مر معنا ذكر بعض الكتب المعتمد عليها في الفقه والفتوى عند المالكية وتتميما لذلك نقول: من الكتب الشهيرة فيما نحن بصدده:
كتاب التبصرة لأبي الحسن اللخمي المالكي رحمه الله.
يعد هذا الكتاب تعليقا على مسائل من المدونة جمع فيه مؤلفه بين إطلاقات المدونة وتقييداتها وعموماتها ومخصصاتها، وخالف في بعض مسائلها أقوال مالك وأصحابه، وقد كان بعض علماء إفريقية في القرن السادس وأوائل السابع لا يستجيز منها الإفتاء لاعتقاد أن ما فيها من مخالفة المذهب المالكي ناتج عن كونه لم يحررها. (انظر المعيار 1/37).
والصحيح أنه حررها ولذلك اعتمدها شيوخ المالكية فيما بعد كخليل رحمه الله الذي اعتمد عليها في مختصره كما هو معلوم عند أهل الشأن.
كتاب التبصرة لأبي إسحاق بن فرحون المدني المالكي رحمه الله
قال عنه الشيخ أحمد بابا: “لم يسبق لمثله، وفيه من الفوائد ما لا يخفى” نقلا عن تحقيق نظم المعتمد من الأقوال والكتب في المذهب المالكي لقومار ص:116، حاشية.
كتاب الجامع المسمى بـ: الجامع لمسائل المدونة والمختلطة وزياداتها ونظائرها وشرح ما أشكل منها لأبي بكر محمد بن يونس الصقلي المالكي رحمه الله، وقد جمع فيه رحمه الله بين المدونة والنوادر والزيادات فجاء جامعا لدواوين المالكية، ولذا اعتمده المالكية حتى سموه مصحف المذهب. (انظر الديباج المذهب 2/141، وشجرة النور 1/111، والفكر السامي 2/210).
كما اعتمد المالكية رحمهم الله ما ألفه الإمام المازري رحمه الله ومن مؤلفاته: شرح التلقين، والتعلقة على المدونة وغيرهما، قال عنه الهلالي رحمه الله: “كان آخر المشتغلين من شيوخ إفريقيا بتحقيق الفقه، المعروفين بدقة النظر ورتبة الاجتهاد، ولم يكن للمالكية في وقته في أقطار الأرض أفقه منه ” (نور البصر 77).
ومن الكتب المعول عليها كتب الإمام ابن رشد المالكي رحمه الله، ومن مؤلفاته: المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات والتحصيلات، وكتاب الفتاوي وهي من جمع تلميذه الفقيه أبي الحسن محمد بن أبي الحسن رحمه الله، وأعظم كتبه كتاب البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل، قال عنه محققه محمد حجي: “وقد أودعه ابن رشد جميع معارفه الفقهية التي اكتسبها من دراساته الواعية للمدونة وما كتبه عليها أئمة المذهب في نحو سبعة أجيال من الشروح”.
قال صاحب نظم بوطليحية:
واعتمدوا تبصرة الفرحوني *** وركبوا في فلكها المشحون
واعتمدوا تبصرة اللخمي *** ولم تكن لجاهل أمي
لكنه مزق باختياره *** مذهب مالك لدى امتيازه1
واعتمدوا الجامع لابن يونس *** وكان يدعى مصحفا لكن نسي
واعتمدوا ما ألف ابن رشد *** والمازري مرشدا لرشد
ومن الكتب المعروفة عند أهل العلم ومنهم السادة المالكية كتب الحواشي.
ذلكم أن التدوين قد اتخذ في مرحلة من مراحله في تاريخ العلم والفقه عند كثير من العلماء طابع الاختصار حتى وصل إلى درجة الإخلال بالمعنى وخفاء المقصود، وصارت العبارات أشبه شيء بالألغاز، فهذه المختصرات والتي سميت بالمتون احتاجت إلى شروح توضح معانيها وتزيل الإبهام والغموض عن عباراتها، فقام مؤلفوها أو غيرهم بشرحها فظهرت الشروح بجانب المتون، ثم ظهرت بجانب الشروح الحواشي وهي تعليقات وملاحظات على الشروح، والواقع أن الشروح والحواشي اهتمت بالمناقشات اللفظية والاعتراضات على الجمل والتراكيب حتى أصبح القارئ يتيه في هذه المناقشات والعبارات المغلقة والاختلافات حول ذلك، فكثرت المشاق في فتح الأغلاق، وضاع الزمن من غير ثمن حتى قيل: “من اشتغل بالحواشي ما حوى شيء” كما في الفكر السامي للحجوي رحمه الله 2/173، إلا أن هذه المقولة ليست على إطلاقها كما أشرنا إلى هذا المعنى فيما سبق وعليه كان من الحواشي المعتمد عليها عند المالكية عليهم رحمة رب البرية:
– حاشية ابن غازي.
– حاشية الشيخ أحمد بابا التنبكي.
– حاشية الشيخ مصطفى الرماصي.
– حاشية الطُّخَيخي.
– حاشية البناني.
– حاشية التاودي.
حاشية الرهوني عليهم رحمة الله.
انظر نور البصر ملزمة 21 ص: 2، و ومنار السالك 53.
مما قاله صاحب نظم بوطليحية في ذلك:
واعتمدوا حاشية الحطاب *** ومنه جاءت زبدة الأوطاب2
وشرح سالم ولكن ما سلم *** من خلل عند اختصاره الكلم3
إلى أن قال :
واعتمدوا حاشية ابن غازي *** وسيدي أحمد بابا البازي
واعتمدوا حاشية الطخيخي *** وهو بالتصغير كالفريخ
واعتمدوا حاشية لمصطفى *** على التتائي كسراج انطفا
وللبحث بقية..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. والسبب في هذا كما قالوا من أنه رحمه الله خرج أحيانا عن قواعد الإمام مالك رحمه الله في ترجيحاته ولذلك نقم عليه كثير من أتباع المالكية
قال قائلهم :
لقد مزقت قلبي سهام جفونها كما مزق اللخمي مذهب مالك
2. وهو اسم كتاب اختصر فيه الشيخ ميارة شرح الحطاب رحمهما الله.
3. قال الهلالي المالكي رحمه الله: “ومن الكتب المعتمدة شرح الشيخ سالم غير أنه قد يقع له خلل في بعض المواضع عند اختصاره كلام الحطاب”.