلمانيين.
وقد علق أحد الصحفيين المتطرفين من جريدة الأحداث على زيارة السفاحة ليفني بقوله: “وأنا هنا أريد أن أركز على الموقف الشعبي المغربي من مثل هذه الأحداث، الناس لا تكترث، بل هي تضع مثل هذه اللقاءات في حجمها الطبيعي، وتعتبر أنه من العادي أن يلتقي ساسة مع بعضهم للعثور على حلول للمشاكل الموجودة. والأكثر طبيعية في كل هذا أن اللقاء يتم بين متخاصمين وليس بين متصالحين، والأكثر اعتيادية بالنسبة لرجل الشارع المغربي هو أن يقترح البلد المتسامح الرحب المسمى المغرب نفسه مهدا لكل اللقاءات المتوقعة وتلك أكثر بعدا عن التوقع. هذا هو العادي والعكس أن نسمع من المغرب مواقف متشنجة مثل تلك التي تصدر عن الدول الموغلة في مشرقيتها وتخلفها” (الأحداث ع:3896، بتاريخ:24 نونبر 2009).
إن المغاربة لا يكترثون فحسب لمثل هذه الزيارات بل يتفاعلون معها بشدة، ذلك أن القضية الفلسطينية هي قضيتهم وقضية المسلمين جميعا، ويكفي دليلا على ذلك مواقف المغاربة حكاما ومحكومين من عدوان غزة، وتهويد القدس، وهدم الأقصى..، ثم إن مثل هذه المحاولات العلمانية الرامية إلى فصل المغرب عن امتداده الديني والعقدي باتت مفضوحة مكشوفة.
كلمة أخيرة نقولها لمن يصدع رؤوسنا دوما بالحديث عن التسامح والتعايش: من فضلكم لا تحدثونا عن التسامح الديني ونبذ الحقد والكراهية، واذهبوا هنالك إلى غزة والضفة والخليل.. وشنفوا أسماع المستوطنين حاملي الكلاشنيكوفات والرشاشات التي تخترق رصاصاتها الغزيرة صدور أبناء فلسطين الأبرياء، فكل حديث عن التسامح يتلاشى عندما نتحدث عن اليهود والنصارى وكأن المسلمين هم من يصنع ويجرب الأسلحة النووية وغيرها في هذا العالم الضيق على المسلمين، الفسيح على كل صهيوني أو صليبي.
وفي الختام لسنا ندري من أيهما نعجب، أمن وقاحة العلمانيين الذين لا يبالون بمخالفة مبادئهم وقيمهم التي يطبلون لها ليلا ويزمرون بها نهارا، أم من التطبيع العلني للعلاقات مع من لا تزال أيديهم ملطخة بدماء المسلمين الأبرياء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *