جاء في موقع وزارة الشؤون والأوقاف الإسلامية في مقال بعنوان: “النهوض بأوضاع القيمين الدينيين من أجل بعث دور المساجد الطلائعي”: “وفي هذا السياق ونهوضا بأوضاع القيمين الدينيين، أعطى جلالة الملك محمد السادس تعليماته السامية بتخصيص مكافأة مالية قدرها 150 مليون درهم لفائدة 32.432 إماما، مما رفع الحد الأدنى للمكافآت التي سيتلقاها الأئمة إلى 11 ألف درهم سنويا”.
ففي إطار تأهيل الحقل الديني بالمغرب ودعم الخصاص والنقص الذي يعرفه التعليم والتوجيه الديني للمغاربة وفي إطار الالتفاتة الملكية السامية، كان لزاما على الوزارة الوصية أن تكرم أهل العلم والقرآن، وأن تحافظ على العديد من القيمين الذين أعفتهم من وظائفهم، خاصة بعد أن عرفوا بين الخاصة والعامة بنشر العلم والتوجيه السليم، ووعظ الناس.
كما أن جملة من القيمين الدينين بعد المطالبات المتعددة للمسؤولين بالنظر في قضاياهم، ومقابلتهم بالرفض، أسسوا الجمعية الاجتماعية للقيمين الدينيين للدفاع عن قضاياهم، كان آخر نشاط لها أن راسلت الوزير.
وقد توصلت جريدة السبيل بنسخة من الرسالة الموجهة إلى السيد وزير الأوقاف أحمد توفيق، يشتكي فيها القيمون الدينيون من الظلم الواقع عليهم وأنهم ضحايا مشاريع إصلاحية في المجال الديني، بقولهم: “فلا الأعراف ولا العادات وحدها تستطيع ضبط شؤون المساجد والقائمين عليها كذي قبل. ولا التقاليد القديمة أيضا تقدر على حسم مشاكلها ومسايرة تطوراتها. والكل يسعى لاستغلال المساجد لمصالحه وترويج أفكار شيعيته، وأن الضحية الوحيدة للخلافات والنزاعات التي تقع في المساجد هو الإمام”.
وقد شنعت الوزارة على هؤلاء القيمين الدينيين غير مرغوب فيهم بقولها: “مَن هؤلاء ليقترحوا وينتقدوا ويطالبوا ويستبصروا؟ يجب عزلهم وإعفاؤهم، وإن الوزارة وحدها هي التي لها الحق في تنظيم شؤون المساجد وإخضاع القيمين عليها لاقتراحاتها وقراراتها”.
وشددت الرسالة في كون “الضغوطات وحدها لا تكون حلا للمشكل وإن الإعفاءات أيضا دون النظر إلى عواقبها ستزيد الوضع تأزما والمشكل تفاقما”.
وفي شأن الاعتذار عن إعفاء بعضهم، وإلزامهم بالشواهد الدراسية، جاء في الرسالة: “لم يكن لدينا يومئذ ما لدى تلاميذ اليوم من أدوات مدرسية ووسائل عصرية، علاوة على ذلك تحت ضغط الفقر والتهميش والحرمان (سكان البادية المغربية)، لكن بفضل معلمينا ومربينا أئمة المساجد وفقهاء المدارس العتيقة وبوسائلهم المحدودة أيضا، استطعنا أن نقاوم تحديات الإكراهات وفي صراع مع الضغوطات..، بعدها مباشرة اكتشفنا أن لكل مجال رجاله ولكل ميدان فرسانه وأن عصرنا اليوم ليس كعصر تقادم عهده، فوجئنا بمجتمع جل قطاعاته مقننة تتطلب الحصول على شواهد تعجيزية بالنسبة لنا إذ لم نسلك طريقتها من ذي قبل، كما اكتشفنا أن طبيعة تكويننا لا تخوِّل لنا الانخراط في تلك المجالات وبسبب عجزنا أمامها وانسداد الأفاق في وجوهنا لم نجد بدا سوى العمل في تلك المساجد نفسها معتقدين أنها ستحتضننا بما لنا وما علينا كما احتضنتنا أيام طفولتنا وشبابنا” اهـ.
هذا ويذكر أن الوزارة منذ عدة سنوات أعفت العديد من القيمين الدينيين، ومن بينهم ثلة علمية مباركة، وقد قيل أن المذكرة التي حضت الأئمة والخطباء على دعوة الناس لزيارة الأضرحة ورطت عددا منهم، لأنهم رفضوا هذه الدعوة جملة وتفصيلا، لأن تلك الفضاءات مليئة بالأفعال المخالفة للشريعة الإسلامية، وعلى رأسها بعض الشركيات المنافية للتوحيد، والانحرافات السلوكية المخالفة للأخلاق الحميدة.
فهل سيطال الإعفاء هؤلاء القيمين حتى يرضخوا لتوصيات المشروع التساوقي بين الديني والسياسي الذي اعتمده الوزير، أم أن الوزير استبدلهم بغيرهم؟